في لبنان لا حياة لمن تنادي أو تحذر من إطلاق الرصاص في الأفراح والأتراح، وهي ظاهرة متوارثة، شهدتها بعض المناطق في شمال لبنان بعد فوز بعض التيارات السياسية أو العائلات في الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت الأحد في محطتها الثانية بعد جبل لبنان.
وعلى رغم تحذير وزارة الداخلية من إطلاق الرصاص، سجل إطلاق نار ورصاص كثيف عشوائي في محافظة عكار ومدينة طرابلس بشكل خاص، وفي بعض الأقضية الأخرى ولو بنسبة أقل. وكانت النتيجة أو المصيبة كما في كل مرة، سقوط ضحايا بالرصاص الطائش، فقضى شاب في محافظة عكار وسقط عدد من الجرحى في طرابلس، من بينهم الإعلامية في «المؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناشونال LBCI» ندى أندراوس التي أصابتها رصاصة في فخذها بعدما اخترقت سقف سيارة المحطة من الأعلى وأصابتها حيث كانت جالسة.
وعلى الأثر، قام الجيش اللبناني بسلسلة مداهمات أوقف بفعلها عددا من مطلقي النار. واللافت في قضاء زغرتا، كما علمت «الأنباء»، أن أحد الشبان أطلق الرصاص ابتهاجا في ساحة بالقرب من منزل رئيس «حركة الاستقلال» النائب ميشال معوض، فما كان من الأخير إلا أن نزل إلى الساحة ونهر مطلق النار وطلب منه أن يسلم نفسه إلى الأجهزة الأمنية، وهذا ما حصل بالفعل.
وفي هذا الإطار، يقول متابعون إن العقوبات بحق مطلقي النار يجب أن تتشدد أكثر وأن تتم مصادرة الأسلحة التي في حوزتهم بشكل نهائي، لاسيما أن هذه الآفة لاتزال مستمرة بالرغم من التوقيفات التي تحصل والمناشدات الدينية والسياسية بعدم إطلاق النار في أي مناسبة.
وكتب رئيس مجلس الوزراء د. نواف سلام في حسابه على منصة «إكس»: «نجحت انتخابات الشمال بإدارة مسؤولة نشكر عليها وزارة الداخلية. وأجدد التأكيد أن الرشوة الانتخابية، أيا يكن مصدرها، ستواجه بإجراءات صارمة، وسنتابع التحقيقات للوصول إلى مصدر الرشوة واتخاذ التدابير القضائية المناسبة، فلا غطاء على أحد. أما مشهد السلاح والرصاص الطائش، الذي أسفر عن إصابات خطيرة، فهو مشهد مرفوض أخلاقيا وقانونيا، وظاهرة مخزية ومتخلفة يجب أن تتوقف. الأجهزة المعنية، ولا سيما الجيش، أوقفت العديد من مطلقي النيران، ولا تهاون في مواصلة المسار الأمني والقضائي وإنزال أشد العقوبات بحق المخلين بالأمن. أناشد المواطنين الكف عن هذه الظاهرة الخطيرة، فالسلاح ليس وسيلة للتعبير، ولا لفرض واقع خارج منطق الدولة».
ومقابل هذا المشهد «الناري» المستهجن، برودة في الإقبال على الاقتراع في مدينة طرابلس ثاني أكبر مدينة وأكبر بلدية في لبنان بعد بيروت، حيث بلغت نسبة الاقتراع 26.70% في طرابلس والميناء بتراجع كبير عن انتخابات 2016 التي عرفت نسبة بلغت 40%. وعزا كثيرون ضعف الإقبال في طرابلس بالرغم من كثرة المرشحين البلديين إلى عدم مشاركة «تيار المستقبل» بزعامة سعد الحريري في هذا الاستحقاق وعدم اهتمام قوى سياسية اخرى بتسييسه. وبالرغم من تحالف مجموعة من النواب لدعم إحدى اللوائح، غير أن لائحة أخرى كانت ناشطة وسجل تقدم نسبي لها في الفرز الأولي. ووجد كثير من أبناء المدينة نفسه غير معني بالانتخابات البلدية، فضلا عن أن المال الانتخابي الذي عادة ما يدفع في طرابلس كان خفيفا جدا في هذه المحطة الانتخابية، ما جعل البعض من الطبقة الاجتماعية غير الميسورة يحجم عن أداء واجبه الانتخابي.
أما في الأقضية الأخرى، فارتدى التنافس في بعض القرى بعدا عائليا مقابل البعد السياسي في قرى أخرى، وسجل تقدم لا بأس به لحزب «القوات اللبنانية» و«حركة الاستقلال» في قضاء زغرتا، علما أن «تيار المردة» بزعامة الوزير السابق سليمان فرنجية حافظ على اتحاد بلديات قضاء زغرتا لصالحه بالرغم من تراجعه في بعض القرى التي كانت محسوبة عليه.
أما «التيار الوطني الحر»، فحافظ على حضوره في محافظة عكار وله فيها مناصرون كثر، فيما تشتت جمهور «تيار المستقبل» أو اعتكف عن المشاركة في المدن الشمالية، فيما ذهب في أبعاد عائلية في بعض القرى من خلال دعم مرشحين قريبين منه على بعض اللوائح.