المهندس إيليّا يوسف سلوان "رجلُ العزيمة والوقار".. بقلم المحامي مكرم جان الغاوي
شارك هذا الخبر
Tuesday, June 24, 2025
كتب المحامي مكرم جان الغاوي:
تمرُّ الحياة بمراحلها على مسرح الوجود، تصادف فيها أشخاصًا لا يتجاوز ذكرُهم موعد اللّقاء، فيما تنطبع في الذّهن صورة آخرين، تنحفرُ في الذّاكرة ولا تُمحى. ألمهندس إيليّا يوسف سلوان؛ أمبراطوريّةٌ في العمل والعطاء. تعرّفتُ إليه من خلال والدي المحامي جان مسعد الغاوي الّذي سبقه إلى دار الخلود، قبلَ نحو سنتين، بعد علاقةٍ مهنيّة امتدّت لعشراتِ السّنوات، وقد تشابهَت بينهما الخصال: تفانٍ في العمل، دقّةٌ في المواعيد، عزيمةٌ ووقار، خَفَرٌ في العطاء، كرامةٌ لا تقبلُ المساومة، قرارٌ مدروسٌ لا يعرف التّراجع، ورأسٌ مرفوع لا ينحني إلاّ لخالقه... قد يأخذ الأمرُ بعض الوقت كي تحصلَ على ثقته، وحين تحصل عليها، يأتمنُكَ على روحه؛ ولكن حذارِ الخطأ، إذّاك. فالوفاءُ خطٌّ أحمر. عرفتُه عن قرب، فاكتشفتُ فيه ما خبرتُه سمعًا ونظرًا دون شهادة الآخرين. كانَ رجلَ إعمارٍ بلا منازع، لم يسجّلْ تأخيرًا في مشروعٍ استلمه، بل غالبًا ما كان يسلّمُ قبل المدّة المتّفق عليها. عصاميٌّ، له في بناء ذاته فضل خالقِه عليه وفضلُه على نفسه. أعطاه الربُّ من وزناته ما طاب له استثمارها شكرًا وجهدًا، فحفرَ اسمه في سجلّ الخالدين في مهنته، مشاريعَ ومُنشآت. لم يُسمَع صوتُهُ مرتِّلاً ومرنِّمًا، لكنّه قدَّم كنيسةً، وساهمَ في بناءِ أُخرى، تعلو فيها جميعًا التراتيلُ والترانيمُ في كلّ المناسبات، مسبِّحةً مهلِّلة. رًبًّ قائلٍ: في حضرة الموت يخشع الصّمت. لكنَّ الصّمتَ يكون خيانةً، في بعض الأحيان؛ فأن تُنصفَ الإنسانَ، وأنتَ بحقيقتِه أدرى، لهو واجبٌ مقدَّسٌ تفوقُ حرمتُه قدسيّة الصّمت. رحم الله الرّجال الرّجال، وقد غدَوا قلائل.