خاص- "وإن تعالى عون عن تسميته"... هكذا يريد الأمين ضرب الحلم اللبناني!- سيمون أبو فاضل

  • شارك هذا الخبر
Monday, May 12, 2025

خاص- "الكلمة أونلاين"

سيمون أبو فاضل

شدّد رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون خلال زيارته لدولة الكويت على ضرورة عدم التّعرض للأشقاء العرب من خلال الاعلام اللبناني والتّطاول على أي جهة خارجية صديقة للبنان. كما صدر عن المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية بيانٌ للغاية ذاتها، مذكّرًا بأن "الحرية لها مقتضيات ثابتة، أولها الحقيقة، وثانيها الانتظام العام في مجتمع ديمقراطي"، من دون أن يوجّه البيان أصابعه نحو أية مؤسّسة إعلامية لبنانية، كما أن موقف الرئيس عون والبيان الاعلامي للقصر لم يحملا أيّ تهديدٍ أو تحذيرٍ ،بل أسلوبًا راقيًا مخالفًا لثقافة الممانعة..

لكن رئيس تحرير جريدة "الأخبار"، إبراهيم الأمين اعتبر أن هذا البيان يستهدفه و"الأخبار" بصورة مباشرة، وعمد إلى نشر مقالٍ اليوم الاثنين تحت عنوان، "محاولة جديدة لإسكات «الأخبار»"، اعتبر فيه أن رئاسة الجمهورية تسعى لإسكات الجريدة، علمًا أنّ رئيس الجمهورية تمنّى بالمطلق عدم التّعرض لأي دولة عربية من موقعه الرئاسي ومن حرصه على العلاقات اللبنانية – العربية ومصالح اللبنانيين في الخارج عبر كلام موزون، ليأتي مقال الأمين متضمّنًا اتهامًا لرئيس الجمهورية بأنّه يريد إسكات "الأخبار" وهي الجريدة التي عمد صاحبها وعبرها مرارًا، كمنفّذ لسياسة الممانعة والحرس الثوري الإيراني، إلى تهديد شخصيات عدّة طالها الاغتيال لاحقًا وليس آخرها الكاتب والناشط السياسي لقمان سليم، من دون أن ننسى دعوته قوى 14 آذار لتحسّس رقابهم في مراحل الاغتيالات السابقة.

لا يتطلب الموضوع اجتهادًا أو استفاضة لأن ما سأذكره هو لصالح المصلحة العامة والمواطنين الذين يهدّد مصالحهم الأمين في الدول التي يتواجدون فيها للعمل بجهد وكفاءة فقط.

إنّ رئيس الجمهورية شدّد على هذا الكلام، انطلاقًا من موقعه وعلمه بأن إعادة وصل لبنان مع الدول العربية وتأمين إعادة الإعمار لمناطق كل من الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية والبقاع الشمالي الذي ينتمي معظم أبناؤها للطائفة الشّيعية الكريمة، وهم الذين دفعوا شهداءً وضحايا ودماءً ودمارًا وتهجيرًا ثمنًا لتلبية حزب الله طلب الحرس الثّوري الإيراني بشنّ "حرب المغامرة" التي حرصت إيران على "دوزنتها" تحت سقفٍ محدّدٍ للعمليات العسكرية بما يُجيز لها التّفاوض على "رأس حزب الله"، حتى أنّ الرّد على اغتيال الأمين العام الأول والثاني للحزب لم يأت مزلزلًا ترجمةً لتهديدات لطالما صدرت من سياسيي ومحللي الممانعة للتحذير من عواقب حصول هكذا وقائع.

إن رئيس الجمهورية يدعو الى عدم التعرض للأشقاء العرب أوّلًا لأن لبنان دفع ثمنًا غاليًا نتيجة ابتعادهم عنه، كما أنّه يأتي في ظلّ العلاقة الخليجية – الايرانية المتطوّرة بين الرياض وطهران التي يخضع الأمين لتوجيهات حرسها الثوري. هذه العلاقة من شأنها أن تأخذ المنطقة نحو التّهدئة ونحو تفاهمات لم تعد كتابات الأمين قادرة على تعطيلها أو نسفها بقدر ما هي إساءات لأهداف اعتمدها مع عدد من الدّول، والمؤسسات اللّبنانية التي لم ترضخ لأسلوبه الذي يغلّفه بعقيدة الممانعة التي دمّرت لبنان. كما أنه من الطبيعي أن يقرّ الأمين بدور الزعيم الشيعي، رئيس مجلس النواب نبيه بري كـ "عرّاب المقاومة"، هو الذي توصل الى إتفاق وقف إطلاق النار المتجدّد مع إسرائيل، نتيجة علاقاته الخارجية، بعد مناشدة حزب الله المكثّفة له، جرّاء مغامرة حرب المشاغلة، وكان لدول اللجنة الخماسية التي تضم خليجيين وعرب دورٌ مساعدٌ، ناهيك عن كمية المساعدات وأساطيل الطائرات العربية والخليجية التي حملت إلى أبناء الطائفة الشيعية ما لم تعمد إلى تأمينه إيران التي باعت اللبنانيين وتلتقي الشيطان الاكبر وجهًا لوجه.

من هنا، التّعرض للدول العربية الشقيقة لم يعد يندرج في إطار الموقف السياسي -الإعلامي ولن يعطي أيّة نتيجة كمحاولة "استقطاب"، إذا ما كان يهدف منها الأمين استجلاب الأنظار تجاهه على قاعدة أنه مناضلٌ يسكر بالمقاومة الى حد الثّمالة، لأن أولويّات محور الممانعة باتت واضحة وتتّجه نحو خطوات جديدة على خلفية الهزائم التي طالت هذا الفريق.

وأيضًا، فليسأل الأمين مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء حسن شقير الذي عمل سابقًا بالتنسيق مع مسؤولين رسميين وحاليًا بتوجيهات الرئيس عون وأيضًا زعيم الطائفة الشّيعية رئيس مجلس النواب نبيه بري على معالجة الكثير من الملفات مع دول خليجية وعربية لها علاقة بمواطنين لبنانيين وتحديدًا من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة، بعيدًا عن الإعلام.

وإذا ما اعتبر ابراهيم الامين أنّ رئيس الجمهورية يريد إسكات "الاخبار"، فليراجع قيادات بيئته عن العلاقة المستجدّة والجيّدة التي تشهد تطويرًا متواصلًا، ويحاول عبر مقاله نسفها عشية زيارة عون إلى الكويت التي كانت قد كشفت عن عصابة متعدّدة الأهداف وللحزب أصابع فيها.

إلى ذلك بدا واضحًا عداء ابراهيم الأمين للثقافة والعلم والتطور، في حملته المستمرّة على الجامعة الأميركية كصرح تربوي عريق له بصماته في تاريخ لبنان ونهضته العلمية وعلى رئيسها الدكتور فضلو خوري، الذي وجّه له اتهامات تندرج في خانة "سابع المستحيلات"، في وقت أن معظم وزراء الطائفة الشيعية في الحكومة الحالية هم من خريجي هذه الجامعة كما يُعرف رئيسها بمدى الاحترام الذي يحظى به، ما يظهر أن كلام الأمين ليس سوى تأكيد على أنّه يكره دعاة العلم والتّطور.

إن الأمين يعطي لنفسه الحق في التطاول على المقامات وتقويض السّيادة والتّهجم على الجامعات سواء كانت كاثوليكية أو غربية، وفي هذا الإطار، يتحدث الأمين عن علمنة ذكّرتني بما قاله لي الزميل غسان سعود، عندما غادر جريدة السفير، عن أنّه أعدّ في إحدى المرات تحقيقًا دسمًا يتعلّق بإحدى الموسسات الدينية (لن أذكر مذهبها) وقبله تحقيقًا عن حزب ومؤسّسات تابعة له (أيضًا لن أذكره)، ورفع التحقيقين بأوقات متفاوتة الى الأمين الذي كان يستمهل بدراسة التحقيق المسبوك والغني بالوقائع والمعطيات.. ثم يعمد إلى إبقائه في درجه... كل ذلك لأنه يتعاطى بمنطق مذهبي مغلّف بأفكار عقائدية عند اللزوم أو "الحاجة".

يكفي ما أصاب لبنان من كوارث وويلات نتيجة الأحلام الإيرانية، فلتكن فرصة لأحلام اللبنانيين بإعادة بناء بلدهم وتوقّف الهجرة واستعادة أولادهم من الغربة القسرية..

كما لا يمكن فصل تهجّمات الأمين على الدول الشقيقة في هذا الظرف عن أنّه يريد أن يسيء للاقتصاد اللبناني وتعطيل الانفتاح السياحي الخليجي تجاه لبنان مما يؤدي إلى انتعاش هذا القطاع واستفادة شريحة لبنانية واسعة من ضخ هذه الأموال التي تستفيد منها أكثر من جهة، هادفاً في ذلك لضرب حلم اللبنانيين برهانهم على نجاح عون الذي يجول على الدول العربية لأكثر من سبب سياسي واستراتيجي وأيضًا للمساعدة في إعادة الإعمار ورفع الحظر عن مواطنيها للسفر إلى لبنان للسياحة والاصطياف.

كذلك، دخل الامين على خط العلاقة بين عون ورئيس الحكومة نواف سلام الذي يعبّر في جلساته الخاصة عن تململه من جولات رئيس الجمهورية مقارنة بديناميته هو، فيما غاب عن سلام إصدار أي مواقف تتضمّن حرصه على العلاقات اللبنانية - الخليجية - العربية، علمًا أن على جدول سفراته، زيارة مرتقبة إلى قطر ودول خليجية أخرى، كما كان الأمين قد نشر في جريدته أن إرجاء التعيينات التي كان من المرتقب أن تتم ناتج عن انزعاج سلام من التعيينات التي أقدم عليها عون في السابق بهدف إظهار استحالة التعاون معه لإرضاء شريحة مذهبية يريد أن ينسيها نتائج حرب المشاغلة.

ويأتي انحياز ابراهيم الأمين إلى سلام نتيجة الرابط النضالي المشترك بينهما الذي يعتمد على قاعدة "اعتصموا بالصمت"...