بسبب ترمب... هل ترتفع معدلات إفلاس الشركات في بريطانيا؟
شارك هذا الخبر
Sunday, April 27, 2025
طالت موجة الاضطرابات في الأسواق والناجمة عن الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس الأميركي دونالد ترمب أسواق الدين العالمية، مما زاد من الأعباء والأخطار على الدول والشركات المثقلة بالديون والساعية إلى الاقتراض، فنتيجة لعدم اليقين ومخاوف الركود تدهور النشاط الاقتصادي، بعدما رفع المقرضون من سقف المطالب لتقديم أي تمويل جديد أو إعادة هيكلة ديون موجودة.
يأتي ذلك خلال وقت تواجه الشركات، خصوصاً الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على الاقتراض لتمويل نشاطها، استمرار أسعار الفائدة المرتفعة مع تردد البنوك المركزية في خفض أسعار الفائدة خشية احتمال ارتفاع معدلات التضخم، نتيجة الحرب التجارية وفرض أميركا تعريفة جمركية غير مسبوقة على شركائها التجاريين حول العالم.
ويقول رئيس إدارة استشارات الديون في شركة "ألفاريز أند مرسال" تيم ميتزيغن "هناك مستوى مرتفع من التردد لدى جهات الاقراض، يجعل الأعمال والشركات البريطانية في وضع صعب".
وخلص تقرير مطول في صحيفة الـ"ديلي تلغراف" إلى أن هذا الوضع ربما يزيد من معدلات تخلف الشركات عن سداد ديونها، وكما يقول ميتزيغن فإن "الاضطرابات الحالية تعني عملياً بالنسبة إلى أية شركة تسعى إلى الاقتراض، أن هناك مزيداً من الطلبات (من جانب جهات الإقراض) لتقديم معلومات أكثر ولفحص دفاترها وأعمالها، مما يعني أن عمليات الائتمان تصبح أكثر عمقاً وتأخذ وقتاً أطول، حتى من دون ضمان أن الشركة ستحصل على التمويل المطلوب في نهاية كل هذه العمليات".
الشركات المتعثرة
ويزيد تردد المقرضين إذا جاءت طلبات القروض من شركات متعثرة أو معرضة للأخطار نتيجة تقلبات السوق الناجمة عن الحرب التجارية، ويتوقع كثير من المحللين أن تزيد عمليات طلب الحماية من الدائنين (الإفلاس قانوناً) من قبل الشركات المثقلة بالديون.
ونتيجة لاحتمالات الإفلاس اضطرت الحكومة البريطانية للتدخل، إذ طرح رئيس الوزراء كير ستارمر مبادرة "تمويل الصادرات البريطانية" بتوفير تمويل إضافي بنحو 20 مليار جنيه استرليني (26 مليار دولار) يتاح في صورة قروض للشركات المتأثرة بفرض التعريفة الجمركية الأميركية.
وإذا كانت الشركات الكبيرة يمكنها دفع مستحقات ديونها بالاقتراض مجدداً فإن ذلك يساعدها على توفير السيولة لنشاطها، أما الشركات الصغيرة وبخاصة المتعثرة منها فإنها تصبح غير قادرة على الاقتراض، وعندها تضطر إلى بيع بعض أصولها أو استنفاد احتياطاتها النقدية لتفي بالتزامات الديون. وفي حال عدم كفاية بيع الأصول أو ما لديها من احتياط سيولة لتسديد المستحقات عليها، تضطر الشركات والأعمال لإعلان الإفلاس.
إلى ذلك، يشير المحللون إلى أن الشركات التي يأتي القدر الكبر من عائدات مبيعاتها من السوق الأميركية هي الأكثر انكشافاً على الأخطار، بالتالي سيتردد المقرضون في توفير التمويل لها أكثر من غيرها.
المشكلة أن فرض التعريفة الجمركية جاء بعدما توسعت شركات عدة من تلك المسجلة على مؤشر "فوتسي 100" داخل السوق الأميركية، فعلى سبيل المثال تكلفت شركتا "جيه دي سبورتس" و"رينتوكيل" كثيراً للتوسع في أميركا خلال الأعوام الأخيرة.
وتواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً التي لها أعمال في أميركا إلى جانب نشاطها في بريطانيا، مشكلة تعقيد عمليات الائتمان. ويقول أليس كونتي من شركة "فانغارد" إن "عملية ترتيب الدين تأخذ أسابيع من البداية إلى النهاية، مما يعني أن أي تأخير نتيجة زيادة الفحوص والتدقيق في وضع الشركة يزيد من خطر تعثر الشركة، إذا كانت في حاجة لإعادة تمويل قروض حالية والالتزام بالسداد في مواعيدها".
يُضاف إلى ذلك، أن الشركات التي يقترب موعد استحقاقات ديونها الحالية تواجه مشكلة زيادة عبء الدين في حال إعادة التمويل، ويضيف كونتي "وصلنا إلى أن العائد (على السندات - الدين) ارتفع بأكثر من 30 نقطة أساس (0.3 في المئة)، وعلى رغم أنها نسبة تبدو قليلة، فإنها قد تعني زيادة أعباء الديون بمئات الملايين في حال القروض المعقولة".
التردد في التمويل
ومن الشركات التي تواجه خطر عدم القدرة على الاقتراض، تلك التي تعمل في قطاعات ستتأثر بفرض التعريفة الجمركية مثل قطاع التصنيع أو المستحضرات الطبية، فيرى رئيس استشارات الديون في شركة "بيل هنت" أليكس دوغاي أن التعريفة الجمركية تزيد من تعقيد مشكلة ائتمان موجودة بالفعل ما بعد أزمة وباء كورونا.
ويضيف أن "الشركات كانت بالفعل تعاني صعوبة الوصول إلى التمويل حتى من قبل الإعلان عن التعريفة الجمركية، وهذا من شأنه الآن أن يضيف عقبة أخرى إلى إمكانية حصولها على القروض".
أما بالنسبة إلى المقرضين، فإن التردد في التمويل وتوفير القروض للشركات يمثل عبئاً أيضاً على عائدات المؤسسات المالية وهوامش أرباحها من فوائد تلك القروض، ولا يقتصر الأمر على الشركات الصغيرة والمتوسطة وتلك التي تعاني عبء مديونية بالفعل، بل إن الشركات الكبرى أيضاً مترددة في توسيع نشاطها والاستثمار في المستقبل، في ظل عدم اليقين الحالي بعد إعلان فرض التعريفة الجمركية.
وفي الأثناء، خلص مسح أجراه بنك "أتش أس بي سي" ونشرت وكالة الأنباء البريطانية "بي أي" نتائجه هذا الأسبوع، إلى أن ثلاثة أرباع شركات التصنيع واللوجيستيات البريطانية تتحسب للضرر من فرض التعريفة الجمركية، لذا أوقفت معظم تلك الشركات خططها الاستثمارية المستقبلية، مما يضر بطموحات الحكومة البريطانية لانعاش الاقتصاد وتحقيق النمو.
وشمل مسح البنك ألفي شركة، إذ ذكرت نسبة 73 في المئة من شركات التصنيع ونسبة 75 في المئة من شركات النقل والتوزيع أنها تتوقع التضرر من فرض التعريفة الجمركية، أما شركات التكنولوجيا والاتصالات فكانت نسبة من توقعوا التضرر من التعريفة الجمركية بينها عند 86 في المئة.
وبحسب تقرير البنك فإن نسبة كبيرة من تلك الشركات بدأت في تعديل خططها للمستقبل، تحسباً لتلك الأضرار وأي تغيير آخر غير متوقع في السياسات، وأرجأت نسبة 21 في المئة من تلك الشركات اتخاذ أي قرار في شأن الاستثمار الإضافي.