الغارديان- كيف مهد تفكيك وكلاء إيران الإقليميين الطريق للهجوم الإسرائيلي؟
شارك هذا الخبر
Monday, June 16, 2025
شهد الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران تطوراً غير مسبوق في صراع طويل امتد لعقود، ويبدو أنه جاء تتويجاً لسلسلة من الضربات المتتابعة التي استهدفت وكلاء طهران في المنطقة منذ هجوم "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وفي هذا الإطار، قال جيسون بيرك، مراسل الأمن الدولي لدى صحيفة "الغارديان"، في تحليل بموقع الصحيفة البريطانية: وفرت هذه الضربات، التي أضعفت القوة الإقليمية الإيرانية بشكل تدريجي، لإسرائيل مساحة مناورة عسكرية لم تكن متاحة من قبل، مما سمح لها بشنّ هجوم مباشر على الأراضي الإيرانية، في تطور نوعي خطير في مسار الصراع.
الضربة الأولى.. غزة وحماس انطلقت السلسلة بهجوم إسرائيلي مدمر على قطاع غزة أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين. وعلى الرغم من فداحة الخسائر الإنسانية، فإن الحملة نجحت عسكرياً في إضعاف "حماس" إلى درجة لم تعد تشكل تهديداً كبيراً لإسرائيل. وباعتبار أن "حماس" أحد أضلاع "محور المقاومة" الذي شكّلته إيران من وكلاء إقليميين بهدف ردع إسرائيل وحماية برنامجها النووي، فإن هذه الضربة كانت بداية الانهيار.
دمشق وطهران.. كسر الحاجز في أبريل (نيسان) من العام الماضي، قصفت إسرائيل مجمع السفارة الإيرانية في دمشق، وقتلت سبعة أشخاص. وردّت طهران بهجوم مباشر هو الأول من نوعه، عبر وابل من الطائرات المسيّرة التي لم تُحدث أثراً يذكر. ومع أن النزاع بين الطرفين كان يُدار عبر وكلاء وعمليات سرية واغتيالات، فإن هذا الحدث نقل المواجهة إلى العلن.
الضربة الثانية.. حزب الله في مهبّ الريح بعد إضعاف "حماس"، تحولت إسرائيل إلى استهداف "حزب الله" في لبنان، والذي يعد أقوى وكلاء إيران. في سبتمبر (أيلول)، أزالت إسرائيل القيادة العليا للحزب، ودمرت الجزء الأكبر من ترسانته الصاروخية، بل اجتاحت جنوب لبنان دون مقاومة تذكر. حتى إن أنصار الحزب أقرّوا بتعرضه لهزيمة قاسية.
حاولت إيران الرد مجدداً، لكن هجومها الجوي كان ضعيفاً. أما إسرائيل، فقد ردّت بغارات جوية دمّرت أجزاء واسعة من منظومة الدفاع الجوي الإيرانية، وهو ما مهد لهجوم يوم الجمعة الواسع.
سقوط دمشق.. انهيار المحور أدى ضعف "حزب الله" إلى عدم قدرته على حماية نظام بشار الأسد في سوريا، وهو حليف إستراتيجي لإيران، حين شنّت المعارضة هجوماً كبيراً. وفي ديسمبر (كانون الأول)، سقط نظام الأسد، منهياً عقوداً من التحالف الإيراني السوري، وكاشفاً ضعف الوكلاء الإيرانيين في سوريا. كما جعلت هذه التطورات الأجواء أكثر انفتاحاً أمام الطائرات الحربية الإسرائيلية للوصول إلى أهداف داخل إيران.
الوكلاء يتراجعون.. الحوثيون وحدهم في الميدان في ظل تردد الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق عن تنفيذ تهديداتها ضد إسرائيل، بقي الحوثيون في اليمن الطرف الوحيد من "محور المقاومة" المنخرط فعلياً في المواجهة. لكن صواريخهم التي استهدفت تل أبيب لم تلحق ضرراً استراتيجياً يذكر.
بحلول ربيع هذا العام، بدا أن خيار المرشد الإيراني علي خامنئي بالاعتماد على الوكلاء لحماية أمن إيران كان خطأً استراتيجياً جسيماً. وبدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي كان يبحث عن "نافذة فرص" عابرة، يستعد للهجوم الذي طالما حلم به.
إسرائيل تتحرك.. ضربات إلى قلب النظام رغم تأخر الهجوم عن موعده المفترض في أبريل (نيسان)، فإن انتهاء مهلة التفاوض المحددة من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب - والمحددة بستين يوماً للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن البرنامج النووي الإيراني - عجلت بالتنفيذ.
وخاطب نتانياهو الإيرانيين يوم الجمعة، قائلًا إنه يأمل أن "يمهّد استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية الطريق لحريتكم".
حتى وإن لم تكن إسرائيل تسعى لإعادة إيران إلى مرحلة ما قبل ثورة 1979، فإن الأهداف التي اختارها المخططون العسكريون الإسرائيليون ربما تمضي في اتجاه تفكيك النظام القائم منذ الثورة.
ضرب النواة الثورية.. استهداف الحرس القديم أسفرت الموجة الأولى من الضربات عن مقتل عدد من كبار الضباط في الحرس الثوري الإيراني، ممن التحقوا به منذ تأسيسه عام 1980، لحماية النظام الثوري. كثيرون منهم من قدامى المحاربين في الحرب الإيرانية العراقية، التي تُعد المحطة التكوينية للنظام الحالي.
من بين القتلى أيضاً علماء في المجال النووي، وأسماء بارزة مثل علي شمخاني، المستشار المقرب لخامنئي، الذي بدأ حياته ناشطاً سرياً في السبعينيات، وشغل لاحقاً مناصب حساسة.
حتى خامنئي نفسه، الذي خلف الخميني عام 1989، بدأ نشاطه في أواخر الستينيات.
خاتمة: انكسار الحرس القديم واستبعد التقرير أن تعود إيران إلى موقع الحليف للولايات المتحدة أو إسرائيل كما كانت قبل الثورة الإيرانية، مرجحاً بقوة أن تنتهي الحرب وقد أصيب الحرس الثوري والجيل المؤسس للنظام الإيراني بضرر بالغ، وربما قاتل.