نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا عن دروز سوريا وموقفهم من النظام الجديد في دمشق. وأشارت إلى أن الدروز هم أقلية لكنهم يتمتعون بتأثير في منطقة بلاد الشام يتجاوز حجمهم. وقالت: “إن لم يعط منظر البازلت الأسود صورة مباشرة عن خصوصية السويداء، فإن الأعلام الفنزويلية التي ترفرف تشير إلى ذلك. وتحيط الصخور البركانية بالطرق المؤدية إلى هذه المدينة الواقعة جنوب سوريا، حيث يرفرف علم قوس قزح الدرزي إلى جانب العلم الفنزويلي ثلاثي الألوان – تكريما للجالية الدرزية هناك”. وتعتبر السويداء معقل الدروز في سوريا، وهي أقلية انبثقت من الشيعة وتتسم بالانغلاق على نفسها، لكنها في السياسة منفتحة وبراغماتية.
فقد مال الدروز في جميع أنحاء الشرق الأوسط إلى العمل مع القوى الحاكمة، مما منحهم نفوذا لا يتناسب مع أعدادهم. ففي منطقة الجليل، يقاتل الجنود الدروز في صفوف الجيش الإسرائيلي بالحرب ضد غزة وجنوب لبنان. وبالمقابل دعمت الفصائل السياسية الرئيسية للجماعة حزب الله في مواجهته مع الدولة العبرية.
وفي سوريا، كان الضباط الدروز جزءا من الدولة البوليسية في عهد حافظ الأسد ثم ابنه بشار.
وفي السنوات الأولى للحرب الأهلية السورية، دعمت الميليشيات الدرزية النظام، ومع تراجع قبضته، غير الدروز موقفهم، حيث اندلعت احتجاجات لهم في السويداء.
واليوم، يجد دروز سوريا، الذين يعيشون على طول الحدود مع إسرائيل والأردن، أنفسهم عالقين بين حكومة ذات ميول إسلامية لا يثقون بها وعدوان إسرائيلي متزايد على سوريا.
وترى المجلة أن مواقفهم تعتمد في النهاية على الموقف من أحمد الشرع، الجهادي السابق الذي تحول إلى رئيس للدولة الجديدة في دمشق ويحاول إعادة بناء سوريا.
وتعلق أن الدروز أبدوا حذرا، والسبب مرتبط بعام 2015 عندما ارتكبت جبهة النصرة، وهي فرع من تنظيم القاعدة وسابقة على هيئة تحرير الشام، الجماعة الجهادية الحالية التي ينتمي إليها الشرع، مذبحة راح ضحيتها نحو 20 قرويا درزيا. وفي مقابلة أجريت معه في نفس الفترة تقريبا، قال الشرع إنه ينبغي على الدروز اعتناق الإسلام.
وقد رفض قادتهم الدينيون، وهم ثلاثة شيوخ في السويداء، الإعلان الدستوري الذي كشف عنه الشرع في الشهر الماضي، باعتباره إسلاميا جدا وغير تمثيلي. وفي آذار/مارس وصف أحد الثلاثة، الشيخ حكمت الهجري، إدارة الشرع بأنها “حكومة متطرفة بكل معنى الكلمة”.
في هذه الأثناء، تراقب إسرائيل الأقلية الدرزية، ففي الشهر الماضي، عبر العشرات من القرويين الدروز من سوريا إلى مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل تحت إشراف الجيش الإسرائيلي لزيارة مزار درزي معروف. وفي شباط/فبراير عندما اندلع القتال بين الميليشيات الدرزية والقوات الحكومية في جرمانا، وهي ضاحية ذات أغلبية درزية في دمشق، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، بالتدخل. وقد ألمح إلى أنه قد يسمح للدروز السوريين بالدخول للعمل في الجولان الذي تحتله إسرائيل.
ومن جهة أخرى، أظهر المجلس العسكري للسويداء مبدأ براغماتيا، حيث قال زعيمه طارق الشوفي إنه لا يعارض “من حيث المبدأ” الدعم الإسرائيلي.
وقال إن المقاتلين الدروز، المتشككين من حكام سوريا الجدد، يعملون على تجهيز أنفسهم وتنظيم صفوفهم تحسبا لأي مواجهة معهم.
وحذر رجل أعمال درزي قائلا إن إسرائيل ستكون مخطئة لو فسرت عدم ثقتها بالشرع على أنه تأييد درزي للاحتلال الإسرائيلي أو التدخل العسكري في سوريا.
وقد أبدت بعض الميليشيات الدرزية استعدادها للانضمام إلى الجيش السوري. وتقول المجلة إن شيوخ السويداء المؤثرين واضحون بشأن إسرائيل. ويقول الشيخ يوسف الجربوع، أحد الثلاثة: “تريد إسرائيل أن تظهر أننا تحت حمايتها”. ويؤكد: “إنهم يريدون تجريدنا من هويتنا. لم نقبل يوما وصاية أحد علينا”. ويضيف: “نحن موالون للدولة التي نعيش فيها”. وحذر وليد جنبلاط، الزعيم الدرزي في لبنان الذي اغتيل والده على يد آل الأسد، من أن التقرب من إسرائيل سيجلب كارثة على دروز سوريا.
وقد سارع إلى دعم الشرع بعد سقوط دمشق. ويقول: “أولئك [الذين يدعمون إسرائيل] يسيرون عكس مجرى التاريخ. لا يمكننا أن نتحمل تبعات تنفير المسلمين” منا.