تقرير إسرائيليّ: انهيار محور المقاومة الإيرانيّ في الشرق الأوسط
شارك هذا الخبر
Saturday, June 28, 2025
نشر موقع "غلوبز" الإسرائيليّ تقريرًا جديدًا تحدّث فيه عما سمّاه "انهيار محور المقاومة" الّذي كانت تدعمه إيران في منطقة الشرق الأوسط. ويذكر التقرير أنّه "على مدى عقودٍ، استثمرت إيران في بناء مجموعة من المنظمات المسلَّحة المصمَّمة لتهديد إسرائيل وردعها عن مهاجمتها"، مضيفًا: "لكن في لحظة الحسم، عندما احتاج المرشدُ الإيرانيّ الأعلى علي خامنئي إلى تلك الجماعات، لم تكن موجودة".
الحرب الأخيرة ويرى التقرير أنّ "الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران تعكس الانهيار النهائيّ لمحور المقاومة"، مشيرًا إلى أنّه "في السّابع من تشرين الأوّل 2023 مُنِيَتْ إسرائيل بهزيمةٍ تاريخيّة ساحقة، لكن كرة الثلج الّتي بدأت تتدحرج أدّت في النهاية إلى تفكيك مخالب الأخطبوط الإيرانيّ".
ليؤكّد في المقابل، أنّ القائد السّابق لفيلق القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ قاسم سليماني، أمضى سنواتٍ في تطوير هذا المحور بهدف إحكام قبضته على إسرائيل، وذلك عبر المنظمات المسلَّحة في غزة بقيادة حماس، ونظام الرئيس السّوريّ بشار الأسد، وجماعة الحوثي في اليمن، والجماعات الموالية لإيران في العراق، "وفوق كل ذلك حزب الله في لبنان".
ويوضح التقرير أنّه "كان من المفترض، في يوم الحسم والمعركة الكبرى، أن يُحلِّق وكلاء إيران فوق حدود إسرائيل، بينما تُظهِر إيران قدراتها الصاروخيّة والطائرات المُسيَّرة الواسعة التي طوَّرتها. لكن، في المقابل، أدرك الإيرانيون ضعفهم، فأرادوا إبقاء الحرب بعيدةً عنهم، آملين ألّا تنكشف قدراتهم المحدودة، بما في ذلك سلاحهم الجويّ القائم على طائراتٍ مقاتلةٍ عمرُها خمسون عامًا".
الموارد الإيرانيّة المرصودة للمحور ويلفت التقرير إلى أنّ النظام الإيراني كرّس موارد هائلة لدعم جماعاته في المنطقة، مُشيرًا إلى أنّ "الحرس الثوري الإيراني حصل على 2.3 مليار دولار في ميزانية السنة المالية 2021–2022، أي ما يعادل ثلث ميزانية الدفاع تقريبًا وثلاثة أضعاف ميزانية الجيش". كما تابع التقرير: "في الوقت نفسه، قدَّرت شركة جينز للاستخبارات أنّ حصة الحرس الثوري ارتفعت من 27 % إلى نحو 37.3 % من إجمالي ميزانية الدفاع بين عامَي 2013 و2023".
يقول التقرير: "لقد اغتيل سليماني بأمرٍ من الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بغداد عام 2020، ولم يشهد انهيار نظريته نهائيًّا بالهجوم الأميركي على المنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان. وإثر ذلك، دخل وقفُ إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيّز التنفيذ من دون عودة حزب الله إلى الحرب، بعدما تكبَّد الأخير خسائر فادحة. كما لم يُضاعِف الحوثيون وتيرةَ إطلاق الصواريخ، ولم تهاجم الجماعاتُ الموالية لإيران في العراق أهدافًا أميركية". ويضيف: "لا تزال قضية الرهائن هي الأهم بالنسبة إلى حماس، لكن يبدو أنّ ما تبقّى في قطاع غزة هو صواريخُ قصيرة المدى تُطلَق باعتدال، ولا يوجد أيّ تهديد لعمق إسرائيل".
تآكل قدرة حزب الله كما وأشار التقرير إلى أنّ "حزب الله استمدّ قوته الرادعة عشيّة حرب تشرين الأوّل 2023 من مجموعةٍ متنوعةٍ من القدرات التي امتلكها، أبرزها 150 ألف صاروخ وقذيفة. ومع اندلاع المعركة في 2023، استعمل الإيرانيون محورَ المقاومة كوسيلة بقاءٍ لحماس". كما أكّد أنّ "الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي كان عميقًا"، موضحًا أنّه "بأمرٍ من القيادة الإسرائيلية، جرى تفجير أجهزة البيجر ضد حزب الله، وتدمير بنيةٍ تحتيةٍ صاروخيةٍ مهمّة، والقضاء على معظم قيادته السياسية والعسكرية؛ ما أدّى إلى استسلام الحزب وموافقته على وقف إطلاق النار، وهو ما كان الأمينُ العامُّ السابق لحزب الله، حسن نصر الله، قد رفضَه بشدّة قبل اغتياله في الضاحية الجنوبية لبيروت".
ويرصد التقرير أنّ "من أهمّ الركائز التي فقدتها إيران تمامًا في الحرب هي سوريا"، موضحًا: "لقد ضَمِن النظام الإيرانيّ بقاءَ بشار الأسد في السلطة بغية إحكام قبضته على إسرائيل والحفاظ على طريق تهريبٍ مناسبٍ وواسع النطاق إلى حزب الله. غير أنّ انقلاب أبي محمد الجولاني (أحمد الشرع) المفاجئ، فور إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، أسهم في إضعاف محور المقاومة بشكلٍ كبير، وصعَّب نقل الأسلحة والأموال الإيرانية إلى لبنان".
غزة: نقطةُ التحوُّل الحاسمة ويورد التقرير: "في المقابل، كانت المنظماتُ المسلَّحة في غزة، ولا سيما حماس، هي التي تسببت في كارثة السابع من تشرين الأول؛ إلا أنّ ذلك اليوم كان أيضًا التاريخ الحاسم في انهيار محور المقاومة. فقد جرى القضاءُ على قيادة حماس العليا بشكل شبهَ كامل، ودُمِّرت بناها التحتية في غزة. ومع ذلك، فإنّ الحملة في القطاع معقَّدةٌ للغاية، والواقع على الأرض يشير إلى أنّ إسرائيل لن تتمكن من استعادة جميع المختطَفين بالعمل العسكري وحده. في الأثناء، ما زالت حماس تتمتّع بميزةٍ تتمثّل في أصولٍ تزيد قيمتُها على نصف مليار دولار يديرها زاهر جبارين، المُفرَج عنه في صفقة شاليط".
الحوثيون ودورهم ويشير التقرير إلى أنّ "أولى شحنات الأسلحة الإيرانية لم تصل إلى الحوثيين إلّا في عام 2009، ومكَّنتهم – ضمن أمورٍ أخرى – من غزو مناطق واسعة، منها العاصمة صنعاء ومدينة الحُديدة الساحلية الاستراتيجية، في الحرب الأهلية التي اندلعت بين عامَي 2015 و2022". وأردف: "أطلق الحوثيون الصواريخَ والطائراتِ المُسيَّرة على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ما جعلهم لاعبًا إقليميًّا مهمًّا".
ويتابع: "رغم ذلك، تجاهلت إسرائيل هذا التهديد إلى حدٍّ كبير، ولم تُدركه إلّا في الحرب الحالية؛ وقد تجلّت ذروةُ تراكمها الاستخباراتي في محاولة اغتيال رئيس أركان الحوثيين عبد الكريم العمري قبل نحو أسبوعٍ ونصف. وطوالَ الحرب، استخدمت إيران هذه الجبهة عاملَ إزعاجٍ ضد إسرائيل بإطلاقها المتكرر للصواريخ والطائرات المُسيَّرة".
ليوضح أنّ "الحوثيين استثناءٌ في هذا المحور؛ فقد نجحوا، بانتهاكهم حرية الملاحة في البحر الأحمر والقواعد الأميركية في المنطقة، في التوصُّل إلى وقفِ إطلاق نار مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. علاوةً على ذلك، عندما بدأ ضعفُ إيران يتكشّف، سعى الحوثيون إلى إيجاد دعمٍ جديد، ومع مرور الوقت توترت علاقاتهم مع روسيا والصين، إلا أنهم لم يتخلّوا عن إيران بعد، بل أعلنوا أنّ الهجومَ الأميركي عليها سيؤدي إلى تجدُّد هجماتهم على القواعد الأميركية في المنطقة".
الجماعات العراقيّة: السّاحة الأقلّ تأثيرًا يختتم التقرير بالإشارة إلى أنّ "الجماعات في العراق كانت الساحة الأقل أهمية طوال فترة الحرب. فقد أدّى الغزو الأميركي للعراق عام 2003 إلى زعزعة استقرار البلاد، التي يشكِّل الشيعة نحو 65 % من سكانها. استغل قاسم سليماني ذلك الفراغ، فأسَّس عشراتِ الجماعات، ثمّ – نتيجةً لسيطرة داعش على المنطقة – تأسس الحشدُ الشعبي قبل نحو عقدٍ من الزمان ليكون مظلّةً لهذه الجماعات الموالية لإيران. لكن في كانون الثاني 2020، قُتل نائب قائد الحشد، أبو مهدي المهندس، مع سليماني".
بهذا، يخلُص التقرير الإسرائيليّ إلى أنّ مسلسلَ الانتكاسات المتلاحقة – من اغتيال سليمانيّ إلى تعثُّر حلفائه واستهداف بنيته التحتية – يُبرز أنّ "محور المقاومة"، الذي استثمرت إيران في تشييده عقودًا، يواجه اليوم انهيارًا بنيويًّا غير مسبوق في قدراته وهيبته.