أجراس الخطر الاقتصادي تهز إيران بعد المعركة الأخيرة
شارك هذا الخبر
Wednesday, July 2, 2025
لم تكد ( المعركة )، وليست الحرب، الإسرائيلية - الإيرانية التي استمرت 12 يوماً تنتهي حتى برزت موجة واسعة من أجراس الاقتصاد وتداعياته في وقت هزت الضرائب أسس الدولة الداخلية، وتولّد شعور في بعض الأوساط المراقبة عن دهشتهم من الضعف البنيوي للاقتصاد الإيراني، فمهما وصفت القيادة الإيرانية نتائج المعركة إلا أنها لن تتجاوز مفهوم أن التحديات الأمنية والإستراتيجية بدت حقيقية، ولا يمكن تجاوزها بالشعارات.
المعركة خطرة
وفي داخل الوسط الاقتصادي الإيراني من وصف المعركة بالخطرة، إذ كشفت عن مكامن القوة والضعف داخل النظام، ومثلت نقطة تحول في الأولويات، فهل كان ضرورياً إنفاق مئات المليارات على مشروع نووي لا يقدر على حمايته؟ وكيف اخترقت البلاد بهذه الطريقة المضحكة، حتى إن إدخال قطع الطائرات المسيرة كان سهلاً.
أعوام صعبة
وعلى رغم تحسن الاقتصاد الإيراني خلال فترات ما إلا أنه يعاني منذ أعوام طويلة تأثير العقوبات الأميركية والدولية والقيود على صادرات النفط، وكل ذلك تداعيات وليست أسباباً لهذا الحصار، فكيف تجد طهران مخرجاً للعودة للمجتمع الدولي بسياسة سلمية، وقد سارعت حكومة طهران إلى الحفاظ على انتظام تقديم الخدمات العامة مما ساعد في امتصاص جزء أساس من آثار الحرب ومنع تفاقمها في الشارع الإيراني، إلا أن المعطيات الحقيقية كانت شرخاً عميقاً في اقتصاد يعتمد على النفط ولديه التزامات مالية وضعف في النمو، فقد تجاوزت نسبة العجز في الموازنة 10.5 مليار دولار مما أدى بالبرلمان الإيراني إلى مناقشات حادة حول الأداء الاقتصادي الحكومي، وسط فراغ إداري أعقب حجب الثقة عن وزير الاقتصاد السابق.
صعود أسعار السلع
ويمثل ارتفاع أسعار السلع وتدهور القوة الشرائية، وبخاصة للطبقات المتوسطة، تحولاً مهماً مع رصد تراجع قيمة الريال وتدهور مستوى الإنتاج الوطني، بل إن الأوساط المالية رفعت أصواتها من أجل مكافحة الفساد وسط المسؤولين، كما يواجه التهديد الاقتصادي في ضعف البنية التحتية سيلاً من الاحتجاجات الاقتصادية التي تتساءل لماذا أظهرت البلاد ضعفاً اقتصادياً في مواجهة المعركة؟
قوة التهريب
وأظهرت نقاشات أن الاقتصاد يعاني قوة تهريب السلع من أبسط المواد حتى أخطرها، بل إن المعطيات تشير إلى غياب رقابة مالية لم يعترف بها النظام في كل أوقات الحرب والسلم، وتذكر أن ضعف الاقتصاد كان سبباً رئيساً في طلب إيقاف المعركة، وفي الوقت ذاته أظهرت منظومة الدفاع الإيراني عجزاً في المواجهة مهما حاولت السلطات إخفائها بضربات عسكرية ضد إسرائيل ليست كلها ناجحة.
وعلى رغم التهويل الإعلامي في أحاديث مختلفة فإن الأوساط الاقتصادية تشير إلى أن طهران لم تكن مستعدة للمعركة، بل أن التمرد الاقتصادي المحلي كان طاغياً من إضرابات سائقي الشاحنات والمعلمين، فوقعت طهران في الورطة، فمعركة يونيو (حزيران) الماضي ليست كما بعدها، ولذلك تعلو الأصوات ولا مجال لغض النظر عن تدهور البلاد، فسماؤها باتت مكشوفة والضجيج حول الانتصار لا يخفي أن الاقتصاد الإيراني تحت وطأة سلسلة أزمات تبدأ بتجاوز معدلات الفقر مستويات قياسية، مع زيادة كبيرة وقياسية في معدلات التضخم، إضافة إلى انتشار البطالة والانهيارات المتسارعة للعملة المحلية في مقابل الدولار الأميركي، ومع إعلان إسرائيل الهجوم على كثير من المواقع الإيرانية، يبقى السؤال الأهم هل يتحمّل الاقتصاد الإيراني الدخول في حروب مباشرة؟
صورة النقد الدولي
منتصف الشهر الماضي رسم "صندوق النقد الدولي" صورة مقلقة للتدهور الاقتصادي والتضخم الشديد وانكماش الاقتصاد وزيادة عجز الموازنة في إيران، مما قد يكون مؤشراً إلى عدم استقرار طويل الأمد، وتوقع أن يبلغ نمو الاقتصاد الإيراني عام 2025 نسبة 0.3 في المئة وحسب، في حين توقع في تقرير سابق صدر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 نمواً بنسبة ثلاثة في المئة، وهذه أرقام قبل المعركة، لكن المتوقع سيكون عكس ذلك مع تزايد العقوبات والانخفاض الحاد في الإيرادات إضافة إلى الضغوط المتزايدة للعقوبات الأميركية.
وقال الصندوق إن قطاع النفط، العمود الفقري للاقتصاد الإيراني، سيشهد مزيداً من الضرر خلال الظروف الحالية، وقدر أن ينخفض إنتاج وتصدير النفط الإيراني خلال العام المقبل بمقدار 300 ألف برميل يومياً، وفي سياق الأزمات أعلن مركز الإحصاء الإيراني أن معدل التضخم الشهري للسلع الأساس بلغ 3.9 في المئة خلال الشهر الأول من العام الإيراني الجديد الذي بدأ في الـ 21 من مارس (آذار) الماضي، وهو أعلى مستوى يسجله هذا المؤشر خلال الأشهر الـ 17 الماضية.
عجز مستمر
وبالعودة لتقرير "صندوق النقد الدولي" فمن المتوقع أن ينخفض إجمال الصادرات الإيرانية، بما في ذلك النفط والسلع غير النفطية والخدمات، بنسبة 16 في المئة هذا العام، لتصل إلى 100 مليار دولار، كما ستنخفض الواردات 10 في المئة لتصل إلى 98 مليار دولار، ونتيجة لذلك سيكون الفائض التجاري الإيراني ملياري دولار وحسب، مقارنة بـ 10 مليارات دولار العام الماضي.