خاص- من يستحوذ على المزاج العام المسيحي؟ - بولا اسطيح

  • شارك هذا الخبر
Sunday, May 11, 2025

خاص الكلمة اونلاين
بولا اسطيح

تشكل نتائج انتخابات محافظتي جبل لبنان كما الشمال مؤشرا، ولو غير حاسم تماما، بخصوص المنحى الذي يتخذه راهنا المزاج العام المسيحي بعد متغيرات كبرى شهدها البلد والمنطقة في الاشهر القليلة الماضية.
فوضعية حزب الله بعد الحرب الاسرائيلية الاخيرة والتي انقلبت رأسا على عقب وسقوط النظام السوري لا شك تركا اثرا كبيرا جدا على المعادلة السياسية اللبنانية واعطيا زخما غير مسبوق لاخصام حزب الله على الساحة المسيحية وعلى رأسهم "القوات اللبنانية".
فصحيح ان رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل تنصل باكرا من دعم حزب الله بفتحه جبهة جنوب لبنان لاسناد غزة، لكن تحالفه الطويل والاستراتيجي مع الحزب منذ العام 2006 واعتبار كثيرين انه أمّن وتياره له الغطاء المسيحي ليتمدد ويكبر، كما احتسابه اقرب للمحور الذي تتزعمه طهران ما ادى لفرض عقوبات اميركية عليه، كلها عوامل لعبت وتلعب ضد باسيل. وقد شكّل انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية ضربة قوية اضافية لباسيل الذي كان يخوض معركة علنية لاسقاط ترشيحه.



ومنذ وصول عون الى بعبدا، ينتهج "التيار" نوع من سياسة الانكفاء لاستيعاب الصدمات التي تلقاها واعادة ترتيب صفوفه. وهو وجد باعادة فتح ملف النزوح السوري على مصرعيه سبيلا لتعويم نفسه من جديد في الساحة المسيحية لعلمه بأن هناك اكثرية مسيحية يُحركها البُعد الطائفي للملف.
وحلّت الانتخابات البلدية اختبارا اول لشعبية "الوطني الحر" بعد كل التطورات التي حصلت. وكانت القيادة العونية تستعد لنتائج غير مرضية لذلك تجنبت المعارك الانتخابية فلم تمانع الانضمام للوائح ائتلافية وان كان بحصص بسيطة، كما انها فضلت وبمعظم البلدات والقرى عدم الخروج لدعم لوائح ومرشحين بشكل علني كي لا تُحسب خساراتهم خسائر للتيار، وارتأت تبني اللوائح بعد فوزها، ان حصل.


لكن نتائج الانتخابات أتت أفضل مما توقعت القيادة، بحيث حافظ "الوطني الحر" على وجوده ودوره وان كان قد انتقل من مرحلة كان يتزعم الاكثرية المسيحية بنسبة وصلت لحدود ال٧٠٪؜ الى مرحلة يصارع فيها على ان يكون بحجم "القوات اللبنانية".
من جهتها معراب التي لا تزال تعيش نشوة الانتصارات السياسية التي لم تكن تحلم بتحققها بهذا الكم والسرعة، تسعى للاستثمار فيها في كل الاستحقاقات المقبلة طامحة لزعامة مسيحية شاملة يبدو ان تحققها سيكون صعبا جدا، وهو ما اثبتته الانتخابات البلدية، ما سيحتم خفض سقف الطموحات لتصدر الساحة المسيحية.
فالزعامات المسيحية الاخرى استعادت ايضا بعض انفاسها نتيجة التطورات الاخيرة كالكتائب اللبنانية والشخصيات المستقلة، فيما تصارع اخرى كتيار "المردة" للبقاء والمحافظة على الدور بعد الضربات الكبرى التي تلقتها من خسارات حزب الله وسقوط نظام الاسد وصولا لخسارة الانتخابات الرئاسية.
ولا يمكن المرور مرور الكرام على حيثية بدأت تتشكل للرئيس جوزيف عون منذ خطاب القسم مرورا بانتقاله الى بعبدا وصولا لمواقفه وآدائه الحاسم. فقسم كبير من المسيحيين الذين ملّوا الاحزاب وصراعاتها يجدون راهنا بالرئاسة الاولى ملاذا لهم، من دون ان يتضح كيف سيستثمر عون هذه الشعبية التي بدأت تتبلور وما اذا كان سيعمل على خطط في هذا المجال في المرحلة الحالية ام سيترك الامر للسنوات المقبلة. لكن ما هو محسوم ان قيادتي التيار والقوات بدأتا تدركان هذا الواقع، والخطر الداهم عليهما، لكنهما تجدان نفسيهما مضطرتين لمواصلة دعم العهد خشية خسارة المزيد من مناصريهما في حال الدخول راهنا بأي كباش معه ايا كان شكله.
اذا وبالمحصلة، يمكن القول ان المزاج المسيحي العام راهنا مزاج داعم حتى النهاية لشعار "لبنان الجديد" وخطة حصرية السلاح والانفتاح من جديد على دول الخليج والمنطقة..فكل من يرفع هذه الشعارات ويتبناها يجد خبزا له في الاوساط المسيحية التي ستقول كلمتها وتحاسب بشكل اوضح في الانتخابات النيابية المقبلة باعتبار ان الاستحقاق الحالي يغلب عليه الطابع العائلي الانمائي.