تلقّى الجمهور التعميم الأخير الصادر عن مصرف لبنان بمواقف متباينة، وهو أمر يثير الحيرة. فما الذي قاله التعميم تحديدًا؟
إنه ليس إجراءً لضبط رأس المال. وليس دعمًا للمصارف التجارية. ولا يتبع أيًا من المسارات التقليدية التي اعتمدها مصرف لبنان منذ خروج رياض سلامة من منصب الحاكمية. ولا يخدم أي مصالح خاصة.
بل بكل بساطة، يكرّس مبدأ أن حقوق جميع المودعين – سواء في لبنان أو خارجه – محمية على قدم المساواة بموجب القانون، وبموجب مبدأ العدالة والإنصاف.
ويعيد التأكيد على أن لا تمييز بين المودعين في الخارج الذين قد يتمكنون من رفع دعاوى ضد فروع المصارف اللبنانية في الخارج والحصول على ودائعهم، وبين المودعين المحليين الذين لا تزال ودائعهم عالقة في النظام المصرفي اللبناني.
كما يؤكد أن من يملك الوسائل لرفع دعوى قضائية خارج لبنان – وهو حق مشروع في بعض الحالات – لا يمكنه أن يحصل على أكثر من باقي المودعين الذين لا يملكون سوى ما تسمح به تعاميم مصرف لبنان، في ظل غياب القوانين والأنظمة، والظروف الاقتصادية القاسية.
التعميم يساوي بين جميع المودعين، دون تفضيل بين من يملك النفوذ والإمكانات ومن لا يملكها.
فلماذا إذاً كل هذا الغضب والاستياء؟ ولمَ هذه الحملات والتجنيات؟ هل لأن التعميم يوزّع العدالة بالتساوي بين أصحاب الحقوق كافة؟!
إذا كان هذا هو السبب، فالتصفيق يجب أن يكون للتعميم، واللوم والعار لأولئك الذين يريدون تمييز القلّة ومعاقبة الكثرة!