خاص- "الجغرافيا" تحتضر في الجامعة اللبنانية... والفرص تُهدر بسبب الجهل…ابي فاضل تناشد -تقلا صليبا
شارك هذا الخبر
Saturday, June 7, 2025
خاص الكلمة اونلاين
تقلا صليبا
مشكلات لبنان لا تقتصر على السياسة والاقتصاد والأمن، هذا الأمر الذي لا يختلف بشأنه اثنان، اذ أن وباء الأزمات تغلغل في جسم البلد، ليطال كل القطاعات بدون استثناء، وباتت الأدوية والعلاجات المستخدمة ترقيعية، تخفّف الوجع أحيانًا، لكنّها لا تصيب المرض.
وعن واحدة من هذه الأزمات، يحاور موقع "الكلمة أونلاين" رئيسة قسم الجغرافيا في الجامعة اللبنانية – كلية الاداب والعلوم الانسانية الفرع الثاني – الفنار، الدكتورة كوليت أبي فاضل، والتي تُلقي الضوء على عبئ ثقيل يحمله عشرات الاف الطلاب، الذين اختاروا الجامعة اللبنانية الوطنية ليتعلّموا فيها، كما تُخبر عن معاناة الفرع في جذب الطلاب الجُدد، لاختصاص يعتبره البعض "مُمِلّ" ولا ينفع إلا للتعليم.
تستهلّ أبي فاضل حديثها بشرح معنى "الجغرافيا"، التي أساء البعض فهمها، واعتبرها مادّة مملّة "يتسلّى" الطالب في المدرسة خلال شرحها، ويتذمّر في المنزل خلال حفظها، ليصل إلى الجامعة "مش مصدّق كيف خلص منها"، بينما الحقيقة ليست على هذا الشكل، فالجغرافيا، اذا نظرنا حولنا، بحسب أبي فاضل، هي كل تفاصيل حياتنا، تبدأ من إشراقة الشمس اليوم، لتعود مع إشراقتها غدًا، بالاتّجاهات والتضاريس والخرائط، بالتخطيط والهندسة والزراعة، بالاقتصاد والاجتماع والديموغرافيا...
انطلاقًا من هذا التعريف، تتساءل أبي فاضل عن أسباب التدنّي الكبير بأعداد الطلاب في هذا المجال، إذ تعاني الكلّية من انخفاض المُسجّلين في قسم الجغرافيا، حيث يرى الطلاب أنها لا تفتح لهم أي مجال سوى أن يصيروا "اساتذة مدرسة"، وهو أمر بعيد كل البُعد عن الحقيقة، وتُخبر رئيسة القسم في هذا السياق، عن مجموعة بارزة من الطلاب، الذين باتوا يشغلون مناصب مهمة في أكبر الشركات، ليس في لبنان فقط، بل في العالم، فمنهم من دخل إلى الجيش كضابط اختصاص، أو من يعمل في شركات هندسة كبرى، أو من امتهن جغرافيا البحار والمحيطات ويعمل في النفط أو الغوص، كما تضيف إلى أن بعض المواد، تُعتبر بحدّ ذاتها مهنة متكاملة، وتذكر الطوبوغرافيا، أو علم المساحة، كما لا تنسَ مادة “GIS”، أو "نظم المعلومات الجغرافية"، التي باتت أساسًا في أهم البرامج العالمية، وبرامج تحديد المواقع ورسوم الخرائط، بالإضافة إلى كلّ ما يتعلّق بالمناخ، في عالم تُعتبر أزمة المناخ أكبر تهديداته.
أما عن الكادر التعليمي، فتشيد أبي فاضل بدكاترة القسم – وهنا أسمح لنفسي بأن أشهد، اذ كنت طالبة في هذا القسم، واختبرت بنفسي مدى مهنية الأساتذة، والتطوّر والتقدّم والمهارات، بالرغم من الإمكانات المادية المحدودة للجامعة، التي تعوّضها إمكانات بشرية هائلة – فتشدّد أبي فاضل على أن كل دكتور جامعي في القسم حصل على أهمّ الشهادات في اختصاصه، وعمل في أهم المؤسّسات، وهو اليوم في الجامعة اللبنانية يقدّم "زبدة" خبرته ومعرفته في هذا المجال.
تأسف أبي فاضل على الوضع الذي وصلت إليه الأمور، حيث يهرب الطلاب من اختصاص بهذه الأهمية، فيما الأمور في القسم مسهّلة بشكل كبير، اذ يوجد باصات نقل إلى مختلف المناطق، كما أن كل دكتور يرسل المواد التي يعلّمها لطلابه، فتكون بمتناول الجميع، حتى لو لم يقدر الطالب على الحضور بشكل كامل، مما يراعي ظروف الطالب الذي يعمل.
هذا ولا يغيب عن البال، النشاطات ومؤتمرات الدولية التي يشارك فيها دكاترة من القسم، وينضم إليه طلاب من الاختصاص، مما يفتح الأبواب للطالب في عدّة بلدان، وعلى مجموعة واسعة من المؤسسات المرتبطة في المجال، منها الأوروبي والأميركي والروسي.
تختم أبي فاضل الحديث بدعوة لخرّيجي المدارس اليوم، للتعرّف أكثر على "الجغرافيا"، وتبثّ حماسًا لتجربة خوض غمار هذا المجال، والتعمّق بالإمكانات التي يقدّمها والمجالات التي يفتحها، مع التذكير أن ما يعتبره الطالب "دروسًا مملّة في الصف المدرسي"، ليست سوى مادّ’ واحدة أو مادتين، يدرسهما خلال الفصل الأول من الحياة الجامعية، ليغوص بعدها في عالم أكثر من رائع، وفي مجال متشعّب بلا حدود.