خفض احتياطات الصين من سندات الخزانة الأميركية... ماذا يعني؟
شارك هذا الخبر
Monday, May 19, 2025
خفضت الصين حيازتها من سندات الخزانة الأميركية في مارس (آذار) الماضي، قبيل تصاعد الحرب التجارية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، متراجعة عن موقعها كثاني أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة.
وأظهرت بيانات صادرة عن وزارة الخزانة الأميركية الجمعة الماضي أن حيازات الأجانب من السندات الأميركية واصلت ارتفاعها للشهر الثالث على التوالي، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 9.05 تريليون دولار في مارس الماضي، لكن حيازة الصين تراجعت إلى 765.4 مليار دولار، بانخفاض قدره 18.9 مليار دولار عن فبراير (شباط) الماضي، منهية بذلك اتجاهاً صعودياً استمر في يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين.
وكشفت البيانات عن تراجع الصين إلى المرتبة الثالثة بين حاملي السندات الأميركية في الخارج، بعدما تجاوزتها بريطانيا التي قفزت حيازاتها من هذه السندات بنحو 29 مليار دولار لتصل إلى 779.3 مليار دولار في مارس الماضي، مما جعلها ثاني أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة.
احتمالات "التخلف الفعلي" عن سداد الديون الأميركية
وخفضت الصين انكشافها على سندات الخزانة الأميركية قبيل أبريل (نيسان) الماضي، الذي شهد واحدة من أكثر الفترات تقلباً في الأسواق منذ أعوام، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ما وصفه بـ"يوم التحرير" بفرض تعريفات جمركية، مما تسبب في موجة بيع حادة للسندات.
وأسهمت التراجعات المفاجئة في السياسات خلال الشهر نفسه، لا سيما قرار تأجيل فرض الرسوم الجمركية 90 يوماً على معظم الشركاء التجاريين لواشنطن، في تهدئة مخاوف المستثمرين جزئياً، إلا أن عوائد السندات ظلت مرتفعة.
وفي تطور يعكس استمرار الضغوط على السندات الأميركية، خفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني الجمعة الماضي التصنيف السيادي للولايات المتحدة، مما أدى إلى ارتفاع إضافي في عوائد سندات الخزانة.
وتراجع حيازات الصين من السندات الأميركية تزامن أيضاً مع تجدد المخاوف في شأن إمكان استخدام ثاني أكبر اقتصاد في العالم – إلى جانب كبار الدائنين الآخرين للولايات المتحدة – أرصدته الضخمة من سندات الخزانة كأداة ضغط في مواجهة الحرب التجارية التي تشنها واشنطن.
وفي تعليق نشر بمجلة "تشاينا نيوزويك"، حذر المستشار السابق لدى البنك المركزي الصيني، يو يونغدينغ، من أن حملة الرسوم الجمركية التي يقودها ترمب ترفع من احتمالات "التخلف الفعلي" عن سداد الديون الأميركية، مما يضع حاملي الأصول المقومة بالدولار – وعلى رأسهم السندات – أمام أخطار متزايدة.
وكتب "يجب أن تمتلك الصين مجموعة من التدابير المضادة من خلال تخطيط سيناريوهات متعددة لحماية أمن أصولها الخارجية".
وفي موقف مشابه، صرح وزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو في وقت سابق من هذا الشهر أن طوكيو قد تستخدم حيازاتها التي تتجاوز تريليون دولار من سندات الخزانة كورقة ضغط في المفاوضات التجارية مع واشنطن، قبل أن يعود ويوضح أن بلاده لا تعتزم التهديد ببيع تلك الحيازات.
وظلت اليابان في مارس الماضي أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة، بعدما ارتفعت حيازاتها إلى 1.13 تريليون دولار.
الصين وتصفية سنداتها الأميركية
وكانت الصين أكثر من عقد من الزمن أكبر حائز أجنبي لسندات الخزانة الأميركية، لكنها فقدت هذا المركز لمصلحة اليابان عام 2019، بعدما بدأت بكين تقليص حيازاتها في ظل تصاعد التوترات التجارية مع واشنطن خلال الولاية الرئاسية الأولى لدونالد ترمب.
ومنذ ذلك الحين، ازدادت شكوك بكين حيال هيمنة الدولار الأميركي على التعاملات العالمية، وسعت إلى تنويع محفظتها الاستثمارية، على رغم أن سندات الخزانة الأميركية ما زالت تمثل مكوناً أساساً في احتياطاتها من النقد الأجنبي.
ورداً على سؤال لصحيفة "ساوث تشاينا موررنغ بوست"، حول الاضطرابات الأخيرة في سوق سندات الخزانة الأميركية، قال نائب محافظ البنك المركزي الصيني، زو لان، أواخر الشهر الماضي إن احتياطات الصين من العملات الأجنبية أصبحت "متنوعة بفعالية".
وأظهرت بيانات مارس الماضي أن الصين باعت صافي 27.6 مليار دولار من السندات الأميركية الطويلة الأجل، في خامس شهر على التوالي من عمليات البيع الصافية.
وانخفضت حيازات الصين من سندات الخزانة في ديسمبر (كانون الأول) 2024 إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2009.
وكثيراً ما طرحت فكرة تصفية الصين لسنداتها الأميركية كـ"خيار نووي" محتمل، في حال تصاعد التنافس الاستراتيجي أو نشوب حرب مالية مع الولايات المتحدة، لكن بكين أظهرت تردداً في اتخاذ مثل هذه الخطوة الجذرية، خشية أن تؤدي إلى تفاقم التحديات الاقتصادية داخل البلاد.
وكانت الصين والولايات المتحدة توصلتا إلى اتفاق لوقف التصعيد المتبادل في حرب الرسوم الجمركية بعد جولة مفاوضات جرت بين الطرفين في جنيف نهاية الأسبوع الماضي.
وبموجب الاتفاق، خفضت واشنطن الرسوم الإضافية المفروضة على الواردات الصينية من 145 إلى 30 في المئة 90 يوماً، بينما قلصت بكين رسومها الجمركية على السلع الأميركية من 125 في المئة إلى 10 في المئة للفترة نفسها.
وقال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، الشهر الماضي، إن "استخدام السندات كسلاح مالي لن يحقق أي غرض للصين".