خاص- مشهد دراماتيكي... طبارة يقرأ في الخلاف الأميركي - الاسرائيلي... هند سعادة

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, March 27, 2024

خاص- الكلمة أونلاين

هند سعادة

لم يأت موقف أميركا بعدم استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور القرار الداعي لوقف إطلاق النار في غزة، كما تشتهي إسرائيل التي جاء وقع القرار عليها كالصاعقة. في المقابل انهالت بيانات الترحيب والمطالبة بالتنفيذ العاجل الى حد الإفراط بالتفاؤل لجهة انقلاب الموازين لصالح حماس في بعض الأحيان. فكيف يقرأ سفير لبنان السابق لدى واشنطن رياض طبارة هذه التطورات؟

ليست المرة الأولى
السفير رياض طبارة أوضح في حديث خاص لموقع "الكلمة أونلاين" أنها "ليست المرة الاولى التي تتوتر العلاقة بين أميركا واسرائيل"، مذكرا بـ "ما حصل في السابق بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الاميركي السابق باراك أوباما، حين أراد الأخير توقيع الإتفاق النووي مع ايران وكان وقتها الرئيس جو بايدن نائباً للرئيس وعلى اطّلاع بتفاصل الخلاف"، مشيرا الى أن "المواجهات وصلت في حينها الى مستوى عال إلا أنها لم تصل الى حدّ القطيعة بين الطرفين أو الخصام الطويل الأمد بل تم البحث عن أرضية مشتركة للتعاون".

الحسابات الإنتخابية تهيمن على القرار السياسي
ولفت طبارة الى أن "توتر العلاقة اليوم يأتي تزامنا مع الانتخابات الرئاسية في أميركا وبالتالي ليس من مصلحة بايدن الذهاب في هذا الخلاف الى أبعد الحدود"، مفسّرا أن "مشكلة بايدن الحالية تكمن في وجود مجموعة متطوّرة في أميركا، تتكوّن من الأميركيين من أصول عربية والشباب التقدميين الذين لديهم قوة انتخابية ملحوظة رغم أنها لا تضاهي قوة اللوبي الإسرائيلي".
وتابع: "هذه المجموعة تقف ضد تمويل أميركا للحرب الدائرة في قطاع غزة، وأصوات هؤلاء يمكن أن تهدّد حظوظ بايدن في المعركة الإنتخابية مع الإشارة الى أن الأخير ربح المعركة الرئاسية في السابق بفارق أصوات ليس بكبير".
وأضاف: "لذلك بايدن يحاول إرضاء جميع الأطراف، من دون الوقوف مع طرف دون الآخر وهذا ما يفسّر الضياع الذي يظهر في مواقفه الأخيرة".
واعتبر طبارة أن "عدم اعتراض الولايات المتحدة على إقرار مجلس الأمن مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، أتى بسبب حسابات انتخابية بالدرجة الأولى بالاضافة الى الرأي العام العالمي الذي شهد انقلابا كبيرا على اسرائيل التي أجبرت الولايات المتحدة على الانجرار معها".
ولفت الى أن "حتى حلفاء أميركا المقربين وعلى رأسهم انجلترا وفرنسا، صوتوا مع القرار في مجلس الأمن، وبالتالي لم تعد أميركا تقوى على مواجهة الانتفاضة العالمية الحاصلة، والتي تدل على أن الرأي العام داخل دول الغرب تغيّر وبدأت أميركا تخسر مساندة هذه الدول لها ولكن هذا لايعني أن هذا الأمر سيؤدي الى قطيعة بين اسرائيل وأميركا حتما".

أميركا لن تتوقف عن تمويل إسرائيل
وإذ ذكر أن "المرحلة تتّسم بالتوتر الملحوظ بين الطرفين"، أكد طبارة أن "أميركا لن تتوقف عن تحويل الأموال الى إسرائيل وحتى لو توقف التمويل يعود ويستمر في مرحلة مقبلة".
وقال: "أميركا لم تعد تحتمل الانجرار مع اسرائيل أكثر لأن ذلك يعني وقوفها ضد الرأي العام العالمي كما الرأي العام اليهودي الذي يشهد تغيّرا ملحوظا بالموقف في الداخل الأميركي".
طبارة وضع "ازدواجية الموقف الأميركي بين رفض الحرب من جهة وتسليح إسرائيل المتواصل من جهة اخرى في إطار محاولة بايدن استمالة جميع الأطراف ليضمن حصوله على تأييدها له في الانتخابات المقبلة"، معتبرا أن "التعامل مع جهتين متعاكستين قد ينتج عنه نتائج غير منطقية".
وأوضح أن "سياسة أميركا الخارجية الحالية مرتبطة بشكل أساسي بالانتخابات الرئاسية، علما أن الأحداث الخارجية لم تكن تؤثر بشكل كبير على مسار الانتخابات الأميركية في السابق أما اليوم وبسبب انخراط اليهود بشكل أساسي بهذه الحرب فقد تغيّرت الأمور".

تعارض المصالح بشأن عملية رفح
على صعيد آخر، أوضح طبارة أن "إصرار إسرائيل على إطلاق العملية العسكرية في رفح، يعود سببه الى إدراكهم أن وقف آلة الحرب في هذه المرحلة من شأنه أن يأتي لصالح حركة حماس في حسابات الربح والخسارة، ومقولة أن الجيش الذي "لا يقهر" لم يتمكن وبعد مرور 5 أشهر من القضاء على حماس من شأنها أن تنعكس سلبا عليهم." وتابع: "مستقبل نتنياهو السياسي على المحك ويريد تحقيق انتصار كبير على سبيل المثال الإمساك بزعيم حركة حماس في غزة يحيا السنوار، ومن مصلحة نتنياهو استكمال هذه الحرب الا أن مصلحة اسرائيل تختلف وأميركا تدرك هذا الأمر وتعمل على وقف الحرب بناء على مصلحة الدولتين"، مشيرا الى أن "دخول رفح وسقوط آلاف الشهداء أسوة بما حصل في غزة سيؤدي الى عزل إسرائيل دوليا وانجرار أميركا معها في عزلتها. وهنا يتجلى تعارض المصالح بين أميركا والفريق الذي ينتمي له نتنياهو".

مقترح جديد لـ واشنطن؟
وتعليقا على المقترح الذي، تروّج له واشنطن كحل وسط يتضمن، التزام تل أبيب بعدم اغتيال كبار قادة حركة حماس في حال نفيهم خارج قطاع غزة، مقابل اتفاق يتضمن تجريد القطاع من السلاح وإعادة جميع الأسرى المحتجزين في غزة بالإضافة الى انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع"، قال طبارة أن "هذا المقترح يشكل المرحلة الثانية بعد تحقيق المرحلة الأولى وهي التوافق على صفقة لتبادل الأسرى وبالتالي الإهتمام منصب على المرحلة الأولى حاليا، ولم يتم حتى اللحظة الوصول الى المرحلة الثانية التي سبق ذكرها في المفاوضات الجارية".
وأشار الى "وجود توافق اسرائيلي – أميركي على أن حماس لن تكون جزءا من الحكم في غزة بعد انتهاء الحرب". وتابع: "في إسرائيل هناك انقسام واضح حيث يوجد فريق يريد إفراغ غزة من سكانها وبناء المستوطنات في حين يفضّل فريق آخر التفاهم حول هذا الصراع وإيجاد حلول له وفريق ثالث يريد وقف حرب غزة بهدف استعادة الأسرى بالدرجة الأولى وأهل المخطوفين تحديدا يضغطون باتجاه وقف الحرب لاسترجاع ذويهم"، معتبرا أنه "من الصعب معرفة من سيتّخذ القرار النهائي بشأن الحرب المندلعة في ظل هذا الانقسام الحاد في وجهات النظر".

بداية سقوط حكومة نتنياهو؟
على صعيد آخر، أثارت استقالة الوزير الاسرائيلي جدعون ساعر من حكومة الطوارئ الإسرائيلية التي يرأسها نتنياهو، مساء الاثنين التساؤلات، فهل ذلك ينذر ببداية النهاية لهذه الحكومة وهل لواشنطن يد خفية في ما حصل؟، يجيب طبارة مؤكدا أن "واشنطن بدأت تلمّح الى أن الأمور لن تتحسّن بظل حكومة نتنياهو وأن على الاخير التنحي لأن حكومته عاجزة عن فرض السلام في منطقة الشرق الأوسط وتاليا من المؤكد أن لها يد في ما حصل".
ورأى أن "معارضة استمرار عمل حكومة نتنياهو لا تقتصر على إدارة بايدن بل الرأي العام العالمي يقف ضدها، خصوصا أن نتنياهو فتح هذه الحرب لأسباب شخصية وخوفا على مستقبله السياسي".
وقال: "اذا استطاعوا إسقاط حكومة نتنياهو فهم إذا قادرون على انتاج حكومة جديدة منفتحة على الحوار يمكن الدخول معها بالمفاوضات، علما أن هذا الأمر لا يقل صعوبة ويتضمّن الكثير من الإشكاليات"، مضيفا: "تغيير الحكومة يمكن أن يؤدي الى تغيير المسار الحالي ولكن ذلك لا يعني قرب مرحلة السلام إنما في الحد الأدنى قد تشكّل مفتاحا للتهدئة".

الى ذلك، أوضح السفير طبارة أن "إسرائيل لا تستطيع أن تحارب من دون أميركا، واذا أدركت أن أميركا قد تتمنع فعليا عن إسنادها بالسلاح قد تتراجع عن متابعة حربها". ورغم إشارته الى أنه "لا يمكن الحديث عن المرحلة المقبلة قبل توقف آلة الحرب في غزة"، رأى طبارة أن "الأمور تتّجه على الأغلب نحو حلحلة تأتي ضد مصالح نتنياهو".