بانتظار الهدوء الإقليمي.. لبنان قد يصدّر النفط العراقي

  • شارك هذا الخبر
Monday, May 12, 2025

شهد لبنان ورشة إعادة تأهيل داخلية تحت عنوان الإصلاحات. وهذه الورشة ليست معزولة عن المسارات الخارجية، نظراً للحاجة إلى ترتيب العلاقات الخارجية، خصوصاً مع الدول العربية، لما في ذلك من انعكاس على الوضع الداخلي. وفي هذا السياق، يقابل العراق المسعى اللبناني بكل إيجابية، فالفائدة متبادلة، إذ إنّ استعادة لبنان عافيته الداخلية، يساعد العراق أيضاً على الاستفادة من خط أنابيب النفط الممتد من كركوك إلى طرابلس. وبذلك، تصبح عملية إعادة تأهيل الخط، مشروعاً حيوياً للبلدين. ولأهميّته، كان محطّ نقاش في اللقاء الأخير الذي جَمَعَ وزيرا المالية والطاقة ياسين جابر وجو الصدّي، مع رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف جمال رشيد.
ورغم حيوية المشروع وأهميته بالنسبة للبنان، إلاّ أنّه ليس حلاًّ سحرياً لمشكلاته، كما أن عراقيل كثيرة قد تمنع أو تؤخِّر إنجازه، أبرزها التوتّرات الإقليمية.

إعادة الإحياء
أكثر من مرة، حاول العراق ولبنان إعادة إحياء مشروع خط الأنابيب، لكن من دون جدوى. فأحوال البلدين داخليًا، وأوضاع المنطقة، لم تساعد في ذلك. علماً أن الجانب العراقي طرح فكرة إعادة التأهيل منذ سنوات، لا سيما منذ العام 2018. وقبل اللقاء الأخير بين الجانبين اللبناني والعراقي، أكد رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار في العراق، حيدر مكية، خلال زيارته لبنان في يونيو 2024، على رأس وفد، أن "الدولة العراقية ستعمل على إعادة تأهيل أنبوب النفط من العراق مرورًا بسوريا إلى مصفاة طرابلس في لبنان". ويأتي ذلك ضمن "مشاريع كبرى طرحها العراق، أهمها الكوريدور المشرقي الذي يربط العراق بسوريا ولبنان". ومن بين المشاريع، "ستعمل الحكومة العراقية على تمديد كابلات ألياف ضوئية ذات سعات كبيرة، سيتم مدها من منصات في الإمارات إلى الفاو في العراق، ومن ثم إلى سوريا ولبنان، على أن تمر بجانب أنبوب النفط". أما التنفيذ، فهو "على عاتق الحكومة العراقية".

واليوم، يراهن لبنان كما العراق على إتمام إعادة التأهيل الذي سيحيي مجددًا مشروعًا بدأ بامتياز صادر في مايو من العام 1931، لصالح شركة نفط العراق التي نقلت النفط الخام من كركوك إلى البدّاوي في طرابلس، بهدف معالجته وتصديره. ولهذا الغرض، تم في العام 1940 إنشاء المصفاة التي تتسع لـ21 ألف برميل يوميًا. وانتقلت إدارة المنشآت إلى الحكومة اللبنانية في العام 1973. إلا أن العمل هناك توقف في العام 1992، وتحولت المنشآت إلى مكان يستوعب مستوردات الفيول الصناعي والديزل أويل للمركبات الآلية، تمهيدًا لتوزيعها في السوق من قِبل شركات توزيع النفط.
والمشروع بالنسبة للبنان "سيكون أكثر من حيوي إذا توفرت الظروف الملائمة لتحقيقه"، وفقًا لما يقوله المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة، غسان بيضون، الذي كان في عداد الوفد اللبناني الذي بحث الملف مع الجانب العراقي كمستشار لوزير المالية.
وفي حديث لـ"المدن"، يشير بيضون إلى أن من إيجابيات المشروع "وصول النفط إلى لبنان وقدرته على تأمين حاجته من النفط وتصدير كميات أخرى، وضمنًا، الاستفادة من تشغيل منشآت طرابلس، ما يدر أرباحًا مالية للبنان".
وتزداد أهمية المشروع في أنه سيشمل بالتوازي مدّ خط للألياف الضوئية وخطًا للغاز سيمر بجانب أنابيب النفط، "ما يعني أنه ليس على الدولة اللبنانية استملاك أراضٍ جديدة. كما قد يشجّع على نجاح المشروع، برأي بيضون، "على تفعيل مشاريع مشابهة مثل خط الغاز العربي (من مصر) وشبكة الربط الكهربائي الرباعي (من الأردن)، والتي ستشمل العراق أيضًا".

العقبات موجودة
ليست الرغبة فقط هي العامل الحاسم في إنجاز المشروع، وإنما تلعب التوترات الإقليمية دورًا أساسيًا في إعاقة التنفيذ، فضلاً عن الوقت الذي يحتاجه لبنان لإنجاز الإصلاحات الضرورية. وهو ما عبّر عنه جابر الذي أشار إلى أهمية "حسم الأوضاع في سوريا وتأمين الإمداد عبر أراضيها". أما لبنانياً، "فإمكاناتنا المادية محدودة حتى في ظل وجود قروض من البنك الدولي أو صندوق النقد. لكن في جميع الأحوال، إن القيام بالإصلاحات أمر ضروري لهذا المشروع"، وفق بيضون الذي يسلّط الضوء على أن العامل الخارجي في هذا المشروع يؤثر على استفادة لبنان منه، "فإذا حصل أي خلاف، قد تنقطع الخدمات لأنها تمر عبر دول أخرى". لكن هذه المخاوف لا تلغي أهمية المشروع، ولذلك على لبنان أن يتصرّف "على أساس أننا ذاهبون إلى الاستقرار، وأن نكون إيجابيين تجاه هذه الطروحات".

يعوّل لبنان على الهدوء في المنطقة واستكمال الإصلاحات الداخلية. فالمشاريع، على اختلاف أنواعها وتعدد الجهات التي ستنفذها، هي حاجة للبنان بعد سلسلة نكبات وسط أزمة اقتصادية مستمرة منذ العام 2019. ولن يكون المشروع العراقي حلاً سحريًا لإنقاذ لبنان، لكنه قد يشكّل مقدمة مهمة تساهم في حل الأزمة.

خضر حسان
المدن