غوتيريش في اجتماع لمجلس الأمن حول فلسطين: نحن أبعد ما نكون عن حل الدولتين
شارك هذا الخبر
Tuesday, April 29, 2025
تحت رئاسة وزير الخارجية الفرنسي، جان-نويل مارو، بدأ مجلس الأمن الدولي صباح الثلاثاء جلسة مفتوحة على مستوى وزاري لمناقشة بند “الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية. وقد سجل 70 مندوبا للحديث أمام المجلس من بينهم عدد من وزراء الخارجية من سلوفينيا وسوريا وسيراليون والمملكة المتحدة بينما تشارك البرتغال والنرويج والفلبين على مستوى نائب وزير الخارجية.
وقد كان أول المتحدثين في الجلسة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي أسهب في وصف الأوضاع المقلقة في الشرق الأوسط بشكل عام والأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل خاص قائلا: “تمر المنطقة بتحولات جوهرية، تتسم بالعنف والتقلب، لكنها أيضًا تتسم بالفرص والإمكانات. في لبنان، يجب احترام وقف إطلاق النار وسلامة الأراضي وتنفيذ جميع الالتزامات. في سوريا، يجب أن نواصل العمل لدعم مسار البلاد نحو انتقال سياسي يشمل جميع شرائح الشعب السوري – انتقال يضمن المساءلة، ويعزز التعافي الوطني، ويضع الأساس لتعافي سوريا على المدى الطويل، ويعزز اندماجها في المجتمع الدولي وهذا يشمل الوضع في الجولان السوري المحتل – الذي لا يزال محفوفًا بالمخاطر مع انتهاكات جسيمة لاتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، مع استمرار وجود جيش الدفاع الإسرائيلي في منطقة الفصل وهجماته المتعددة التي تستهدف مواقع عبر خط وقف إطلاق النار. في جميع أنحاء الشرق الأوسط، يطالب الناس ويستحقون مستقبلًا أفضل، لا صراعًا ومعاناة لا نهاية لهما. يجب أن نعمل جماعيًا لضمان أن تُلبي هذه الفترة المضطربة والانتقالية تلك التطلعات، وأن تُحقق العدالة والكرامة والحقوق والأمن والسلام الدائم”.
وقال غوتيريش إن تحقيق الكرامة والحرية والسلام يتطلب إدراك حقيقتين أساسيتين: أولًا، أن المنطقة تمر بمرحلة مفصلية في تاريخها، وثانيًا، أن السلام المستدام الحقيقي في الشرق الأوسط يتوقف على مسألة محورية واحدة. حول قضية جوهرية أكدها مجلس الأمن هذا وأعاد تأكيدها عقدًا بعد عقد، وسنة بعد سنة: حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن، والقدس عاصمة لكلتا الدولتين”. وقال مؤكدا: “اليوم، يُواجه وعد حل الدولتين خطر التلاشي إلى حد التلاشي. إن الالتزام السياسي بهذا الهدف الراسخ أبعد مما كان عليه في أي وقت مضى”.
وتابع الأمين العام مؤكدا أن حقوق كلٍّ من الإسرائيليين والفلسطينيين في العيش والسلام والأمن قد تقوضت، وحُرِم الفلسطينيون من تطلعاتهم الوطنية المشروعة، بينما يرزحون تحت وطأة استمرار الوجود الإسرائيلي الذي قضت محكمة العدل الدولية بعدم قانونيته. وتابع قائلا إنه “منذ الهجمات الإرهابية المروعة التي شنّتها حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ازداد الوضع سوءًا على جميع الجبهات. أولًا، الصراع المستمر والدمار في غزة، بما في ذلك ظروف الحياة اللاإنسانية تمامًا المفروضة على شعبها الذي يتعرض للهجوم مرارًا وتكرارًا، محصورًا في مساحات أضيق فأصغر، محرومًا من الإغاثة المنقذة للحياة. تماشيًا مع القانون الدولي، رفض مجلس الأمن أي محاولة للتغيير الديموغرافي أو الإقليمي في قطاع غزة، بما في ذلك أي إجراءات من شأنها تقليص مساحة أراضيه. غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية، ويجب أن تبقى كذلك. ثانيًا، في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، تُحدث العمليات العسكرية الإسرائيلية واستخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق السكنية، والتهجير القسري، وعمليات الهدم، وتقييد الحركة، وتوسع المستوطنات، تغييرات جذرية في الواقع الديموغرافي والجغرافي. يُحاصر الفلسطينيون ويُجبرون على البقاء في مناطق تخضع لعمليات عسكرية متزايدة، حيث تتعرض السلطة الفلسطينية لضغوط متزايدة، ويُجبرون على الخروج من المناطق التي تتوسع فيها المستوطنات. ثالثًا، يستمر عنف المستوطنين بمستويات عالية بشكل مثير للقلق في مناخ من الإفلات من العقاب، حيث تواجه مجتمعات فلسطينية بأكملها اعتداءات متكررة وتدميرًا، يُساعد عليه أحيانًا جنود إسرائيليون. كما تستمر الهجمات الفلسطينية ضد الإسرائيليين في كل من إسرائيل والضفة الغربية المحتلة”.
وناشد الأمين العام أعضاء المجلس قائلا: “لا يمكن للعالم أن يتحمل رؤية حل الدولتين يتلاشى. يواجه القادة السياسيون خيارات واضحة – خيار الصمت، أو خيار الرضوخ، أو خيار التصرف”,
وأشار غوتيريش إلى أن وقف إطلاق النار بصيص أمل – إطلاق سراح الرهائن الذي طال انتظاره وإيصال الإغاثة الإنسانية المنقذة للحياة. لكن تلك الجذوة من الفرص انطفأت بقسوة مع انهيار وقف إطلاق النار في 18 آذار/ مارس. ومنذ ذلك الحين، قُتل ما يقرب من 2000 فلسطيني في غزة جراء الغارات والعمليات العسكرية الإسرائيلية – بمن فيهم النساء والأطفال والصحفيون والعاملون في المجال الإنساني. “في غزة، لا نهاية تلوح في الأفق للقتل والبؤس”.
وقال الأمين العام إن الوضع الإنساني تدهور في جميع أنحاء قطاع غزة من سيء إلى أسوأ، إلى ما يفوق التصور. “لمدة شهرين كاملين تقريبًا، منعت إسرائيل دخول الغذاء والوقود والأدوية والإمدادات التجارية، مما حرم أكثر من مليوني شخص من الإغاثة المنقذة للحياة. كل ذلك والعالم يراقب. إنني أشعر بالقلق إزاء تصريحات المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين حول استخدام المساعدات الإنسانية كأداة للضغط العسكري. المساعدات غير قابلة للتفاوض. يجب على إسرائيل حماية المدنيين والموافقة على برامج الإغاثة وتسهيلها”.
ودعا الأمين العام إلى إعادة دخول المساعدات فورًا – وضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيين – والسماح لوكالات الأمم المتحدة بالعمل في ظل الاحترام الكامل للمبادئ الإنسانية: الإنسانية والنزاهة والحياد والاستقلال. “يجب ألا يكون هناك أي عائق أمام المساعدات الإنسانية – بما في ذلك من خلال العمل الحيوي للأونروا”.
ودعا الأمين العام إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن. ونحتاج إلى وقف إطلاق نار دائم. “لقد حان الوقت لوقف التهجير المتكرر لسكان غزة، إلى جانب أي مسألة تهجير قسري خارج غزة. ويجب وضع حد لانتهاك القانون الدولي. أدعو الدول الأعضاء إلى استخدام نفوذها لضمان احترام القانون الدولي وعدم انتشار الإفلات من العقاب. وهذا يشمل حادثة 19 مارس/آذار التي أقرت إسرائيل الآن بمسؤوليتها عنها بإطلاق النار على دار ضيافة تابعة للأمم المتحدة، مما أسفر عن مقتل زميل وإصابة ستة آخرين… ومقتل مسعفين وعمال إنقاذ آخرين في رفح في 23 آذار/مارس”.
وأشار الأمين العام إلى مداولات محكمة العدل الدولية حول الإجراءات الإستشارية بشأن التزامات إسرائيل، بصفتها قوة احتلال وعضوًا في الأمم المتحدة، فيما يتعلق بوجود الأمم المتحدة وأنشطتها في الأرض الفلسطينية المحتلة وفيما يتعلق بها. لقد أدلت المستشارة القانونية للأمم المتحدة بيانًا مكتوبًا إلى المحكمة في شباط/ فبراير – وأدلت أمس ببيان شفوي أمام المحكمة – وكلاهما بالنيابة عني. يتضمن البيان الموجه إلى المحكمة نقاطًا طرحتها في عدة مناسبات. على وجه التحديد، يجب على جميع أطراف النزاع الامتثال لجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وعلى إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، التزام بضمان توفير الإمدادات الغذائية والطبية للسكان. على إسرائيل التزام بالموافقة على برامج الإغاثة في الأرض الفلسطينية المحتلة وتسهيلها. ويجب احترام وحماية العاملين في المجالين الإنساني والطبي وموظفي الأمم المتحدة.
وأكد غوتيريش مجددا أن حل الدولتين يقترب من نقطة اللاعودة. وأن على المجتمع الدولي تحمل مسؤولية منع استمرار الاحتلال والعنف. وأضاف “ندائي للدول الأعضاء واضح وعاجل: يجب اتخاذ إجراءات لا رجعة فيها نحو تطبيق حل الدولتين. لا تدعوا المتطرفين من أي طرف يقوضون ما تبقى من عملية السلام”. وقال إن المؤتمر رفيع المستوى في حزيران/ يونيو، برئاسة مشتركة من فرنسا والمملكة العربية السعودية، فرصة مهمة لتنشيط الدعم الدولي. أشجع الدول الأعضاء على تجاوز التأكيدات، والتفكير بإبداع في الخطوات الملموسة التي ستتخذها لدعم حل الدولتين القابل للتطبيق قبل فوات الأوان. في الوقت نفسه، تحتاج السلطة الفلسطينية إلى دعم متزايد ومستمر – سياسيًا وماليًا. وهذا أمر بالغ الأهمية لضمان استمرارية المؤسسات الفلسطينية، وترسيخ الإصلاحات الجارية، وتمكين السلطة الفلسطينية من استئناف مسؤولياتها الكاملة في غزة. في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ شعوب الشرق الأوسط وفي هذه القضية التي يتوقف عليها الكثير – يجب على القادة أن يقفوا وينفذوا التزاماتهم.السفير الفلسطيني: هناك توافق دولي لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات
رياض منصور: حصار علني على مليوني فلسطيني
تحدث السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، عقب كلمة الأمين العام، مؤكدا وجود إجماع دولي على مجموعة من المبادئ والخطوات، أولها وقف إطلاق النار، ثم إيصال المساعدات الإنسانية، إطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، والانتقال نحو حل الدولتين. وأضاف: “لكن ما تقوم به إسرائيل هو إعلان علني لحصار مليوني فلسطيني في غزة، نصفهم من الأطفال، وحرمانهم من الغذاء والدواء والماء والكهرباء. لا يوجد نقص في عدد القنابل التي تُلقى على غزة، لكن هناك نقصا في كل ما يحتاجه الناس للبقاء على قيد الحياة. التجويع يُستخدم كسلاح حرب، إلى جانب القصف المتواصل دون توقف”.
وأكد منصور وجود خطط إسرائيلية واضحة ومعلنة تهدف إلى تهجير سكان القطاع وتفريغه وضم أراضيه، مشددا: “لن نستسلم لهذا الواقع. يجب أن نُنهي هذا الفصل ونعود إلى وقف إطلاق النار”.
وأشار السفير إلى تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، متمنيا أن تُسهم الولايات المتحدة ومصر وقطر في الدفع نحو وقف إطلاق النار. وتابع: “نحن نريد السلام، ليس فقط لنا، بل للجميع. نؤمن أن المسار السلمي هو طريقنا إلى الحرية والسلام. هذا ما أكدته اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، التي انتخبت حسين الشيخ نائبًا للرئيس”.
وأضاف منصور: “كنت متوجها إلى رام الله لحضور اجتماعات المجلس، لكن إسرائيل احتجزتني خمس ساعات ثم منعتني من دخول وطني، فلسطين، التي وُلدت فيها أنا ووالدي. ومع ذلك، أُمثلها هنا بكل فخر. هذه مجرد عينة من معاناة الفلسطينيين”.
وشدد على التزام القيادة الفلسطينية بعدم استخدام العنف، في حين أطلقت القيادة الإسرائيلية كل إمكانياتها العسكرية ضد المدنيين الفلسطينيين. وأوضح: “بينما تلتزم القيادة الفلسطينية بحل الدولتين، تعمل إسرائيل على تدميره. وبينما نتحرك بمسؤولية، تتصرف إسرائيل تحت ضغط شعبوي ومتطرف. نحن نلتزم بالقانون الدولي والإجماع الدولي، أما إسرائيل فتتصرف بناء على هوية الضحية وتطالب بالإعفاء من أي مسؤولية. نحن نؤمن بمبدأ ‘دعنا نعيش ودع الآخرين يعيشون’، بينما تعتبر إسرائيل أن وجود شعب يجب أن يقوم على إفناء شعب آخر”.
وطالب منصور الدول بالاعتراف بدولة فلسطين، واتخاذ خطوات لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها، مؤكدا وجود خطط لإدارة القطاع من قبل السلطة الفلسطينية، وأن المبادرة العربية لإعمار غزة لاقت ترحيبا دوليا. وأضاف أن مؤتمرا دوليا سيعقد في يونيو/حزيران برعاية فرنسا والسعودية لمناقشة حل الدولتين.
واختتم بالقول: “نناشد جميع الدول احترام القانون الدولي والعمل على إقامة الدولة الفلسطينية، كما دعا الأمين العام. لقد حان وقت الخطوات العملية. نطالب بخطوات ضد الاستيطان، وبدعم وكالة الأونروا. الفلسطينيون داخل قفص، والإدانة وحدها لا تكفي. لا يجب الاستسلام للعجز أو التعايش مع استمرار المجازر. يجب وقف حرب الإبادة، وإنهاء هجمات المستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية”.