خاص- النزاع يشتعل حول وقف دير سيدة الحقلة في دلبتا...ورئيس البلديّة يكشف التفاصيل!- كارين القسيس
شارك هذا الخبر
Saturday, June 28, 2025
خاص- الكلمة أونلاين
كارين القسيس
في خضمّ ما يشهده لبنان من نزاعات حول الأملاك العامة والوقفية، وتحديداً تلك التي تحمل طابعاً دينياً وروحياً، تبرز إلى الواجهة قضيّة دينيّة وعقاريّة حسّاسة في بلدة دلبتا الكسروانيّة، حيثُ تصاعد الجدل بين القيّمين على وقف دير سيدة الحقلة وبكركي من جهة، وبلدية دلبتا وأهالي البلدة من جهة أخرى، على خلفيّة عقد إيجار.
القضيّة، التي تمسّ أحد أبرز المعالم الروحيّة والتاريخيّة في البلدة، تحوّلت من مجرّد خلاف عقاري إلى مسألة كرامة دينيّة وحق جماعي.
وفي هذا السياق، يؤكّد رئيس بلدية دلبتا، السيّد جاك خويري، في حديث لموقع "الكلمة أونلاين"، أنّ أحد الأشخاص استأجر قطعة أرض واسعة تبلغ مساحتها نحو 70 ألف متر مربع من وقف دير سيدة الحقلة، بغرض إقامة مشروع سكني، إلاّ أنّ العقد المبرم يشمل ضمن نطاقه الدير وكنيسة المخلّص، وهو ما يُعدّ، برأي خويري، تجاوزاً غير مقبول، لأنّ المستأجر لا يمكن أن يُمنح ملكية معنوية أو مادية لأماكن عبادة وهبها الأجداد للصلاة.
ويُشدّد على أنّ العادة جرت بأن تتولى الرهبنات أو الإرساليات الكنسيّة مسؤوليّة إدارة مثل هذه المواقع الروحيّة، بتفاهم داخلي مع الإكليروس، حفاظاً على قدسيتها ودورها العام كأماكن عبادة متاحة للجميع، لا كممتلكات قابلة للاستثمار أو التصرّف التجاري.
ويلفت خويري إلى أنّ العقد يتضمّن بنداً يشترط التنسيق المسبق مع المستأجر عند إقامة أي احتفالات دينية من قبل بكركي أو دير السيّدة، الأمر الذي يُعدّ، بحسب وصفه، انتقاصاً من الدور الكنسي وروحيّة المكان.
ويضيف أنّ الكنيسة موهوبة من عائلة كريمة، آل ديب، للصلاة والتعبّد، وليس لتحويلها إلى مرفق تجاري أو ملحق بمجمّع سكني.
ويوضح رئيس البلدية أنّه طلب تعديل العقد بحيث يُستثنى الدير والكنيسة من نطاق الإيجار، معرباً عن استعداده لتوقيع مثل هذا العقد المعدّل فوراً، لأنّ بلدية دلبتا، بحسب القوانين، تملك الصلاحيّة لمنح التصديق على العقد أو رفضه، ما يعني أنّ المشروع لا يمكن أن يُستكمل دون موافقتها.
ويكشف أنّه بصدد تقديم كتاب رسمي إلى الصرح البطريركي بأسلوب لائق ومحترم، انطلاقاً من إيمانه العميق ومن قلب الكنيسة نفسها، مشيراً إلى أنّ بكركي أدرجت بنداً لحفظ حقها بالتنسيق المسبق في حال أراد المستأجر إقامة احتفالات دينية كالزفاف، لكنّ ذلك، بحسب خويري، يدلّ على وجود نية تجارية مستترة، وهو ما لا يمكن قبوله تحت أي ظرف.
ويؤكّد أنّ البلدة وأهلها لا يحملون أي موقف سلبي تجاه الشخص المستأجر، بل يعتزّون به، إلاّ أنّ المسّ بالدير والكنيسة يُعدّ خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه، مشدداً على أنّ أهالي دلبتا سيقفون صفاً واحداً دفاعاً عن إرثهم الروحي والمجتمعي مهما بلغت الأمور.
المسألة في جوهرها لا تتعلّق بشخص المستأجر أو بنيّاته، بل تتعلّق أوّلاً وأساساً بمخالفة أخلاقيّة تمسّ حرمة أماكن العبادة، وتحاول إخضاعها لمنطق التعاقد التجاري، ما يُعدّ سابقة مرفوضة وخطيرة على المستوى الروحي والمجتمعي.
ويختم بالإشارة إلى أنّ محامي المستأجر يلوّح بالذهاب مباشرة إلى محافظ جبل لبنان، السيّد محمد مكاوي، لتسريع الأمور، مضيفاً بلهجة واضحة: "إذا المحافظ بيقبل يأجّر جامع، نحنا منقبل نأجّر الكنيسة".
وفي انتظار ما ستؤول إليه هذه القضيّة الشائكة، تبقى كنيسة دلبتا وديرها رمزاً يتجاوز الحجر والبناء، لتُجسّد هوية بلدة لا تساوم على كرامتها الروحيّة، ولا تقبل بتقزيم قداسة أمكنتها تحت أيّ ذريعة كانت.