خاص - ماذا خلف المواقف الجديدة المتشددة "للحزب" ؟ - بولا أسطيح
شارك هذا الخبر
Saturday, April 19, 2025
خاص - الكلمة أونلاين
بولا أسطيح
من يتابع عن كثب مواقف حزب الله من ملف سلاحه والاستراتيجية الدفاعية يُدرك تماما ان هناك تحول قد حصل مرتبط على الارجح بالمفاوضات الاميركية- الايرانية. فمواقف الحزب قبل انطلاق المفاوضات كانت بسقف منخفض وقد خرج اكثر من مسؤول حزبي وابرزهم الامين العام الشيخ نعيم قاسم ليعلنوا استعدادهم للجلوس للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية من دون الحديث بوقتها عن اي شروط، ما أشاع جوا من التفاؤل بالبلد وادى لحراك على خط عين التينة- بعبدا للدفع قدما بهذا المسار والاستفادة من المناخ الايجابي الذي ساد بوقتها.
لكن وبسحر ساحر وبما بدا واضحا انه تعليمات صارمة، توالت مواقف جديدة للحزب منذ منتصف الاسبوع الحالي افتتحها القيادي فيه محمود قماطي وتواصلت مع النائب حسن فضل الله مرورا بقياديين حزبيين آخرين وصولا لنعيم قاسم يوم الجمعة. خلاصة كل المواقف ان الحزب يرفض الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية قبل انسحاب اسرائيل من النقاط التي تحتلها واستعادة الاسرى واعادة الاعمار. وان الاستراتيجية الدفاعية لا تعني تسليم السلاح!
ولعل ادق تعبير عن تشدد الحزب المستجد الصورة التي اصر على تعميمها بالتزامن مع المؤتمر الصحافي لقاسم وكُتب فيها بالخط العريض "لن نسلّم سلاحنا". وتختلف القراءات بخصوص الاسباب التي ادت لهذا "الانقلاب" وان كان معظمها يربطه بتعليمات ايرانية بمسعى من طهران لتحسين شروط تفاوضها مع الولايات المتحدة الاميركية ولعل ابرز ما يعزز هذه الفرضية هو توقيت انطلاق الحملة المكثفة للحزب والتي بلغت مداها قبل يوم واحد من الجولة الثانية من التفاوض.
وتسعى ايران من خلال اعلان الحزب تمسكه بسلاحه الاستثمار بورقة "أذرعها" في المنطقة. فرغم حالة الضعف الشديد التي اصابت هذه الاذرع نتيجة حرب غزة وحرب الاسناد، الا انها تعتبر ان هذه الورقة لا تزال حاضرة بقوة ويمكن استخدامها بفعالية على طاولة المفاوضات.
ويأتي دخول السفير الايراني في لبنان مباشرة على الخط في الساعات الماضية لينتقد بشدة "مشروع نزع سلاح المقاومة"، ليشكل دليلاً اضافياً على الدور الايراني المباشر في دفع حزب الله للتشدد.
وتربط أقلية بين مواقف الحزب المستجدة وبين رسائل يريد ايصالها للداخل اللبناني بعدما بدا في الآونة الاخيرة ان قرار انهاء الجناح العسكري لحزب الله اتُخذ وبرضاه. ويقول مؤيدو هذه النظرية ان الحزب يحاول اعادة تحسين وضعيته في الداخل بوجه اخصامه منقلبا على حالة الانكسار التي بدت طاغية عليه مؤخرا والتي استثمرها اخصامه بأشكال شتى. كما ان هؤلاء يرجحون ان تكون هذه المواقف المتشددة بخصوص ملف السلاح موجهة لبيئة الحزب التي بدت محبطة بشدة في الآونة الاخيرة مستغربة ما اعتبرته "استسلاما" سريعا وغير مبرر من قبل قيادة الحزب.
لكن وايا كانت خلفيات الحملة المكثفة التي بدأها الحزب لاعلان تمسكه بسلاحه، الا ان نتائجها واضحة تماما اذ ستؤدي حتما لشرخ داخلي كبير بعد المواقف الواضحة لرئيسي الجمهورية والحكومة كما في ظل الضغوط الدولية الكبرى الممارسة لوجوب الانتقال لخطوات عملية لتسليم السلاح شمالي الليطاني. وبالتالي اما يكون ما يحصل مسعى ايراني لاستثمار ورقة الحزب "المحروقة" في المفاوضات طمعا بأن تقبض ثمن تسليم السلاح، او فان القرار الاميركي-الاسرائيلي واضح ومتخذ وقد نكون بصدد حرب جديدة على الحزب ولبنان في الاشهر القليلة المقبلة لتحييد ما تبقى من سلاح وعناصر مسلحة.