جيوبوليتيكال فيوتشرز- بعد عُمان وروما.. ما مستقبل المفاوضات النووية بين أميركا وإيران؟

  • شارك هذا الخبر
Monday, April 21, 2025

قال كامران بخاري، الأكاديمي المتخصص في شؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية في جامعة أوتاوا، إن المفاوضات الدبلوماسية لإدارة الرئيس دونالد ترامب مع إيران تتجاوز منع الانتشار النووي، فكل ما سيحدث سيكون له تداعيات هائلة على طهران، في وقت يقف فيه النظام على أعتاب مرحلة انتقالية حرجة في القيادة.

وأضاف الكاتب في موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" البحثي الأمريكي: تعد المحادثات الأمريكية الإيرانية، من نواحٍ عديدة، أكثر صعوبة من الجهود المبذولة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. وبغض النظر عن نتائجها، فإنها ستعيد تشكيل منطقة الشرق الأوسط، وسيكون لها أصداء في جميع أنحاء أوراسيا.


بين التخصيب الكامل والتفكيك الجزئي
في 15 أبريل (نيسان)، دعا المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إيران إلى إلغاء برنامجها لتخصيب اليورانيوم.
وقبل ذلك بيوم، عقب اجتماع مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في عمان، صرح لقناة "فوكس نيوز" أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى فرض قيود على قدرات إيران في مجال التخصيب، دون تفكيك برنامجها بالكامل.
وجاء هذا التحول في الخطاب الدبلوماسي بعد اجتماع صاخب في البيت الأبيض ضم ويتكوف ونائب الرئيس جاي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث ومستشار الأمن القومي مايك والتز ومدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف.
وحسب تقرير لموقع أكسيوس، فإن فانس وهيغسيث وويتكوف يفضلون التوصل إلى حل وسط لتأمين اتفاق بينما يطالب روبيو ووالتز بالتفكيك الكامل.


ويعكس الخلاف داخل البيت الأبيض في عهد ترامب توترات استراتيجية أعمق. فبادئ ذي بدء، فإن الاتفاق الذي يقيد التخصيب في الوقت الحالي لن يزيل خطر تجاوز إيران العتبة النووية بمرور الوقت.
ولا يستطيع مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية فعل الكثير لمراقبة أنشطة نظام مصمم على امتلاك أسلحة نووية. إن المقترحات المتعلقة بالمفتشين الأمريكيين غير عملية، في ظل ما يقرب من نصف قرن من العداء بين البلدين.
بالإضافة إلى ذلك، يظل الخيار العسكري مطروحاً على الطاولة، لكنه يتعارض مع هدف ترامب المعلن المتمثل في تجنب "الحروب الأبدية"، خاصة في الشرق الأوسط.
والأهم من ذلك، حسب الباحث، أن النظام الدولي غير مستقر بالفعل في ظل قيام إدارة ترامب بإصلاح السياسة الخارجية الأمريكية. وآخر ما تريده واشنطن هو الانجرار مرة أخرى إلى الشرق الأوسط - مثل العديد من الإدارات السابقة - بدلاً من التركيز على سبل مواجهة الصعود الجيواقتصادي والتكنولوجي للصين.


إيران في أضعف فتراتها
وتابع الكاتب أن تجنب الحرب يكتسب أهمية أكبر بالنسبة لإيران التي تمر بأضعف فترة لها منذ عام 1979. واقتصادها في حالة يرثى له والسخط الشعبي في أعلى مستوياته على الإطلاق. ومن المرجح أن تؤدي الضربة الأمريكية إلى تدمير المنشآت النووية الإيرانية وقد تؤدي إلى الانهيار النهائي للنظام نفسه.
وعندما توصلت طهران إلى الاتفاق النووي لعام 2015 مع إدارة أوباما، كانت تأمل في أنها وجدت توازناً بين سياستها الخارجية الطموحة واحتواء المعارضة في الداخل. لكنها تخلت عن هذا التصور عندما ألغت إدارة ترامب الأولى الاتفاق في عام 2018 واستبدلته بسياسة "الضغط الأقصى". وحاولت إيران إحياء الاتفاق خلال إدارة بايدن، لكن البيت الأبيض عارض ذلك سياسياً.


ثم تدهورت الأمور. أدى دعم إيران لهجوم حماس على إسرائيل عام 2023 إلى تداعيات خطيرة؛ إذ دمّرت القوات الإسرائيلية قيادة حزب الله وقدراته الهجومية، وانهار نظام الأسد في سوريا.
وأضعف هذا الأمر إيران إقليمياً وعرّض دفاعاتها الجوية للضربات الإسرائيلية الانتقامية. وأدّت هذه الأحداث إلى تفاقم الانقسامات الداخلية في النظام الإيراني وقلّصت نفوذه الإقليمي، وحوّلت تركيزه إلى الدفاع عن سيطرته على العراق.


صراع القيادة: الجيش مقابل رجال الدين
يواجه النظام الإيراني صعوبة متزايدة في قمع المعارضة الشعبية، ومع اقتراب نهاية حكم المرشد الأعلى علي خامنئي، من المرجح أن يحل الجيش محل رجال الدين في قيادة النظام المنقسم في حد ذاته بين الحرس الثوري الأيديولوجي والجيش الأكثر احترافية (القوات المسلحة النظامية) .
وهذا ترتيب هش على مستوى القيادة، على أقل تقدير. وتخشى طهران من أن يؤدي موت خامنئي إلى انتفاضة شعبية خلال انتقال السلطة. لذلك، تسعى إلى تخفيف العقوبات لتحسين أوضاعها الداخلية قبل أزمة الخلافة.
ولفت الكاتب النظر إلى أن المحافظة على النظام كانت هي الهدف الأساسي لإيران، التي لم تتجاوز مرحلة البقاء بسبب ضعف الأيديولوجية وفشل الاقتصاد الناتج عن المواجهة مع الولايات المتحدة والمنطقة.


سيناريوهات مستقبلية: تسوية أم تغيير جذري
في غضون ذلك، ستستمر المفاوضات الفنية والسياسية ببطء. وفي أفضل السيناريوهات، سيؤدي التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض إلى سد الطريق أمام امتلاك إيران للأسلحة النووية مقابل تخفيف محدود للعقوبات. ولكن مهما حدث، فإن البيئة الاستراتيجية لإيران على وشك تغيير دراماتيكي، حسب الكاتب.


24.AE