خاص - قصف الضاحية " فشة خلق" لترامب... وإطلاق إسرائيل صفارة تطبيق ١٧٠١ شمالي الليطاني - سيمون ابو فاضل

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 7, 2025

خاص "الكلمة أونلاين"

سيمون ابو فاضل

رسالة واحدة أرادتها إسرائيل من قصفها الأخير للضاحية الجنوبية بمباركة أميركية، سواء كان الهدف مستودعات تعود لحزب الله، وهو أمر نفت وجوده قيادة الجيش اللبناني، ام أماكن مدنية لا توجد فيها أسلحة للحزب أو مشتقاتها كتصنيع مسيرات، رغم أن إسرائيل منعت الجيش اللبناني من تفتيش الهدف المحدد، دون إسقاط توفر وجود مخازن أسلحة في الضاحية وغير اماكن شمالي الليطاني.

تقول أوساط مواكبة للتحركات المحيطة بتنفيذ القرار ١٧٠١، بأن القصف الاسرائيلي الأخير على الضاحية الجنوبية، إشارة واضحة من رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، بأنه حان الوقت للإنطلاق بتنفيذ القرار ١٧٠١ في منطقة شمالي الليطاني، عملا بما تضمنه القرار والاتفاق الذي وافقت عليه الحكومة اللبنانية بعد موافقة الحزب عليه مع إسرائيل وينصّ على كلمة نزع السلاح بدءا من شمالي الليطاني.


اذا تجزم هذه الأوساط العميقة الإطلاع في هذا الملف، بأن إسرائيل تريد من لبنان بداية تنفيذ القرار ١٧٠١ على هذه المنطقة، لأكثر من هدف، وفي مقدمها طمأنة مواطنيها في مستوطنات شمالي إسرائيل المتاخمة للحدود اللبنانية الجنوبية وتبديد مخاوفهم للعودة اليها، بأنها أزالت المخاطر بعد أن عمل الجيش اللبناني واللجنة الخماسية على نزع سلاح الحزب الذي كان يهدد أمنهم وأخرجته من المنطقة، لكن هذا الأمر دونه عقبات تكمن بقناعة الحزب بأن القرار ١٧٠١ ملتبس وبحاجة إلى تفسير واضح.


ولا تخفِ الأوساط بأن تردد الحزب وعدم تسليم سلاحه إلى الدولة، يكمن أيضا في عدم اطمئنانه إليها، لأنه انه حتى اليوم لا توجد هوية سياسية واضحة لها، وجمهوره لا يشعر بالأمان تجاهها، ولذلك الخطوة هذه ليست بهذه السهولة، ولا حتى انطلق الحوار او مسار الاتفاق على استراتيجية دفاعية، واستطرادا لا تقدم ايجابي واضح للمفاوضات الاميركية - الايرانية بتداعياتها على لبنان ومدى دور الحزب وملف سلاحه.


وفي حين تقول أوساط دبلوماسية من داخل طاقم اللجنة الخماسية بأن اسرائيل تريد طاولة المفاوضات المباشرة قبل ملف السلاح وعلى مستوى وزاري مباشر مع فريقها لوقف عملياتها العسكرية الآيلة حكما الى التصاعد لأكثر من هدف، ترى الأوساط المواكبة للملف اللبناني - الإسرائيلي من خارج الخماسية، بأن الضغوطات الاسرائيلية على لبنان تنطلق من تلازم ملف السلاح مع عقد مفاوضات غير مباشرة برعاية واشنطن، كما قال رئيس الجمهورية جوزف عون ابان زيارته الى مصر، لأن واقع لبنان حاليًا يجيز فقط الذهاب نحو مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل ولا يحتمل مفاوضات مباشرة معها، وهي حكما ليست مدخلا للتطبيع، إنما لإنهاء حالة الحرب بين البلدين، ويتمثل الفريق اللبناني بضباط تقنيين ودبلوماسيين.


وتشدد الأوساط بأنه سواء كان مطلوب معالجة ملف السلاح أو تحضير للمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، يتأكد حتى الان وجود تخبّط لدى عواصم القرار الخارجية حيال مقاربتها للأزمات اللبنانية بأبعادها الخارجية، اذ لا توجد اية اتصالات جدية ولا صلة بين أي عاصمة قرار وبين المسؤولين اللبنانيين، وتتوقف الأوساط أمام الفراغ في الإدارة الأميركية تجاه الملف اللبناني، اذ لم يبق داخل الإدارة الحالية بعد انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب أي من الفريق الذي كان يتواصل معه رئيس الجمهورية ابان توليه قيادة الجيش اللبناني، وذلك في ظل غموض في العلاقة بين واشنطن وتل ابيب، فيما عزّز غياب أي مبعوث اميركي الى لبنان إمكانية استطلاع مسار الأحداث في المنطقة وتأمين حماية او ضمانة لأي اتفاق مع الدولة اللبنانية أو مع الحزب، لأنه بات المطلوب تجاوز الحلول المؤقتة الى تفاهمات ثابتة، وإخراج لبنان من منطقة انعدام الجاذبية في المعادلة الدولية.


وفيما تتوقف أوساط دبلوماسية عربية أمام كلام رئيس الجمهورية بعد قصف الضاحية، بعدم رضوخ لبنان لأي ضغوطات، أشارت في الوقت نفسه إلى أن إسرائيل ستتّجه نحو تكثيف عملياتها في لبنان، لا سيما بعد ان تبيّن تعثر المفاوضات الاميركية -الايرانية، اذ تنطلق تل ابيب من أنها دمرت قوة حزب الله الصاروخية وهيكلية الحزب القتالية، وتطلق طائراتها لمئات الآف الكيلومترات لتقصف العمق الإيراني او مراكز الحوثيين في اليمن، وهو المشهد الذي يدفع للقلق من تحوّلها نحو عمليات عسكرية، حيث بات هذا الكلام لا يمكن تجاوزه ويتطلب من لبنان استدراك عامل الوقت وعدم استنزافه، وقد بات يتّسع في كواليس بلدان المجتمع الدولي، بأن حزب الله عاد لفرض قرارته على الدولة التي عليها الانطلاق بوتيرة أكثر فعالية لاسترجاع هيبتها في الداخل في موازاة تنفيذ القرار ١٧٠١ الذي تنجلي وجهته النهائية على ضوء التوازنات الخارجية المرتبطة بمصير المفاوضات بين واشنطن وطهران، لأن لبنان حاليا بات خارج الرادار الاميركي لصالح الاهتمام بتطوير العلاقة مع الرئيس السوري المؤقت احمد الشرع، ولذلك أتى قصف الضاحية بغطاء اميركي بمثابة فشة خلق تجاه الدولة اللبنانية.