آسيا تايمز- كشمير تشتعل.. هل يتحوّل النزاع الإقليمي إلى أزمة عالمية؟
شارك هذا الخبر
Saturday, May 3, 2025
يشهد جنوب آسيا توتراً متصاعداً عقب هجوم دموي في كشمير أسفر عن مقتل 26 سائحاً، ما أثار مخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية بين الهند وباكستان.
أي تصعيد في جنوب آسيا قد يُربك طرق الإمداد والشحن الحيوية
وحذّر وزير الدفاع الباكستاني من احتمالات مواجهة هجوم هندي، بعد اتهام نيودلهي لباكستان بدعم الجماعة المسلحة المسؤولة عن الهجوم، وهو ما تنفيه الأخيرة.
وفي هذا الإطار، قال الكاتب الصحافي نايغل غرين في مقاله بموقع "آسيا تايمز"، إن هذا التصعيد ينذر بتداعيات اقتصادية وجيوسياسية قد تتجاوز حدود المنطقة، ويثير قلق المستثمرين العالميين.
الخطر النووي وأوضح الكاتب أن خطورة الأزمة الحالية تكمن في أن الاتهامات المتبادلة قد تتحوّل إلى تحركات ميدانية، مما يزيد من احتمالات اندلاع مواجهة بين قوتين نوويتين. وكما هو معلوم، فإن الأسواق العالمية تنفر من الغموض، وهذه المواجهة المرتقبة تُغرق إحدى أكثر المناطق الاقتصادية نمواً في العالم في دوامة من عدم الاستقرار.
ورغم أن كشمير شكّلت دوماً بؤرة صراع بين الهند وباكستان، فإن المواجهة الحالية تتزامن مع ظروف اقتصادية عالمية هشّة، وتراجع الإقدام على المخاطرة، وتصاعد النزعات الحمائية في اقتصادات كبرى، مما يجعل من التصعيد الراهن أكثر خطورة من أي وقت مضى.
تحولات الأسواق بدأت تداعيات الأزمة بالظهور فعلاً في الأسواق المالية. فقد سارع متداولو العملات إلى التحوّط ضد تقلبات حادة محتملة في الروبية الهندية والباكستانية.
أما أسواق السندات، فبدأت بإدخال علاوات مخاطر جيوسياسية ضمن تسعيرها.
وبالنظر إلى ما تشهده الأسواق العالمية أصلاً من اضطرابات نتيجة الحروب التجارية، فإن أي تصعيد عسكري في جنوب آسيا قد يكون الضربة القاصمة، خاصة إذا ما هدد طرق التجارة الإقليمية الحيوية أو إمدادات الطاقة.
تأثير الحرب الهند، خامس أكبر اقتصاد في العالم، ليست مجرد سوق ناشئة، بل تمثل قوة اقتصادية تجذب المليارات من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة. وأي نزاع كبير قد ينسف خططها التنموية، ويُربك سلاسل الإمداد، ويقوّض ثقة المستثمرين. وهذا بدوره سينعكس سلباً على شركات كبرى عالمية لها استثمارات واسعة في الهند، من عمالقة التكنولوجيا إلى شركات الطاقة.
أما باكستان، التي تُعاني أساساً من تضخم مرتفع وعملة ضعيفة وديون متصاعدة، فقد تجد نفسها في حالة اضطراب اقتصادي أشد. فستدفعها الحرب طويلة الأمد غالباً إلى طلب الدعم من صندوق النقد الدولي أو من حلفاء كالصين، مما قد يُعيد رسم التحالفات الإقليمية ويُحدث تحوّلاً في موازين القوى في جنوب آسيا.
وأشار الكاتب إلى أن الولايات المتحدة والصين لعبت دور الوسيط في أزمات سابقة لتخفيف التوتر بين الطرفين. لكن المشهد الجيوسياسي الراهن بات أكثر تصدعاً، فالولايات المتحدة غارقة في صراعاتها الداخلية، والصين باتت أكثر حزماً في مواقفها الدولية، مما يُضعف شبكات الأمان الدبلوماسية التي كانت تطمئن الأسواق.
ورغم أن الهند وباكستان ليستا من كبار منتجي النفط، فأي تصعيد في جنوب آسيا قد يُربك طرق الإمداد والشحن الحيوية ويرفع تكاليف التأمين ويزيد من هشاشة سلاسل التوريد. ومع ما يشهده سوق النفط العالمي من حساسية مفرطة تجاه التوترات الجيوسياسية، فمن المحتمل جداً حدوث قفزات في الأسعار.
تراجعات اقتصادية غير مباشرة وأكد الكاتب ضرورة نظر المستثمرين في التبعات غير المباشرة. فقد أقدمت الهند على تعليق معاهدة "نهر السند"، فيما أغلقت باكستان مجالها الجوي أمام الخطوط الهندية، وهي خطوات ليست رمزية فحسب، بل لها أثر فعلي على شبكات الربط الاقتصادي.
وعلى سبيل المثال، قد تؤدي أزمة المياه إلى تضخّم أسعار الغذاء في باكستان، في حين قد تضرب قيود الطيران قطاعي السياحة والنقل الجوي، مما يُفاقم من هشاشة التجارة العالمية في وقت تحتاج فيه إلى مزيد من المتانة.
وتعتمد الهند، التي تُعد واحدة من أسرع أسواق التكنولوجيا نمواً في العالم، على الاستقرار بشكل أساسي لاستمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية في مجال التعهيد ورأس المال الجريء. وأي تدهور أمني كبير قد يدفع بالشركات إلى تأجيل استثماراتها أو نقل أعمالها إلى دول أخرى، مما سينعكس مباشرة على أسهم التكنولوجيا التي تتسم بالتقلب في جنوب آسيا.
خطر سوء التقدير العسكري كلما زادت حدة الحسابات الاستراتيجية، زادت احتمالات سوء التقدير. وقد يكفي تحرك عسكري خاطئ أو رسالة مغلوطة لإشعال فتيل حرب شاملة. أما المستثمرون الذين اعتادوا على تجاهل المخاطر الجيوسياسية، فقد يُفاجَأون بخسائر ملموسة إذا ما اشتعل الصراع. مع ذلك، لا تخلو الأزمات من فرص. فقد تشهد شركات السلاح والأمن السيبراني طلباً متزايداً. ومن المتوقع أن يتجه المستثمرون نحو الذهب كملاذ آمن، إضافة إلى أصول مثل الفرنك السويسري والين الياباني والسندات الألمانية. وقد تعيد الصناديق السيادية والمؤسسات العالمية النظر في توزيعاتها الاستثمارية، وتفضّل الأصول في دول أكثر استقراراً سياسياً.
كشمير.. تهديد عالمي ورأى الكاتب أن الدرس الأهم الذي تُظهره هذه الأزمة أن الافتراض القديم بأن النزاعات الإقليمية يمكن احتواؤها دون تداعيات عالمية لم يعد يقوى على الصمود. فكشمير لم تعد مجرد بؤرة نزاع محلي، بل أصبحت تهديداً عالمياً حقيقياً.
وفي عالم مترابط وأكثر هشاشة من أي وقت مضى، قد يؤدي تصعيد في جنوب آسيا إلى سلسلة من التراجعات الاقتصادية في أسواق بعيدة كل البعد عن الهند وباكستان.