واشنطن بوست- معسكر نتنياهو قلق من تهميشه ومخاوف من هيمنة أصوات “أميركا أولا”
شارك هذا الخبر
Monday, May 12, 2025
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعده جيري شيه، قال فيه إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طالما تفاخر بعلاقته القريبة مع الرئيس دونالد ترامب، إلا أن الأخير تركه في الظلام بشأن مفاوضاته مع إيران، وأيضا قراره وقف الغارات الجوية ضد الحركة الحوثية في اليمن، والتفاوض مع حماس.
وعدم شمل إسرائيل في جولته بالشرق الأوسط التي سيزور فيها كلا من السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، ليس المرة الأولى التي يهمش فيها ترامب إسرائيل أو نتنياهو.
فقد زاد ترامب من القلق لدى حكومة إسرائيل بسبب المفاوضات النووية مع إيران، ومحاولته تحرير أسير إسرائيلي يحمل الجنسية الأمريكية بدون معرفة إسرائيل، وهي الحكومة التي تعودت على استشارة الإدارات الأمريكية المتعاقبة لها.
ففي الأسبوع الماضي، لاحظ الإسرائيليون، على ما يبدو، تزايدا في الخلافات بين رئيس “أمريكا أولا” وإسرائيل، بعد أن أعلن ترامب عن هدنة مع الحوثيين في اليمن، مما حد من هجمات الجماعة على السفن الأمريكية، لكنه لم يتطرق إلى إسرائيل.
وبعد أيام، ظهرت تقارير تفيد بأن ترامب يدرس منح السعودية فرصة الوصول إلى التكنولوجيا النووية المدنية دون مطالبتها بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو شرط مسبق وضعه الرئيس السابق جو بايدن.
ويوم الأحد، صرح القيادي البارز في حماس، خليل الحية، بأن الحركة ستفرج عن الرهينة الأمريكي- الإسرائيلي إيدان ألكسندر بعد محادثات مباشرة مع مسؤولين أمريكيين.
وأثارت هذه التطورات خوفا بين الإسرائيليين من تحول بلدهم إلى حليف ثان للولايات المتحدة، بعدما رحبوا بالرئيس الذي اعتبروه “أهم رئيس مؤيد لإسرائيل في التاريخ”. وعلق السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن مايكل أورين قائلا: “هذا أمر مقلق”. ووصف شالوم ليبنر، المساعد السابق لنتنياهو والزميل في المعهد الأطلنطي: “هنا حالة فزع كامل”.
وقال المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط، دينيس روس، إن المخاوف الإسرائيلية بشأن مفاوضات ترامب مع إيران والتهديدات الأخرى لإسرائيل نابعة من أنها “لم يتم أخذها بالاعتبار، وحتى لو تم أخذها بالاعتبار، فإنه تم تجاهلها”. وأشار روس إلى تزايد الأصوات في إدارة ترامب التي تدعو إلى تقليل التورط العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، فيما سيعطي ترامب الأولوية القصوى، على الأرجح، لجلب استثمارات بمليارات الدولارات من دول الخليج العربية الغنية إلى الولايات المتحدة خلال رحلته.
وقال روس: “ما نراه هو أن الرئيس ترامب لديه رؤية حول ما يخدم مصلحتنا، وتأتي أولا”، و”يتعامل مع طبيعة مصالحنا الخارجية من خلال الإطار الاقتصادي والمالي والتجاري وليس الجيوسياسي والأمني”. ويضيف روس: “أعتقد أن الرئيس ترامب ربما كانت لديه فكرة: نقدم لهم 4 مليارات دولار في العام، وفعلت الكثير لدعم الإسرائيليين”.
وبدا الموقف واضحا في مقابلة مع السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هاكابي، يوم الخميس والتي قال فيها: “لا تحتاج أمريكا للحصول على إذن من إسرائيل”، كي تتواصل مع الحوثيين. ولكنه نشر بعد يوم تدوينة على منصة إكس شجب فيها ما وصفه التقارير “المتهورة وغير المسؤولة” التي تحدثت أن “ترامب ونتنياهو لم يعودا يطيقان بعضهما البعض”.
ومع ذلك، فزيادة القلق بشأن ترامب في إسرائيل، يتناقض مع المزاج المنتشي في تشرين الثاني/ نوفمبر بعد انتخاب ترامب لولاية ثانية، وصفها نتنياهو بأنها “أعظم عودة في التاريخ” ورأى فيها المتطرفون ودعاة الاستيطان ضوءا أخضر لبناء مزيد من المستوطنات وضم فوري للضفة الغربية وشن حرب شعواء في غزة وعودة الاستيطان إليها.
لكن المزاج بدأ يتغير حتى قبل حفل تنصيب ترامب، حيث اشتكى سرا بعض حلفاء نتنياهو من الضغوط التي يمارسها مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، على نتنياهو للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وزعموا أن ويتكوف له علاقات تجارية شخصية مع قطر. وبدأ آخرون يخشون أن يؤدي تفضيل ترامب لعقد الصفقات إلى منع توجيه ضربة عسكرية لإيران أو إلى اتفاق نووي يسمح لإيران بالاحتفاظ ببعض قدراتها على تخصيب اليورانيوم.
وقد فاجأ ترامب نتنياهو أثناء زيارته للبيت الأبيض في نيسان/ أبريل، وأعلن عن مفاوضات مباشرة مع إيران بشأن ملفها النووي. وبدا نتنياهو مندهشا وهو الذي يدفع قادة أمريكا لأكثر من عقد لتوجيه ضربة إلى إيران.
ووصف أحد مستشاري ترامب، معاملة الرئيس الأمريكي لنتنياهو بأنها “أفضل بدرجة واحدة” من اجتماعه المضطرب في البيت الأبيض مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل ثلاثة أشهر.
وتشير الصحيفة إلى أن أصوات حركة “ماغا” أو لنجعل “أمريكا عظيمة مرة أخرى”، عملت طوال الربيع لمقاومة جهود جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل والجمهوريين المحافظين الجدد لتنصيب صقور إيران وغيرهم ممن ينظر إليهم على أنهم متعاطفون بشكل مفرط مع نتنياهو في مناصب رئيسية في الأمن القومي.
وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” هذا الشهر أن مستشار الأمن القومي السابق مايكل والتز قد أُقيل من منصبه بعد الكشف عن تنسيقه المفرط مع نتنياهو بشأن الخيارات العسكرية ضد إيران، مما أثار غضب ترامب.
وقال المستشار لترامب: “في ماغا، نحن لسنا من مشجعي بيبي” كما يعرف نتنياهو. وأضاف: “ترامب مصمم: يريد من الناس إنزال السلاح”.
ويقول مسؤولون ومحللون إسرائيليون إن صعود جناح متشكك في إسرائيل في واشنطن، وبخاصة داخل الحزب الجمهوري الذي ينظر إليه تقليديا على أنه موال لإسرائيل، يشكل تحديا جديدا. فعلى مدى عقود، عندما اصطدم الرؤساء الأمريكيون، من الجمهوري جورج بوش الأب إلى الديمقراطي باراك أوباما، مع إسرائيل في مسائل تتراوح من سياسة الاستيطان في الضفة الغربية إلى الاستراتيجية تجاه إيران، اعتمدت إسرائيل على مؤيديها في الكونغرس للرد.
ومع ذلك، حتى بعد أن ألقى نتنياهو وبعض مؤيدي إسرائيل بثقلهم خلف ترامب، فإن عددا من المشرعين الجمهوريين المتحالفين مع ترامب، مثل البرلمانية الجمهورية عن جورجيا، مارغوري تايلور غرين، يبتعدون بشكل متزايد عن إسرائيل، مما يتركها دون أي ملاذ في الكونغرس.
ونقلت الصحيفة عن المحلل الإسرائيلي أميت سيغال قوله: “هناك الكثير من النقد الدائم وأناس يقولون: وضعنا بيضنا في سلة واحدة ورجعنا خاليين الوفاض”، وتساءل: “ماذا ستفعل إسرائيل الآن؟ هل تتصل مع ألكسندرا أوكاسيو كورتيز؟ إنها مشكلة” في إشارة للبرلمانية الديمقراطية عن نيويورك، والناقدة لإسرائيل والحرب على غزة.
من جانبهم، قلل حلفاء نتنياهو من شأن أي خلاف بين القادة الأمريكيين والإسرائيليين. وقال أحد أعضاء حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو إن المخاوف في إسرائيل ترجع ببساطة إلى عدم تطابق التوقعات، حيث قال الحليف: “كان الكثير من الناس سعداء للغاية لأن كامالا هاريس لم تكن كذلك لدرجة أنهم اعتقدوا أن ترامب سيكون رئيسا أمريكيا من حزب الليكود سيفعل ما تريده إسرائيل” و”لكن هذه التوقعات لم تكن واقعية أبدا، وأعتقد أن رئيس الوزراء كان دائما يفهم ذلك”.
وأشاد مسؤول إسرائيلي آخر بترامب لتزويده الجيش الإسرائيلي بذخائر ثقيلة، وقال إنه بينما ضغط مسؤولو إدارة بايدن دائما على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، لم يقدم ترامب مثل هذه الطلبات خلال الأشهر القليلة الأولى من ولايته. ومع ذلك، فإن مجرد تصور أن نتنياهو يفقد تأييد ترامب قد يضر برئيس الوزراء الإسرائيلي الذي راهن على صورته العامة وقدرته على التنقل والتأثير في السياسة الأمريكية بشكل أفضل من أي من منافسيه المحليين.
وبدا هذا الطموح في الملصق الذي جمع نتنياهو مع ترامب عام 2019 أثناء الانتخابات البرلمانية. لكنه بعد عام، أغضب ترامب عندما أعلن عن نيته ضم أجزاء من الضفة الغربية، وزاد على ذلك عندما هنأ بايدن بفوزه في انتخابات 2020.
وفي الأيام الأخيرة، انتهز معارضو نتنياهو الفرصة للتشكيك في تعامله مع العلاقات الأمريكية.
ووصف يائير لبيد، زعيم المعارضة، المفاوضات المباشرة بين الولايات المتحدة وحماس بشأن الأسرى بأنها “فشل دبلوماسي مخز” من جانب نتنياهو، وقال إن “مسؤولية عودتهم تقع على عاتق الحكومة”.
وعلق يائير غولاني، وهو زعيم حزب يساري قائلا: “الأمريكيون يتقدمون في صفقة مع السعوديين، ويتقدمون في صفقة مع إيران، ويتقدمون في خطة إقليمية جديدة بمليارات الدولارات، لكنهم يتجاهلون نتنياهو وإسرائيل”.
إلا أن أورين، السفير الإسرائيلي السابق، ذكّر ناقدي نتنياهو بالقول إن الكثيرين في إسرائيل ينسون أن ترامب “ليس من مؤيدي المستوطنات، فقد عارض ضم الضفة الغربية وتبنى خطة حل الدولتين” خلال ولايته الأولى.
وأضاف أورين أن بعض الأصوات المؤيدة لإسرائيل والمؤثرة جدا لم تعد موجودة في البيت الأبيض و”لنكن واقعيين”.