التجديد لـ"اليونيفيل": فصل سابع وتثبيت المنطقة العازلة؟!
شارك هذا الخبر
Monday, May 19, 2025
كلما اقترب موعد التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان، تتزايد الضغوط الخارجية والداخلية، ويرتفع منسوب التجاذب حول دور هذه القوات وصلاحياتها. لكن استحقاق التجديد هذه السنة يختلف عن كل السنوات السابقة، خصوصاً أنه يأتي بعد حرب واسعة شنّتها إسرائيل، وسعت من خلالها إلى تغيير كل المعادلات، وفي ظل إدارة أميركية جديدة مواقفها معروفة بالتشدد. إذ أنه طوال سنوات ولاية الرئيس دونالد ترامب السابقة كان هناك مساع في واشنطن لتوسيع صلاحيات اليونيفيل، مع التلويح بوقف تمويلها. وهذا ما يتكرر في هذه المرحلة، مع فارق أن إسرائيل تحتل أراض لبنانية، وتقيم منطقة عازلة من خلال منع السكان من العودة إلى أراضيهم ومنازلهم.
الاحتلال الإسرائيلي لم تعد تل أبيب تنظر إلى جنوب لبنان وحده من ضمن استراتيجيتها الجديدة في المنطقة، فهي أيضاً كسرت كل قواعد الاشتباك مع سوريا، وتجاوزت اتفاق فض الاشتباك في العام 1974، ووسعت من نطاق سيطرتها العسكرية على الجنوب السوري، ويومياً تصدر تصريحات عن مسؤولين إسرائيليين حول الاحتفاظ بالسيطرة على مناطق واسعة في جنوب سوريا. الأمر نفسه ينطبق على جنوب لبنان، إذ أنه مع بداية حرب الإسناد صرّح الإسرائيليون بشكل علني عن نيتهم إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي اللبنانية، وهو ما يعملون على فرضه بالقوة. ما يتردد إسرائيلياً هو أن تل أبيب لا تثق بأي قوة دولية أو إقليمية لحماية أمنها، بل هي تصرّ على القيام بالمهمة بنفسها ومن خلال جيشها. وهذا جزء من التبريرات التي يقدمها الإسرائيليون لاستمرار احتلالهم للتلال اللبنانية، وهم يبلغون جهات دولية بأن بقاء قواتهم العسكرية في جنوب لبنان يهدف إلى حماية سكان مستوطناتهم الشمالية، طالما أن لبنان لم ينجح في نزع سلاح حزب الله بالكامل. ومما يقوله الإسرائيليون أيضاً، إنهم لا يثقون بعمل القوات اليونيفيل. ويستندون في ذلك إلى ما راكمه حزب الله من قدرات عسكرية كبيرة جداً في جنوب نهر الليطاني، ولم تتمكن قوات الطوارئ الدولية من منعه.
الفصل السابع؟ منذ الآن بدأت إسرائيل بشن حملة عنيفة على قوات الطوارئ الدولية، داخل الأروقة الأميركية وفي الأمم المتحدة. وهي تسعى من وراء ذلك إلى تعديل صلاحيات هذه القوات واعتماد عملها تحت الفصل السابع. الأمر الذي يرفضه لبنان ودول عديدة. في المقابل، تسعى إسرائيل إلى الضغط والتلويح برفض التمديد لليونيفيل إلا وفق هذه الشروط، وهي تحاول استمالة الموقف الأميركي إلى جانبها، من خلال التهديد بوقف المساهمة المالية الأميركية من ميزانية هذه القوات. على الأرض، وفي موازاة هذا الضغط الإسرائيلي، تسعى قوات اليونيفيل إلى تفعيل آلية عملها في الجنوب، من خلال الدوريات التي تجريها. فبعضها يكون بالتنسيق مع الجيش اللبناني وبعضها الآخر بشكل منفرد، استناداً إلى النص الذي جرى تعديله في التمديد الفائت لهذه القوات، ويشير إلى صلاحيتها العمل من دون التنسيق مع الجيش. وقد أصرت دوريات اليونيفيل على تنفيذ هذه الدوريات والدخول إلى مواقع يشتبه بأنها عائدة لحزب الله، ما أدى إلى وقوع إشكالات وصدامات مع أهالي المنطقة.
صلاحيات اليونيفيل تشير الصورة إلى أن قوات اليونيفيل تسعى إلى فرض أمر واقع معين في آلية عملها على أبواب التمديد لها. في المقابل، فإن حزب الله يحاول فرض أمر واقع مضاد من خلال التصدي لهذه التحركات التي تقوم بها القوات الدولية، ومنعها من التحرك بمفردها، بالإضافة إلى منعها من القيام بعمليات دهم والدخول إلى مواقع عسكرية، وأنه لا يسمح بذلك إلا للجيش اللبناني. يحلّ موعد التمديد لقوات الطوارئ الدولية في شهر آب المقبل، ومن المرجح أن تتزايد الضغوط على الأرض إلى ذلك الوقت، من دون إغفال احتمالات التصعيد الإسرائيلي ميدانياً، أو سياسياً وديبلوماسياً، من خلال الإدعاء أن تل أبيب لا تثق بهذه القوات الدولية، ولا تريد لها أن تبقى في لبنان، إنما هي تفضل إقامة منطقة عازلة تسيطر عليها بنفسها عسكرياً وأمنياً. كما تحاول إسرائيل من خلال مساعيها الدولية أن تدخل تعديلات على آلية عمل هذه القوات، وتزويدها بطائرات مسيّرة وأجهزة حساسة قادرة على الرصد. يتزامن هذا الضغط الإسرائيلي مع تصعيد وتيرة الحرب على قطاع غزة، ومع تأكيد إسرائيل أنها تصرّ على البقاء في مناطق واسعة من الجنوب السوري. وهو ما يضع لبنان أمام احتمالين، إما أن يتجدد التصعيد الإسرائيلي في حال اعتبرت تل أبيب أن حزب الله لا يزال يمتلك بنية عسكرية قوية وقادراً على إعادة بنائها، وإما أن تبقى إسرائيل في التلال والنقاط التي تحتلها لفرض منطقة عازلة، تكون منطلقها الدائم لفرض وقائع عسكرية أو أمنية أو حتى سياسية.