فضيحة ضمّ وفرز بمزيارة: قاضٍ متقاعد يخرق القانون بمشروع عقاري ضخم

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, May 6, 2025

تكشف وثائق رسمية ومراسلات قضائية، اطلعت عليها مصادر موثوقة، عن واحدة من أخطر الفضائح العقارية والإدارية التي يشهدها لبنان في السنوات الأخيرة، وتتمحور حول مشروع "الضمّ والفرز" في بلدة مزيارة (قضاء زغرتا)، حيث تولّى القاضي المتقاعد ن.ع الإشراف على تنفيذ عمليات الضمّ والفرز لمساحات شاسعة تقدّر بملايين الأمتار المربعة، دون توفر أي مسوّغٍ قانوني أو تغطية مالية رسمية من وزارة المال، في مُخالفة واضحة للأصول القانونية والإدارية المرعية الإجراء.

"سندات مؤقتة" موضع شكّ قانوني:

في 3 تموز 2023، أودع القاضي ن.ع لدى بلدية مزيارة نحو 2968 سنداً عقارياً مؤقتاً، تمهيداً لتسليمها إلى "المالكين الجُدد"، بالرغم من أن العديد من هذه العقارات لا تزال موضع إعتراضات قانونية من قبل المالكين الأصليين، ما يثير تساؤلات جدية حول مشروعية هذه السندات ومدى قانونية عملية توزيعها.

عودة قاضٍ متقاعد دون سند قانوني:

الأخطر في الملفّ، أن القاضي ن.ع كان قد أُحيل إلى التقاعد بمرسوم رسمي صادر بتاريخ 11 كانون الأول 2015 (المرسوم رقم 2376/2015)، إلا أنه عاد لمُزاولة مهامه منتصف العام 2018، واستمرّ في الإشراف على مشروع الضمّ والفرز دون أي تكليف قانوني أو مرسوم جديد، ما دفع بعض الجهات القضائية إلى تصنيف هذه العودة ضمن خانة "انتحال صفة"، في ظل غياب أي قرار رسمي يُعيده إلى العمل القضائي.

تجاوز قرارات قضائية رسمية:

المُفارقة الصادمة أنّ القاضي عكاري واصل إصدار قرارات والتعامل مع الاعتراضات العقارية، رغم صدور قرار قضائي رسمي بتاريخ 26 أيلول 2017 (القرار رقم 2286)، يقضي بتعيين قضاة جدد للإشراف على المشروع، ومن بينهم قاضٍ مختصّ بمنطقة الشمال. استمرار القاضي المتقاعد في ممارسة المهام نفسها بعد هذا القرار يُعدّ مخالفة صريحة للمرسوم الاشتراعي رقم 70/1983 الذي ينظم آلية الضم والفرز في لبنان.

تمويل مجهول وخروقات بالجملة:

وبحسب المعطيات، فإن المشروع تم تنفيذه دون توفر اعتمادات مالية رسمية مرصودة من وزارة المال، كما لم تُستحصل موافقات واضحة من جميع أصحاب الأملاك، وهو ما يضع علامات استفهام كبرى حول مصدر التمويل وآلية تنفيذ الأعمال.

نحو مساءلة قضائية وإدارية؟

المعلومات المتوافرة تشير إلى أن الملف بكامل تفاصيله ووقائعه سيُحال قريباً إلى الجهات القضائية المختصة، وسط دعوات متصاعدة من مراجع قانونية وسياسية وإعلامية لفتح تحقيق عاجل وشامل، يطال جميع الأطراف المعنية، وصولاً إلى محاسبة المتورّطين، واسترداد الحقوق إلى أصحابها.

تُعدّ هذه الفضيحة اختباراً جديّاً لهيبة القضاء والإدارة في لبنان، وتضع الجهات الرقابية والحكومية أمام مَسؤوليات كُبرى في ظل تزايد الشبهات حول "تواطؤ صامت" ساهَمَ في تمرير هذا المشروع بصيغته الراهنة.