إحتَفَلَتِ المدارسُ التّابعَةُ لأبرشيَّةِ بيروت للرّوم الأرثوذكس بتخريجِ دُفعةِ العامِ الدِّراسيِّ 2024-2025، في احتفالٍ شاركَ فيه متعلّمو مدارس: "الثَّلاثة الأقمار"، "زهرة الإحسان"، "مار الياس بطّينا الثانوية"، "البِشارة الأرثوذكسيَّة"، و"ثانوية السَّيّدة الأرثوذكسيَّة" ممَّن أَتمّوا هذه المرحلةَ بكلِّ جَدارةٍ وتميّز.
وأُقيمَ الحفلُ في باحَةِ مدرسة البِشارة الأرثوذكسيَّة – الرّميل، برعاية متروبوليت بيروت وتوابعها المتروبوليت الياس عوده الجزيل الاحترام، الَّذي أَضفى بحضوره بُعدًا روحيًّا ومعنويًّا مميّزًا على المناسبة، وَسْطَ حَشدٍ من الشخصيات الرَّسميّة والتّربويَّة والهيئاتِ الإداريَّة والتَّعليميَّة وذوي الخرّيجين.
حَضَر الإحتفال، إلى المتروبوليت الياس، كهنة أبرشية بيروت، وزير الثقافة الدكتور طارق متري، النوّاب غسّان حاصباني، إلياس جراده وملحم خلف، سفيرة اليونان في لبنان ديسبينا كوكولوبولو، محافظ مدينة بيروت مروان عبود، رئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء البروفيسور هيام اسحق، رئيس مجموعة "غلوبال إديوكايشن" الدكتور ميلاد السبعلي، أعضاء مجلسِ إدارةِ جمعيةِ القديسِ بورفيريوس، عدد من أعضاء اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، إِضافة إِلى مسؤولين إِداريّين وهيئات تربويَّة واداريَّة من كل المدارس وأَهالي المتعلّمين.
نايلا ضعون
بعد الصّلاة الافتتاحيّة والنّشيد الوطنيّ اللُّبنانيّ، أَلقَت مديرةُ مدرسة البِشارة الأرثوذكسيَّة السّيّدة نايلا خوري ضعون كلمة باسم مديرات المدارس. جاء فيها: "... نجتمِعُ اليومَ ببركةِ ورعايةِ سيادةِ متروبوليتَ بيروتَ وتوابِعِها المطران إلياس عوده الجزيلُ الاحترام، لنحتفل بتخريج طلاب مدارس بيروت الأرثوذكسية-دفعة العام 2024-2025، يشرّفني ويَسُرُّني أن أرحِّبَ بضيوفنا الكرام، باسم مديراتِ مدارسِ بيروتَ الأرثوذكسيةِ.
في لحظةٍ مِثلَ هذه، حينَ تمتزجُ النِّهاياتُ بالبداياتِ، ويُفتَرضُ أَن نتكلَّمَ عنِ النَّجاح، أَجدُني مَدفوعةً للحديثِ عن شيءٍ أَعمقَ: عنِ السَّلام. السلامُ الذي ننتَظِرُهُ جَميعًا، ولكن نادرًا ما نَسعى إليه أو نبحثُ عنهُ حيثُ يجبُ أَن يكون.
لقد أصبحنا، في عالم اليوم، أسرى وَهْمٍ جَماعِيّ بأَنَّ السَّلامَ قَرارٌ سياسيّ يُؤخَذُ في قاعةِ مؤتمرٍ لعظماء العالمِ الأرضيّين. لكن، وكما يقول القديس الشيخ باييسيوس الأثوسي: "سلامُ العالَمِ يَأتي مِنَ السلامِ الداخِلِيِّ، مُؤتمراتُ السلامِ لا تُجدي!" والسلامُ الداخليُّ عَطِيَّةٌ مِنَ الله، لا يُفرَضُ مِنَ الخارج، بل يُبنى في النَّفس، ويتَرجَمُ في العلاقاتِ، وينعكِسُ في الخَياراتِ والمَواقِفِ اليوميَّة".
أضافت: "لذلك، ورغم النجاحات الكثيرة التي نحققها في المجالات الأكاديمية، لا تَقتصِرُ رسالَةُ مدارسِنا على مُجرَّدِ تَعليمِ أبنائِنا الحِسابَ واللغاتِ والعلومَ وتمكينهم من الاستعمال الواعي للأدوات التكنولوجية، بل أساسُها أن نبنيَ شخصيتَهم وأَن نزرع فيهم بُذور السلامِ الداخليّ. هذا السلامُ الذي لا يُشتَرى، ولا يُفرَض، بل يُبنى، خطوةً بخطوة، بالتربية على الوعي، والحرية، والرحمة، والايمان ويَكمُلُ بنِعمةِ الله"...
وتابعت: "... إننا نخرّج اليوم طلابًا عاشوا تجربةً تربوية، لكننا نَرجو أن يكونوا خرجوا منها وقد أحبَّوا الحقيقةَ، لا مجرَّدَ النجاحِ في عالمٍ مليءٍ بالأصوات العالية التي تصدح كالطبولِ الفارغة، إذ نحن بأَمَسِّ الحاجة إلى أشخاص قد يصمتون أحيانًا، لكنهم ثابتون، منصفون، حُكماءَ، وُدعاءَ، عامِلونَ ومعلِّمونَ، بناةُ سلامٍ حقّ".
وقالت: "أيّها الخرّيجون الأعزّاء، أنتم الآن في بداية مرحلة جديدة، لكن قبل أن تفكّروا في الاختصاص والوظيفة، اسألوا أنفسكم عن الرسالة، قبل أن تسعوا إلى "المكانة"، اسألوا عن "القيمة". وفي زمن تكثر فيه الحروب، ويُشوَّه فيه الحق، نحن نأمل منكم أن تكونوا بناة سلام.
كونوا أشخاصًا لا تُشتَرى ضمائرُهم، ولا تَصدأ أفكارُهم. وإذا اضطررتم للاختيار بين الراحة والحق، فاختاروا الحق…لأن، كما قال القديس يوحنا الذهبي الفم: "لا شيءَ أقوى من القلب النقي، لأنه يحمل الله في داخله"...
المطران عودة
ومن ثمَّ كانت كلمة للمطران عودة وجَّهها إِلى المُتخرّجين، قائلا: "... نَـقِـفُ الـيَـوْمَ فـي إِحـدى لَـحَـظـاتِ الـعُـمْـرِ الَّـتـي لا تُـنْـسَـى، تَـخْـتَـصِـرُ سِـنـيـنَ مِـنَ الـتَّـعَـبِ والـدِّراسَـةِ والـنُّـمُـوِّ والـتَّـجـارِبِ الـصَّـغـيـرَةِ والـكَـبِـيـرَةِ الَّـتـي صَـنَـعَــتْ مِـنْـكُـمْ مـا أَنْـتُـمْ عَـلَـيْـهِ الـيَـوْم. إِنَّـهـا لَـحْـظَـةُ امْـتِـنـانٍ وَانْـطِـلاق...
تلا ذلك توزيع الشَّهادات وجوائز التّقدير، وقد قدّمت جمعية القديس بورفيريوس، الذّراع الاجتماعيّة لمطرانيّة بيروت للرّوم الأرثوذكس، مِنَحًا نقديّةً إلى بعض المتعلّمين تقديرًا لتميّزهم خلال العام الدّراسيّ.
ومن ثمَّ توالى على إلقاء كلماتِ الخرّيجين، باللُّغات الثّلاث (العربيَّة، والفرنسيَّة، والإنكليزيَّة)، كلّ من إيليو درزي من "مدرسة زهرة الإحسان"، وزهير محمد الصفّح من "مدرسة مار الياس بطّينا"، بإدارة مجموعة "غلوبال إديوكايشن"، وآية برهومي من "ثانوية السيّدة الأرثوذكسيّة"، فجاءَت كلماتهم صادقة لامست قلوب الحاضرين الّذين استقبلوها بتأثّرٍ وتصفيقٍ حارّ.