حرب خفيّة مُشتعلة بين الحزب والموساد في أفريقيا: تقرير يكشف

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, July 1, 2025

في أماكن كثيرة من القارة الأفريقية، وبشكل خاص في غربها، يدور صراع خفي في عالم الاستخبارات، ما بين جهاز الموساد الإسرائيلي وحزب الله اللبنانية، حيث تتقاطع الدوافع الأمنية والعسكرية مع النشاط الاقتصادي والتجاري.

عالم التجسس والتهريب
وبات حزب الله يعتمد في تمويله بشكل أساسي على النقد، الذي يأتي بشكل رئيسي من الشتات اللبناني.

وأضعفت عمليات المُصادرة الأخيرة قبل أيّام في مطار بيروت هذه المصادر التمويلية، وأظهرت أنّ حزب الله يفقد السيطرة في لبنان.

والصراع بين الموساد وحزب الله الذي جعل من أفريقيا مركزاً لأنشطته، مُحتدم منذ سنوات، بعيداً عن الأنظار، فمن دوالا في الكاميرون إلى أبيدجان في ساحل العاج، مروراً بمدينة بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى وليبرفيل عاصمة الغابون، يغوص هذا الصراع في عالم الجواسيس والمُهرّبين.

وجددت عملية ضبط ما يُقارب 7 ملايين دولار نقداً، كانت مُخبأة في حقائب سفر قادمة من الكونغو في مطار بيروت الدولي الشكوك حول قنوات حزب الله المالية.

وتُسلّط هذه القضية، الضوء على جانب مُبهم في تمويل هذه المنظمة السياسية العسكرية، يتمثّل في استخدام الجاليات اللبنانية في أفريقيا وغيرها عبر التحويلات النقدية، وتجاوز القنوات المصرفية الرسمية.

وبحسب الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي جيل ميهايلي، مدير نشر مجلة "صراعات" الدولية، فإنّ لجوء حزب الله إلى المال النقدي لا يُعتبر مُجرّد وسيلة عملية، بل هو اعتراف بالهشاشة، إذ يُصبح التمويل غير الرسمي مُؤشّراً على تزايد الضغط على المنظمة المُسلّحة من خلال العقوبات والضربات المُستهدفة، وربما يكون أيضاً مؤشراً على تحرّك مؤسسي من قبل الدولة اللبنانية، التي بدأت تُعيد الاعتبار لسيادتها المُهملة منذ زمن طويل في بعض المجالات الحيوية.


تبرّعات أم ضرائب!
وذكرت مصادر إعلامية فرنسية في نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، أنّ خبيراً إسرائيلياً كشف عن حصول حزب الله اللبناني على تبرّعات يُزعم أنّها طوعية من عدد من التُجّار في غرب أفريقيا، حيث ما زال الحزب يتمكّن من فرض ما يُشبه ضريبة غير رسمية عليهم لدوافع دينية غالباً.

ووفقاً لتحقيق أجرته مجلة "جون أفريك" التي تصدر باللغة الفرنسية، فإن كلّاً من الموساد الإسرائيلي وحزب الله اتخذا من القارة السمراء ساحة خلفية لأنشطتهما الاستخباراتية، حيث يدور بينهما صراع خفي منذ سنوات، لكن بعيداً عن أنظار الرأي العام.

ويُشير الكاتب والمحلل السياسي ماثيو أوليفييه إلى أنّ السلطات الإسرائيلية تتعامل بريبة مع معظم الأشخاص المُنحدرين من جنوب لبنان، إذ يُنظر إليهم كمصادر مُحتملة لتمويل حزب الله.

وفي مدينة أبيدجان تحديداً، ينشط جهاز الموساد بشكل ملحوظ، مُستفيداً من شبكة مُعقّدة من الشركات الخاصة العاملة في مجال تطوير تقنيات المُراقبة والأمن السيبراني، مما جعل من تل أبيب أحد أبرز المُزوّدين الأمنيين لساحل العاج.


منع إعادة تسليح الحزب
ويعيش في ساحل العاج تحديداً ما يقرب من 100 ألف لبناني، نحو 80% منهم من المؤيدين لحزب الله. لكن لا يجرؤ أحد على الحديث علانية عن الحزب الذي يبقى ظلّه يلوح في الأفق بشكل كبير. ولعبت أفريقيا لعقودٍ عديدة، دوراً محورياً في الدوائر المالية الموازية لحزب الله.

ومكّن الوجود القوي للجاليات اللبنانية في دولٍ مثل الكونغو الديمقراطية وساحل العاج والسنغال ونيجيريا، من إنشاء شبكات للتبرّعات والتحويلات والأنشطة التجارية غير المشروعة، التي أصبحت تحت مُراقبة إفريقية وغربية وإسرائيلية مُتزايدة خشية من احتمال تمويل إعادة بناء حزب الله عسكرياً.

وفي المُقابل، لا يُعدّ تواجد الموساد في أفريقيا جديداً، فمُنذ سبعينيات القرن الماضي، سعت إسرائيل إلى توسيع نفوذها في القارة من خلال المُساعدات الأمنية والعسكرية، خصوصاً في دول كانت تُعاني من اضطرابات داخلية.

وقد زاد الاهتمام الإسرائيلي بأفريقيا في العقدين الأخيرين، مع تزايد المخاوف من تنامي نفوذ إيران وحزب الله هناك.


تهريب وغسل أموال
وقام حزب الله ببناء اقتصاد مُوازٍ في لبنان لتنويع مصادر الدخل، مُعتمداً في ذلك على شبكة واسعة في أمريكا الجنوبية وفي غرب أفريقيا، مُستفيداً من مساعدة بعض المُغتربين اللبنانيين في تلك الدول.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية، قد كشفت عن أكثر من 50 شخصاً مُرتبطين بشبكة غسيل أموال تدعم حزب الله في القارة السمراء، ممن يمتلكون شركات وهمية في جنوب إفريقيا وأنغولا وساحل العاج وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

ومن غير المعروف حجم الأموال التي يتم جمعها لصالح حزب الله من لبنانيي دول غرب أفريقيا، كون شبكة الحزب المالية واسعة وغامضة. لكن حسبما يقول إيمانويل أوتولينغي، خبير شؤون حزب الله في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات في الولايات المتحدة، فإنّه "من الصعب تقدير حجم عمليات التهريب وغسل الأموال لحزب الله، لكن من المُحتمل أنّه يتجاوز 300 مليون دولار سنوياً"، وهو ما يُشكّل ما يزيد عن ربع دخل حزب الله الذي يعتمد في تمويله بشكل رئيس على إيران.


24.AE