خاص - عدوان الأمس رسائل أميركية مبطّنة تمهيدًا لـ...! - هند سعادة

  • شارك هذا الخبر
Friday, June 6, 2025

خاص - الكلمة أونلاين

هند سعادة

ليلة مروّعة عاشها أبناء الضاحية الجنوبية أمس الخميس عشية عيد الأضحى، حيث نفذ الجيش الإسرائيلي عملية نوعية مستهدفاً بغارات عنيفة مواقع عدة حددها في الحدث وحارة حريك وبرج البراجنة، بذريعة أنها تتضمن منشآت تحت الأرض عائدة للوحدة الجوية التابعة لـ"حزب الله"، مهمتها تصنيع طائرات مسيّرة بتوجيه إيراني.

هذا التصعيد قوبل بسلسلة تصاريح لافتة من أركان الدولة اللبنانية، على رأسها البيان الصادر عن رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الذي اعتبر أن هذه الإعتداءات هي "رسالة توجّهها إسرائيل الى الولايات المتحدة الاميركية وسياساتها ومبادراتها أولاً، عبر صندوق بريد بيروت ودماء أبريائها ومدنييها"، وبيان الجيش اللبناني الذي لوّح بإمكانية "تجميد التعاون مع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار في حال أمعن العدو الإسرائيلي في خرق الاتفاقية ورفضه التجاوب مع اللّجنة المراقبة".

وفي هذا الإطار، أوضح مدير المركز الإقليمي للدراسات العسكرية والإستشارات العميد الركن المتقاعد خالد حمادة في حديث خاص لموقع "الكلمة أونلاين" أنّه "لا يمكن قراءة التصعيد الإسرائيلي بالأمس على الضاحية الجنوبية والجنوب بمعزل عن السياق المتعثّر لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وعدم قبول الولايات المتحدة المعلن بالآليات التي يستخدمها الجيش اللبناني لاستلام سلاح حزب الله إضافة إلى الجدل القائم حول شمول سحب السلاح من جميع الأراضي اللبنانية".

ورأى حمادة أنّ "عدوان الأمس هو تطور دراماتيكي لهذا المسار المتعثّر، ويُستنتج منه أنّه ليس هناك قبول دولي وإقليمي بالطريقة التي تتمّ فيها معالجة سلاح حزب الله"، مذكّرًا بأن "الحوار مع الحزب في إطار استراتيجية دفاعية لم يكن مطروحًا لا في البيان الوزاري أو في خطاب القسم، بل طُرح عنوان واحد وهو حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية".

من جهة أخرى، توقّف حمادة عند "كلام رئيس وزراء العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أشار إلى أن هذه الهجمات تمّت بالتنسيق مع واشنطن، في حين أنه لم يصدر أي نفي أو تعليق على العنف الذي شهدته بيروت عن واشنطن"، مرجّحًا "اتّجاه الوضع نحو مزيد من التصعيد إذا لم يتم التّوافق مع الولايات المتحدة وفرنسا عبر اللجنة المراقبة على آلية استلام سلاح الحزب على جميع الاراضي اللبنانية، والأمر نفسه ينطبق على آلية استلام سلاح المنظمات الفلسطينية التي قيل أنّ عملية التسليم ستبدأ مع منظمة فتح في منتصف الشهر الحالي ولكن لم يتم الاشارة إلى سلاح المنظمات التي تأتمر بأمر طهران وهذا يعقّد المشهد أكثر فأكثر".

وعن تصريح الرئيس عون، رأى حمادة أنّ "الهدف وراء هذا العنف المستجدّ هو بمثابة رسائل أميركية توجّه إلى لبنان عبر إسرائيل وليس كما اعتبر عون في بياته".

وقال: "ليس هناك من رسائل إسرائيلية توجّه إلى أميركا بل رسائل أميركية توجّه إلى لبنان عبر إسرائيل، خصوصا أن عدم تعليق الولايات المتحدة على هذا التصعيد يشير إلى أن الولايات المتحدة تغطي هذه الاعتداءات على لبنان".

واعتبر حمادة أن "ما حصل يجب أن يُقرأ من باب البحث عن آلية آخرى تحمي لبنان لتطبيق القرار 1701 وعدم الاستمرار بالآلية القائمة حاليًا".

أما لجهة البيان الصادر عن قيادة الجيش التي حاولت بالأمس الدخول إلى المواقع المستهدفة لتفتيشها تجنّبًا لتوجيه الضربات، فشرح حمادة أنّ "المطلوب اليوم هو إدلاء اللجنة المكلّفة بمراقبة وقف إطلاق النار ببيان لتوضيح ما حصل، ولمعرفة ما إذا كان قد تمّ فعلًا الإيعاز للجيش اللبناني بتفتيش هذه الأماكن وتمنّع عن ذلك أو أنّ الحزب لم يرض بذلك، خصوصا أنّ أحداثًا مشابهة حصلت في السابق وأدّت الى قصف الضاحية في منطقة الجاموس، والتي عُرف في حينها أن الحزب رفض دخول الجيش إلى أحد المباني لتفتيشها ما دفع العدو الاسرائيلي إلى قصفها".

وتابع: "أمّا إذا حاول الجيش أن يستدرك ما حصل عبر توجيه دوريات إلى عدد من المواقع للكشف عليها بالرغم من تمنّع حزب الله، فعندها يظهر لبنان وكأنه يحاول الالتفاف على تنفيذ القرار وعلى الآلية أو "الميكانزم" المتّبعة في تطبيق وقف إطلاق النار".

وفي ما يتعلّق بتلويح الجيش بوقف التعاون مع اللجنة المراقبة، فأوضح حمادة أن "هذا القرار تنفيذي ومرتبط بالـ1701 واتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّع عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري وقبلت به الحكومة السابقة وأحالته إلى التنفيذ"، مؤكّدًا أنّ "وقف التعاون مع هذه اللّجنة هو قرار يُتّخذ من قبل الحكومة اللبنانية لأنّ أي قرار من هذا النوع قد يكون له تداعيات على المستوى السياسي ولا تتوقف على المستوى العسكري، وبالتالي لا يمكن لأحد تعطيله من خارج الحكومة".

في المقابل، أفادت مصادر مطلعة بأن "شنّ الغارات الأخيرة لم يكن الرسالة بحد ذاتها، إذ إنّ اسرائيل لم تتوقف عن شن الضّربات على الضاحية والجنوب، بل إن دلالتها تمثّلت في قوّتها المباشرة واصطدامها مع الجيش، ما يعكس تصعيدًا مدروسًا. ففي الوقت الذي راهن فيه كثير من اللبنانيين على أن إقصاء الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس من منصبها جاء نتيجة لهجتها الحادة ومواقفها المتشدّدة، حمل عدوان الأمس رسالة أميركية مبطّنة نُفّذت عبر إسرائيل، بأن ما حصل هو مقدّمة لتهيئة الأجواء أمام الموفد الأميركي الجديد".

وتابعت المصادر: "توحي هذه الرسالة بأن المرحلة المقبلة قد تكون أكثر تشدّدًا من المرحلة التي ميّزتها أورتاغوس، في مؤشر واضح على أن التصعيد ليس مرهونًا بالأشخاص، بل بالسّياسات المستمرة".