مانشستر يونايتد يدمر أحلام بيلباو في أفضل ليلة خلال عهد أموريم

  • شارك هذا الخبر
Friday, May 2, 2025

على بعد مئات الأمتار فقط من متحف "غوغنهايم"، رسم مانشستر يونايتد لوحته الخاصة غير المتوقعة والتي لا تنسى.

بدا الأمر أقرب إلى السريالية منه إلى الفن الحديث، لكن الفريق الذي كان يتخبط ويخفق في إنجلترا، والذي كان مهدداً بأن يصبح الأسوأ في تاريخ يونايتد منذ عقود، دخل واحدة من أكثر الأجواء رعباً في أوروبا، وتقدم بثلاثية نظيفة في الشق الأول من نصف نهائي بطولة قارية، وهيمن على اللقاء.

قال روبن أموريم سابقاً إن "لا شيء سينقذ موسمنا"، لكن ذلك كان قبل أفضل ليلة في ولايته، وقبل أن يعود حلم دوري الأبطال الذي بدا قبل هذا كله وهماً، ليصبح حقيقياً أكثر من أي وقت مضى.

وقال أموريم "لم يتوقع أحد هذه النتيجة". واعترف بسهولة بأنها أفضل مباراة له كمدرب ليونايتد.

هذا الانفجار الكروي طرح سؤالاً واحداً: أين كان هذا اليونايتد طوال الموسم؟ وإن كانت الإجابة في بيلباو، وتحديداً في ملعب "سان ماميس"، فإن ذلك قد يكون فألاً حسناً، إذ يمكن ليونايتد البدء في التخطيط للعودة إلى هذا الملعب في النهائي، ربما لمواجهة توتنهام، في مباراة تجمع أكبر فريقين مخيبين للآمال في الدوري الإنجليزي الممتاز يتصارعان على المجد الأوروبي.

أما بالنسبة لأتلتيك بيلباو فقد يتحول حلم خوض النهائي على أرضهم إلى ذكرى مؤلمة عما كان بإمكانهم تحقيقه، فقد تحطمت طموحاتهم في 16 دقيقة من القسوة، حين سجل يونايتد ثلاثية قاسية.

وقال هاري ماغواير "وضعنا قدماً في النهائي". وربما كانت قدمه اليمنى تحمل بعض السحر بالفعل.

لقد كان الشوط الأول استثنائياً وانفجارياً وشهد بروز أبطال من جهة يونايتد، ووجه شرير أمام أتلتيك، وهو الحكم النرويجي إيسبن إسكاس، الذي خرج من الملعب وسط صافرات الاستهجان بعد أن أشهر البطاقة الحمراء في وجه داني فيفيان.

لكن يونايتد كان لديه الكثير ليبهر به، بداية من إنقاذ هدف مصيري من فيكتور لينديلوف من على خط المرمى والنتيجة لا تزال (0 - 0)، وربما هي هدية وداع من لاعب يتوقع رحيله في الصيف. وتمريرة بالكعب من مانويل أوغارتي صنعت أحد الهدفين، في لقطة نادرة من الأناقة لم يظهرها كثيراً هذا الموسم، وقذيفة من نصير مزراوي ارتطمت بالعارضة، وحتى هاري ماغواير قدم عرضاً أشبه بما كان يقدمه ستانلي ماثيوز، وعلق برونو فيرنانديز مبتسماً "يا له من جناح! لا أعتقد أنه يعرف حتى أن هذه المهارة في جعبته".

وإن بدا كل شيء غير قابل للتصديق، فقد كان هناك على الأقل قدر من المنطق في هوية النجمين الأبرز في المشهد.

كاسيميرو استعاد مستواه أخيراً، مذكراً الجميع لماذا هو لاعب فاز بدوري أبطال أوروبا أكثر مما فعل مانشستر يونايتد نفسه، أما برونو فيرنانديز فقد كان رائعاً في موسم عصيب على الفريق، وقد ينهيه وهو يحمل كأس الدوري الأوروبي، بصفته هداف البطولة وأفضل لاعبيها.

ثنائيته في بيلباو رفعت رصيده إلى سبعة أهداف في مسابقة هذا العام، وأظهر هدوءاً لافتاً سواء في التسديد من نقطة الجزاء أو حين انفرد بالحارس.

وهكذا سجل مانشستر يونايتد ثلاثة أهداف في الشوط الأول من مباراة إقصائية أوروبية خارج أرضه للمرة الأولى منذ عام 1966، منذ أيام جورج بست ودينيس لو وبوبي تشارلتون.

الآن أصبح لدى يونايتد أهداف في الدوري الأوروبي أكثر مما سجل في "البريمييرليغ" خلال 2025.

لقد سجل يونايتد 14 هدفاً في آخر أربع مباريات منها ثمانية أهداف في آخر مواجهتين فقط.

وكان كاسيميرو هو المحرك، فهو لاعب الارتكاز الذي يضفي جودة هجومية على الفريق، وهو الفائز بخمسة ألقاب دوري أبطال أوروبا. وشارك في الأهداف الثلاثة الأخيرة أمام ليون، وهنا قدم إسهاماً جديداً ضخماً نحو ميدالية أوروبية جديدة، لكن تماماً كما حدث ضد ليون كان له شريك في الجريمة.

حينها سجل هاري ماغواير هدف الفوز في الدقيقة 121، أما هنا فكان ما فعله أكثر غرابة، إذ لعب قلب الدفاع العملاق دور جناح مراوغ، منطلقاً في مراوغة مزدوجة تخطى فيها ميكيل خاوريغيزار مرتين، قبل أن يرسل كرة عرضية إلى رأس أوغارتي، وأكملها كاسيميرو برأسية أخرى نحو الشباك.

وقال ماغواير بابتسامة "من الجميل أن أقوم ببعض المراوغات"، وهي جملة نادراً ما قالها في مسيرته.

ثم جاءت لحظة قد تبقى راسخة في ذاكرة إقليم الباسك، لفريق لم يفز سوى بلقب وحيد في أربعة عقود، حيث تعرض راسموس هويلوند للجذب من الخلف من قبل داني فيفيان، ما منعه من اللحاق بالكرة العرضية التي أرسلها نصير مزراوي، وقد حدث كل شيء بسرعة كبيرة، ولم ير الحكم إسبن إسكاس اللقطة في البداية، لكن غرفة الفيديو استدعته لمراجعة اللقطة على الشاشة، وكان في قراره النهائي ضرر مزدوج لأتلتيك، إذ أشهر بطاقة حمراء مباشرة لفيفيان، واحتسب ضربة جزاء ترجمها برونو فيرنانديز إلى هدف بهدوء تام.

وقال المدرب إرنستو فالفيردي غاضباً "كان العقاب قاسياً جداً"، وأشار إلى أنه يعتقد أن أليخاندرو غارناشو لمس الكرة بيده في بداية الهجمة، لكن مع طرد فيفيان، وبعد إجراء فالفيردي تبديلين مبكرين في الشوط الأول، سجل يونايتد هدفه الثالث، بعد تمريرة استثنائية من مانويل أوغارتي حررت فيرنانديز، الذي أنهى الكرة بتسديدة محكمة تجاوزت الحارس خولين أغيريزابالا.

بالنسبة ليونايتد، الذي سبق وأن فرط في تقدم (2 - 0) أمام ليون، والذي استقبل أهدافاً من فريق يلعب بـ10 لاعبين، كان هناك بعض أوجه التشابه في السيناريو، لكن الهدف الثالث صنع الفارق.

وعلى رغم أن كاسيميرو أصاب القائم في الشوط الثاني، فقد بدا أن المواجهة التي تلعب على 180 دقيقة قد حسمت في أول 45 دقيقة فقط.

ومع ذلك قال روبن أموريم بعد المباراة "الأمر لم يحسم بعد، يمكنهم أن يفعلوا بنا في أولد ترافورد مثلما فعلنا بهم هنا".

كانت رسالة أموريم واضحة... التفكير في أول 20 دقيقة أكثر من بقية المباراة، وقال "عانينا كثيراً في البداية، وطرد اللاعب غير مجرى اللقاء".

لقد أحرز أليخاندرو غارناشو هدفاً ألغي بداعي التسلل الطفيف، لكنه كان مؤشراً مبكراً على نية مانشستر يونايتد في تنفيذ مرتدات سريعة وحاسمة، لكن بالمقابل كاد إينياكي ويليامز أن يعاقبهم، حين تسلل من خلف الدفاع وسدد رأسية علت المرمى، في واحدة من أخطر فرص بيلباو.

وكان على فيكتور لينديلوف أن يتدخل بشكل بطولي ويبعد تسديدة أليكس بيرينغير من على خط المرمى، ولولا إصابة لوك شو وماتياس دي ليخت وديوغو دالوت ربما لم يكن لينديلوف ليلحق بالتشكيلة الأساسية من الأصل، لكنه تفوق بشكل لافت في دور البديل.

وكانت تشكيلة أموريم بالرسم التكتيكي (3 - 4 - 3) مفيدة في البداية، وسمحت ليونايتد بتمرير الكرة بثقة في الخط الخلفي.

وعلى رغم حدة اللقاء والأجواء النارية، أظهر الفريق هدوءاً استثنائياً في واحدة من أكثر الليالي توتراً، إذ كان ملعب "سان ماميس" يغلي بالصخب والهتافات.

وقال برونو فيرنانديز "كانت الأجواء جنونية. كنت أعلم أن لديهم شغفاً كبيراً، لكن لم أكن أتخيل أن الأمر بهذا الشكل".

المدينة بأكملها بدت مكسوة بالأحمر والأبيض، والهوس بالنادي كان واضحاً في الشوارع المكتظة بالمشجعين. لكن في الـ21 من مايو (أيار) الجاري قد يكون اللون الأحمر الذي يملأ شوارع بيلباو هو أحمر مانشستر يونايتد.

وقال برونو "نريد من جماهيرنا أن تسافر مرتين إلى بيلباو"، وهم بلا شك سيفعلون ذلك.


اندبندنت عربية