سلاح الحزب ورقة قوة او ورقة ضعف؟ -بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Saturday, April 26, 2025

خاص- الكلمة أونلاين

بولا أسطيح

ليس خروج رئيس المجلس النيابي نبيه بري مؤخرا ليعلن رفضه ان يُسلّم سلاح حزب الله راهنا ويعتبره ورقة تفاوض لدفع اسرائيل لتنفيذ الشروط المطلوبة منها، أمرا عابرا سواء في التوقيت او المضمون. فموقف بري هذا يدحض كل ما اشيع مؤخرا عن تجاوب شيعي مع تسليم السلاح شمالي الليطاني بسيناريو مماثل لما يحصل جنوبه. فقد راهن كثيرون ان اقتراح بري اجراء حوار ثنائي بين رئاسة الجمهورية وقيادة حزب الله لبحث مصير السلاح باطار استراتيجية دفاعية معينة، من شأنه ان يؤدي لحسم الملف قريبا.. لكن المواقف الاخيرة سواء الصادرة عن الحزب نفسه او عن الرئيس بري تأتي لتؤكد ان الموضوع معقد اكثر بكثير مما توقع البعض وبأنه بات مرتبطا بالمفاوضات الاميركية- الايرانية وما سينتج عنها.
فهل يشكل سلاح الحزب حقيقة ورقة قوة للبنان يفترض ان يستثمرها ويستفيد منها لا ان يسلمها مجانا ام هي ورقة ضعف عليه تسليمها بأقرب وقت كي لا تستجلب مزيدا من الانهيارات والدمار والتهجير والحروب؟
لا شك ان الوقائع منذ سريان وقف اطلاق النار في كانون الثاني الماضي حتى اليوم لا تبدو مشجعة في مجال اجبار اسرائيل ب"الدبلوماسية"على تنفيذ بنود الاتفاق وبشكل اساسي الانسحاب من النقاط التي لا تزال تحتلها.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه "هل العودة لاستخدام السلاح، او ما تبقى منه، كفيل بتحرير الارض بعد التجربة المريرة في حرب دعم غزة والتي بينت ان استخدام هذا السلاح اتى بالخراب والدمار والاغتيالات على البلد كما انه ادى غرضا عكسيا بحيث ان اسرائيل وسّعت احتلالها لاراض لبنانية وباتت تخرق السيادة اللبنانية بشكل يومي دون وجود اي رادع دبلوماسي او عسكري؟"
ولو كان حزب الله لا يزال يراهن على قدرة سلاحه على مواجهة اسرائيل او ردعها لما كان توانى للحظة لضرب اتفاق وقف النار عرض الحائط كما تفعل اسرائيل، الا ان تمسكه به بعد اكثر من 130 عملية اغتيال طالت قيادييه وعناصره منذ وقف الحرب كما رضوخه لواقع احتلال تل ابيب ٥ تلال دون القيام بأي حركة باتجاهها، كل ذلك يؤكد ان قيادة الحزب فهمت تماما واقعها وتتعايش معه، لكنها تعتقد انه بين خياري تسليم السلاح الآن او التمسك به لفترة من الزمن واستخدامه من قبل طهران ورقة في المفاوضات النشطة مع واشنطن، فان الخيار الثاني يبقى الاكثر واقعية بالنسبة لها رغم علمها بالمخاطر المحدقة بها.
ويستفيد الحزب من تراجع الضغط الاميركي الذي كان قد بلغ اقصى درجاته في الفترة الماضي. اذ ان عدم فرض المبعوثة الاميركية مورغان اورتاغوس اي مهل زمنية لسحب السلاح يؤكد ان الادارة الاميركية تُدرك هي الاخرى ان هذا الملف بات عمليا على طاولة محادثاتها مع ايران وان مصيره سيُحسم هناك.. وبالتالي كل ما يعنيها راهنا الخطوات العملية المتخذة على الارض من قبل الجيش اللبناني باطار سعيه لبسط كامل سيطرته جنوبي الليطاني وهو ما يُشرف عليه الاميركيون بدقة وبمواكبة على الارض تحت انظار حزب الله وبيئته.
بالمحصلة، يبدو جليا ان ورقة السلاح شمالي الليطاني ليست ورقة لا بيد الحزب ولا بيد لبنان ليفاوض فيها لدحر الاحتلال الاسرائيلي واعادة الاسرى ومنع الخروقات اليومية للسيادة اللبنانية، بل هي كانت ولا تزال ورقة بيد طهران التي اضعف موقفها في الحرب الاخيرة هذه الورقة وجعل اي مكاسب تحصّلها بتسليمها مكاسب محدودة جدا خاصة بتعاطيها مع ادارة كادارة دونالد ترامب.