كيف يستفيد لبنان اقتصادياً من رفع العقوبات الأميركية عن سوريا؟

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, May 21, 2025

أعاد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، الأمل بفتح آفاق جديدة أمام لبنان لتعزيز اقتصاده وتحسين قطاعات عدة من أبرزها الطاقة والنقل والتجارة.

وفي 16 مايو/ أيار الجاري، قالت وزارة الخزانة الأمريكية إنها تعمل مع وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي لتنفيذ توجيهات الرئيس ترامب بشأن رفع العقوبات عن سوريا التي بدأت في عام 1979 وأصبحت أكثر شمولا مع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011.

وظل لبنان يشكو من تأثره بالعقوبات الأمريكية على سوريا والتي كانت تحول على سبيل المثال دون تفعيل مشروع نقل الغاز من مصر والكهرباء من الأردن إليه.

ومع رفع العقوبات، يرى مراقبون أن ذلك قد يقود إلى إحياء مشروع نقل الطاقة، إضافة إلى فتح خطوط الترانزيت والتجارة إلى الدول العربية وخاصة الخليجية منها.

ووفق خبراء تحدثوا للأناضول، فإن رفع العقوبات عن سوريا يُمثل "فرصة استراتيجية" للبنان لتعزيز اقتصاده وتحسين قطاعاته الحيوية، خاصة الطاقة والتجارة، إلا أن تحقيق هذه الفوائد يتطلب تنسيقًا فعّالًا بين الجانبين اللبناني والسوري، بالإضافة إلى دعم دولي لضمان تنفيذ المشاريع المشتركة بنجاح.

** مشروع قديم
ووقّع لبنان وسوريا والأردن أوائل عام 2022 اتفاقيتين، الأولى لتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية من الأردن، والثانية لتأمين عبور الطاقة عبر سوريا إلى لبنان، غير أن العقوبات الأمريكية على سوريا حالت دون تنفيذ ذلك.

وتتيح الاتفاقيتان للبنان الحصول على الكهرباء الأردنية، والاستفادة أيضا من الغاز المصري، بهدف رفع ساعات التغذية لشبكة كهرباء لبنان التي تفرض تقنينا قاسيا بلغ نحو 22 ساعة يوميا عام 2022.

وخطط المشروع ليتيح للبنان نقل 300 ميغاوات من الكهرباء الأردنية، بالإضافة إلى تشغيل معمل "دير عمار" لتوليد الكهرباء بقدرة 500 ميغاوات، ما سيرفع التغذية الكهربائية في البلاد إلى حوالي 800 ميغاوات.

وتراوحت الكلفة الإجمالية للمشروع آنذاك بين 200 و300 مليون دولار سنويا، على أن تموّل بالسنة الأولى بقرض من البنك الدولي.

وتقنيا، يرتبط الأردن وسوريا كهربائيا بخط نقل منذ 2001، وخرج عن الخدمة منتصف 2012 لأسباب فنية جراء الحرب بسوريا، في حين ترتبط سوريا ولبنان بعدة خطوط ربط.

** انعكاس إيجابي
وقال وزير الطاقة والمياه اللبناني جو الصدّي في تصريح للأناضول إن "قرار الرئيس الأمريكي ترامب رفع العقوبات عن سوريا سينعكس إيجاباً في لبنان على صعيد الطاقة والنفط".

وأوضح أن رفع العقوبات عن سوريا "سيسهّل استجرار الطاقة عبر سوريا من خلال خط الربط مع الأردن، واستجرار الغاز عبر سوريا".

وأضاف: "من أولى أولويات لبنان البدء بإنشاء معمل حديث لتوليد الكهرباء يعمل بالغاز بدلا عن الفيول الثقيل".

وتحدث عن إجراء دارسة حول كيفية تشغيل خط أنابيب النفط من العراق إلى لبنان وكذلك "مصفاة البداوي" التي تقع شمالي لبنان.

وتابع: "هذا الملف كان مدار بحث خلال لقاءاتي في بغداد مع زميلي وزير المالية العراقي ياسين جابر الأسبوع الماضي".

وخلال زيارته لدمشق في الأيام الماضية، ناقش وفد وزاري لبناني، إمكانية إعادة تفعيل مشروع خط النفط من كركوك العراقية إلى لبنان عبر سوريا.

ويتيح هذا المشروع للبنان في حال تنفيذه، استيراد النفط الخام من العراق وتكريره في البلاد، ما سيعزز الإيرادات عبر تصدير النفط المكرر إلى الخارج، ويحقق إيرادات كبيرة لخزينة الدولة.

** التجارة البرية
ويفتح رفع العقوبات عن سوريا، المجال أمام لبنان لإعادة تفعيل خطوط الترانزيت البرية التي تربطه بسوريا ومن خلالها إلى الأردن والعراق ودول الخليج، ما يُعيد تنشيط حركة الاستيراد والتصدير بين هذه البلدان.

كما أن الشركات اللبنانية قد تلعب دورًا في عملية إعادة إعمار سوريا، سواء من خلال تقديم الخدمات أو التوريد. هذا الدور قد يُسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين وفتح أسواق جديدة أمام الشركات اللبنانية.

وفي هذا الإطار، قال مصدر حكومي لبناني للأناضول، إن بلاده تستفيد على أكثر من صعيد من رفع العقوبات "مثل استجرار النفط والغاز من مصر والأردن وتفعيل خطوط التجارة والترانزيت".

وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن لبنان "يمكن أن يتحول إلى منصة لإعادة الإعمار في سوريا وتستفيد كل مرافقه العامة والشركات الموجودة فيه كما سيعزز ذلك فتح الخطوط على العالم العربي وزيادة الصادرات".

** استفادة إقليمية
رأت خبيرة النفط والغاز بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لوري هايتايان أن الأسباب الرئيسية التي أوقفت مشروع نقل الغاز من مصر والكهرباء من الأردن هي العقوبات التي وضعت على سوريا سابقا"، مؤكدة أن "رفعها سيتيح إعادة النظر بهذا المشروع".

وذكرت هايتايان للأناضول، أن ذلك المشروع "لا يعود بالفائدة على لبنان فحسب بل لسوريا أيضا لأنها بحاجة للكهرباء والغاز، وهو مشروع مهم للمجتمع الدولي كذلك لأنه يربط الدول عبر شبكات الطاقة والتجارة بالمشاريع الإقليمية".

ولفتت إلى أن "مصر اليوم ربما لا تملك الكميات الكافية لتزويدنا بالغاز، لكنها قد تدعم بكميات إضافية من غاز إسرائيل، لأن الأخيرة تملك قدرات بيع غازها لمصر والأردن".

وأضافت: "هذا قد يكون طريقة غير مباشرة لربط سوريا ولبنان بشبكة الغاز مع إسرائيل وهذا ما يحبذه المجتمع الدولي الذي يرى أن الترابط عبر الاقتصاد والتجارة والطاقة بين دول المنطقة قد يعمل على تخفيف نزعات اللجوء إلى الحروب".

واستدركت بالقول: "ليس من الضروري أن يكون الغاز إسرائيليا، لأن مصر تشتري غازا من الخارج أيضا".

** الطاقة النظيفة
وقالت هايتايان إن "سوريا تمشي بخطى أسرع من لبنان وكان آخرها اجتماع الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واستطاعوا رفع العقوبات عن سوريا".

وبجانب الكهرباء والغاز، أشارت إلى "المشاريع الأخرى المطروحة مثل إنتاج الهيدروجين الذي يعد من الطاقات النظيفة التي بدأت تأخذ رواجا أكثر من ذي قبل".

وأردفت: "نقل الطاقة النظيفة من الخليج إلى أوروبا عبر سوريا وتركيا بواسطة الأنابيب أقل كلفة، وهو الأمر الذي يمكن أن يعزز دور سوريا الاقتصادي".

** التمويل الدولي
من جانبها، لم تقلل المحللة الاقتصادية محاسن مرسل من الدور الإيجابي لرفع العقوبات عن سوريا في دعم مشاريع الطاقة ببلادها، لكنها قالت إن "استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن يحتاج إلى عامل آخر وهو إعادة إحياء القرض المخصص لهذا المشروع من البنك الدولي".

وذكرت لمراسل الأناضول أن "البنك الدولي ربط الموافقة على هذا القرض بمجوعة إصلاحات بقطاع الكهرباء مثل زيادة التعرفة وتحسين الجباية وتنظيم القطاع، إضافة إلى مطالب المجتمع الدولي الراهنة بضرورة نزع سلاح الميليشيات وحصره بيد الدولة اللبنانية".

وشددت على أن لبنان "سينتظر رأي البنك الدولي بهذا الخصوص، وما إن كان معلقا أو سيعاود طرح فكرة تمويل المشروع".

وأردفت: "لكل ذلك لا يمكن للبنان الاستفادة من فكرة مشروع نقل الطاقة من دول الجوار بمجرد رفع العقوبات عن سوريا".


وكالة أنباء الأناضول التركية