التهيّب من ورقة باراك.. هل يفجّر الحكومة؟- بقلم غادة حلاوي
شارك هذا الخبر
Monday, June 30, 2025
لم يكن ما قاله الموفد الأميركي إلى سوريا، توماس بارّاك، عن أن اتفاقات السلام بين سوريا ولبنان من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، أصبحت ضرورة، جديداً على مسامع المسؤولين في لبنان. فخلال زيارته الأخيرة، أبلغ بارّاك من التقاهم أن سوريا تتجه نحو التطبيع، وعلى لبنان أن يحذو حذوها، وإلّا ستتوجه الاستثمارات والمساعدات نحو سوريا. كما أشار إلى أن شروط المساعدة وإعادة الإعمار تشمل سحب السلاح والإصلاح. لكنه أوضح أن الاستثمارات في لبنان مرهونة بمسألة السلاح قبل الإصلاحات. في السابع من تموز، يُفترض أن يعود بارّاك إلى لبنان لنيل جواب لبناني موحّد حول الورقة التي قدّمها، والمتعلّقة بالانسحاب والحدود البرّية. وقد ضمّنها مجموعة من البنود أو الأسئلة، وقال إنها قابلة للنقاش، ويمكن تعديلها استناداً إلى المشاورات ونتائج النقاشات اللبنانية الرسمية. وعلى هذا الأساس، يبني لبنان نقاشاته، مقترحاً لكل بند أميركي بنداً مقابلاً.
وإذا كان باراك قد طرح صيغة "السلاح مقابل الانسحاب"، فإن لبنان اقترح مبدأ "خطوة مقابل خطوة"، أي أن تُقابل كل خطوة لبنانية بخطوة من جانب إسرائيل.
حتى الآن، لا يوجد موقف موحّد، بل مجرد نقاشات وآراء متباينة بين الرؤساء أو ممثليهم خلال الاجتماعات المخصصة لصياغة الرد.
ورقة قد تفجر الحكومة فيما يسعى رئيس الجمهورية، العماد جوزاف عون، إلى حصر النقاش بين الرؤساء الثلاثة للوصول إلى موقف وطني موحّد يُقر في مجلس الوزراء، يطرح رئيس الحكومة نواف سلام مسألة "حصرية السلاح" للنقاش على طاولة مجلس الوزراء، بهدف اتخاذ موقف رسمي يُسلّم إلى الموفد الأميركي. في المقابل، يعتبر "الثنائي" (حزب الله وحركة أمل) أنه لا حاجة لاتفاقيات جديدة، طالما أن الاتفاقات القديمة لم تُنفّذ بعد، وأن الموقف من السلاح والمقاومة ورد سابقاً في البيان الوزاري وخطاب القسم، ولا ضرورة لتكرار المؤكّد.
ويُخشى أن تؤدي هذه الاقتراحات إلى انقسام داخلي عمودي. وتبرز أولى المؤشرات من التباين في وجهات النظر حول كيفية التعامل الرسمي مع مضمون الورقة. الإصرار على عرض الموضوع على مجلس الوزراء من دون توافق مسبق قد يؤدي إلى انفجار حكومي. وخلال لقائه رئيس الحكومة، طلب الرئيس نبيه بري التمهّل في الرد على المقترحات الأميركية، معتبراً أنه لا داعي لبنود جديدة طالما أن هناك اتفاقاً سابقاً يلتزم لبنان حرفيته، وعلى الطرف الآخر الالتزام بتنفيذه.
هذا الموقف يدلّ على أن "الثنائي" غير متحمّس لعقد جلسة حكومية لتبنّي القرار من حيث المبدأ، كما لديه تحفظات على ما يُتداول حول برنامج "حصرية السلاح" الذي يُقال إن الحكومة تنوي مناقشته.
لا لاتفاق جديد وإذا كان "حزب الله" يرفض الإملاءات الأميركية، فإنه يعتبر أن مسألة السلاح شأن داخلي يُناقَش حصراً مع الدولة اللبنانية، وليس من صلاحية الولايات المتحدة فرض شروط. مع ذلك، توقف الحزب عند اقتراح "خطوة مقابل خطوة"، معتبراً إياه أقل حدّة من طرح باراك تسليم السلاح كشرط للانسحاب الإسرائيلي.
وخلال لقاء جمع الرئيس عون برئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد، تحدث عون عن ضغوط دولية تتعلق بمسألة حصرية السلاح، ورأى أن بإمكان المقاومة التجاوب وتسليم جزء من سلاحها، لا سيّما الثقيل منه. إلا أن اقتراحه تسليم السلاح الصاروخي قوبل برفض واضح من "حزب الله"، الذي تساءل: كيف يمكن إقناع الناس بتسليم السلاح فيما الاحتلال لا يزال قائماً، والعدوان مستمراً؟
ورغم الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، قرر "حزب الله" عدم التصعيد، وأحال المعالجة إلى المسار الدبلوماسي، متحملاً كلفة استمرار العدوان عليه وعلى بيئته.
المشكلة، كما يراها الحزب، تكمن في كيفية توحيد الموقف اللبناني حيال ملف السلاح وآلية مقاربته. فعندما يقول باراك: "لا تدعوا ترامب يغضب"، فإنه يعني أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى استخدام القوة لنزع السلاح، وربما شن اجتياح محدود عبر الحدود السورية، أو توسيع نطاق العدوان، كما هو حاصل اليوم.
لا يزال "حزب الله" متمسكاً بموقفه بأن الحديث عن السلاح في ظل استمرار الخطر الإسرائيلي هو بمثابة انتحار. يتواصل مع رئيس الجمهورية مباشرة، ومن خلال رئيس مجلس النواب نبيه بري. والبحث لا يزال في بدايته، وقد طلب التمهل إلى ما بعد عاشوراء لإبداء موقفه مما طُرح عليه.
الحزب ليس في عجلة من أمره، ويتفق مع بري بأن لا ضرورة لاتفاق جديد، طالما أن القديم لم يُنفذ بعد من قبل إسرائيل. كما أنه لا يعتقد أن رئيس الحكومة سيُقدم على دعوة إلى جلسة للنقاش من دون تشاور مسبق. وفي مواجهة صبر ترامب، يرى "حزب الله" أن صبره على الواقع اللبناني نابع من رهانه على تطورات إقليمية. فالأميركي، برأيه، لا يدخل مساراً إلا وينسحب منه لاحقاً.
وعندما يتحدث الحزب عن الخطر، فهو لا يقصد إسرائيل فحسب، بل أيضاً مجموعات مسلّحة، تشير تقارير رسمية إلى تمركزها على الحدود، بعضها يملك طائرات مسيّرة، لا سيما في مناطق البقاع والشمال. هذه المعطيات تثير القلق لدى "حزب الله"، الذي يرى أن المصلحة الوطنية تقتضي أن تنظر الدولة بواقعية، من دون الاتكال على الأميركي، بل من خلال مقاربة تجعل من المقاومة مصدر قوة للبنان، لا موضع تهديد.