"اليونيفيل" بين التجديد والتقييد: هذا ما تضمنته رسالة لبنان- بقلم غادة حلاوي

  • شارك هذا الخبر
Thursday, June 26, 2025

أعدّ لبنان رسالة طلب التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) إلى مجلس الأمن الدولي، لكنها لا تزال موضع مراجعة من الجهات المعنية، لوضع اللمسات الأخيرة عليها، قبل توجيهها بشكل رسمي إلى مجلس الأمن.
في رسالته لمجلس الأمن، حاول لبنان السير بين الخطوط الحمراء، تلافياً لأي صيغة قد تنقلب عليه وتؤثر في آلية عمل هذه القوات، أو توسّع الشرخ بينها وبين "أهالي" البلدات الجنوبية وقواها على الحدود مع إسرائيل.
بسطور قليلة وفقرات مختصرة، سيتقدّم لبنان بطلب تجديد مهام قوات حفظ السلام على أراضيه، من دون التطرّق إلى مسألة مهامها أو صلاحياتها، محاولًا إبقاء الوضع على ما هو عليه، وهو ما يتمناه ويعمل عليه ضمنًا. لكن، وبغضّ النظر عن طلب لبنان، الذي لم يباشر بعد العمل لضمان التمديد مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، فإن التمديد لليونيفيل يحظى باهتمام دولي واسع. إذ تسعى دول أساسية في مجلس الأمن إلى ضمان وضعية عمل للقوات تتناسب مع رؤيتها للوضع.
وإذا كان لبنان لم يباشر اتصالاته بعد، كما تقتضي الحاجة، فإن دولة كفرنسا، وهي "حاملة القلم" في مجلس الأمن، قد بدأت منذ وقت مبكر بالعمل على ضمان التمديد، وسفيرها في لبنان يلحّ على المعنيين للإسراع في إنجاز الرسالة قبل الموعد المحدد لجلسة التمديد، ليتسنى لبلاده تأمين هذا التمديد.

فرنسا: اليونيفيل وليس لجنة المراقبة
ما يهم فرنسا هو أن تحظى اليونيفيل بدور أساسي في الجنوب، وأن يتقدّم دورها على دور لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، أو ما يُعرف بـ"الميكانيزم". ولا ترى فرنسا ضيرًا في توسيع مهام هذه القوات، التي تحظى بتمثيل وازن من قبلها، خصوصًا أن المسؤول عن الوحدة الفرنسية داخل اليونيفيل معروف بميوله نحو تعزيز مهام البعثة وتوسيع نطاق عملها.
وعلى عكس فرنسا، تسعى الولايات المتحدة إلى دعم لجنة المراقبة على حساب حضور اليونيفيل، ولا تُبدي اهتمامًا بتوسيع مهام القوات. وقد استفسرت السفيرة الأميركية عن موقف لبنان من التمديد، من دون التطرّق إلى موضوع المهام أو "الولاية".
وفي هذا السياق، تتحدث مصادر أممية لـ"المدن" عن وجود وجهتَي نظر داخل قيادة اليونيفيل نفسها بشأن طبيعة المهام: الأولى تفضّل إبقاء المهام كما هي، أي بالتنسيق مع الجيش اللبناني، في حين ترى الثانية ضرورة توسيع الصلاحيات والسماح للعناصر بممارسة دورهم من دون التنسيق المباشر مع الجيش. وقد لا تكون الغاية سياسية هنا، إذ تؤكد المصادر أن توسيع المهام يعني مضاعفة الميزانية، وهو ما تطمح إليه بعض الجهات داخل اليونيفيل.

مضمون رسالة لبنان
من ناحية لبنان، علمت "المدن" أن الصيغة التي ينوي اعتمادها في رسالة طلب التمديد تقتصر على التشديد على دور اليونيفيل في لبنان، ولا سيّما في ظلّ الظروف الراهنة البالغة التعقيد على المستويين المحلي والإقليمي، ما يستلزم بقاء هذه القوات. وتشير الرسالة إلى دور اليونيفيل التنموي والاجتماعي والطبي في مناطق انتشارها، والمساعدات التي تقدمها للأهالي.
كما تؤكد الرسالة أهمية استمرار وجود اليونيفيل في الجنوب، نظراً للدور المهم الذي تلعبه إلى جانب الجيش اللبناني في الحفاظ على الأمن والاستقرار، وتطبيق القرار 1701.
ولم تتطرّق الرسالة إلى المهام التفصيلية للقوات، وآثرت عدم إدراج أي بنود خلافية لا تدخل في صلب مسألة التمديد، خصوصاً تلك المرتبطة بسجالات داخلية لا شأن لليونيفيل بها. ومن المفترض أن يتم الاتفاق على الصيغة النهائية للرسالة قريبًا، قبل إرسالها إلى الأمم المتحدة التي استفسرت عن مضمونها، وأعربت عن رغبتها في إنجازها في وقت قريب.

التمديد وسط ظروف معقدة
وبالتزامن مع التشكيلات الدبلوماسية الأخيرة التي أقرّت تعديلات على البعثات اللبنانية في الخارج، يُنتظر أن يتسلّم السفير المعيّن حديثًا، أحمد عرفة، مهامه قبل موعد جلسة التمديد في نهاية آب المقبل، ما يستوجب الإسراع في استكمال المعاملات الإدارية لتسلّمه موقعه. وحسب معلومات "المدن"، قد يُصار إلى تسريع التحاق السفير بمركز عمله، ليقوم بدوره في التواصل مع الجهات المعنية قبل موعد الجلسة.
وإذا كان التمديد متوقَّعًا وسيُقَرّ في مجلس الأمن، فإن جلسة النقاش قد تشهد سجالًا حادًا، لا سيما أن مندوب إسرائيل في المجلس باشر اتصالاته مع عدد من الأعضاء، في محاولة لعرقلة التمديد أو تمريره ضمن الفصل السابع، بما يسمح لليونيفيل بحرية حركة أكبر وتوسيع مهامها بتفويض أممي.
يأتي طلب التمديد بعد حرب إسرائيلية واحتلال عدد من المواقع في جنوب لبنان، وفي ظلّ استمرار الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة، وأيضاً في ظلّ الضغط الدولي لسحب سلاح حزب الله وحصره بيد الدولة. ويأتي ذلك وسط تقرير أعدّته لجنة مراقبة وقف إطلاق النار عن الوضع في الجنوب وتدمير مخازن أسلحة تابعة لحزب الله، وهو ما سيكون موضع نقاش في مجلس الأمن، وقد يكون له تأثير في موضوع التجديد وعمل اليونيفيل.