خاص- د. خطار أبو دياب يربط بين عملية الضاحية وزيارة أورتاغوس- إيمان شويخ
شارك هذا الخبر
Tuesday, April 1, 2025
خاص- الكلمة أونلاين
إيمان شويخ
لم يسقط اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقّع في السابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، لكنه تعرض لاهتزازات كبيرة تكاد تطيح به، أو تتطلب تعديله ليتناسب مع الشروط الإسرائيلية والأمريكية التي توجب تشكيل لجان مدنية للتفاوض مع إسرائيل من أجل حل النقاط الخلافية مع لبنان، وهذا ما لم يشمله الاتفاق بصيغته الموقعة في التاريخ المذكور. ولعل سقوط النظام السوري في 8 ديسمبر/كانون الأول من العام الفائت، أي بعد أيام من توقيع الاتفاق، ساهم إلى حدٍّ كبير في تغيير خريطة سوريا ومعها لبنان، حيث لم تعد الحدود كما كانت، ولا النظام السياسي معاديًا لإسرائيل كما كان نظام بشار الأسد. يتوقع من الرعاية الأمريكية والاعتراف بشرعية الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع أن يكون التطبيع بين سوريا وإسرائيل أمرًا يسيرًا وإن احتاج إلى المزيد من الوقت.
في لبنان، يبدو أن التصعيد بات السمة اللازمة للذهاب إلى اتفاق يرضي إسرائيل بالكامل، حيث لم تعد ورقة الضمانات الأمريكية-الإسرائيلية كافية لتحقيق أهداف نتنياهو الجديدة المتمثلة في تصفير الخطر الآتي من سوريا، وتاليًا، لبنان.
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس د. خطار أبو دياب تحدث لموقع "الكلمة أونلاين"، معتبرًا أن ما جرى اليوم يطرح تساؤلات حول قدرة اتفاق وقف إطلاق النار على الصمود بعد ضربة الضاحية فجر اليوم، التي اغتالت معاون مسؤول الملف الفلسطيني في حزب الله، حسن بدير. وفي موازاة ورقة الضمانات، كان هناك دائمًا انتهاك للاتفاق عبر بقاء إسرائيل في احتلال التلال الخمس وعمليات أدت إلى مصرع حوالي 100 شخص في لبنان. وبالتالي، فإن هذا الاتفاق يهتز، وهذا يعود لأسباب عديدة، أهمها التمادي بين حكومة دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو. ويبدو أن هناك أخبارًا من واشنطن تُفيد بتوجيه طلبات من البيت الأبيض، ولبنان لا يستجيب لها، وهذا قد يكون مقدمة لزيارة نائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس. لكن المشكلة الأساسية حسب أبو دياب تكمن أولاً في تفسيرات هذا الاتفاق.
فالرئيس نبيه بري، الذي كان مكلفًا بالتفاوض عن حزب الله، أجاب بأنه لم يوقع على أي شيء، ولكنه في النهاية وافق على الاتفاق وبالتالي قال إن ما يحصل لا يعنيه. وكانت هناك ورقة ضمانات أمريكية لإسرائيل تؤكد حرية الحركة. وبحسب مصادر واشنطن، إسرائيل تعتبر أن لبنان لم يقم بواجبه في الاتفاق بمعنى مشاركته الفعلية في تنفيذ القرار 1701 وبسط سيادته الفعلية في جنوب وشمال الليطاني. ويضيف الدكتور خطار أبو دياب أن المشكلة تكمن في عدم المصارحة. الجيش اللبناني ليس بمقدوره التحرك بقوة من أجل تطبيق الاتفاق، وهذا يتطلب حركة سياسية من قبل رئاسة الجمهورية والحكومة. الأهم أن يكون هناك مؤتمر للحوار الوطني، ليس على غرار إعلان بعبدا الذي تم التنصل منه في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، بل هذه المرة ما كان يطالب به الرئيس بري قبل الانتخابات النيابية. حان وقته الآن لأن بري، حسب أبو دياب، هو زعيم الشيعة في لبنان بعد اغتيال السيد حسن نصر الله، وبما أن لبنان بلد مكونات وتعددي يجب أن يكون هناك مؤتمر مصارحة، يطرح فيه ما إذا كان يراد للبلاد أن تكون ساحة وكل مجموعة فيها تسلم ولاءها للغير، أم نريد أن يكون وطنًا ونتفق على وسيلة لحمايته بتوافق كل المكونات.
وعليه، فإن الشرق الأوسط الجديد، الذي تعمل من خلاله الولايات المتحدة الأمريكية على إرجاع إيران إلى داخل حدودها بعدما صدّرت أزماتها إلى دول المحور، يسير اليوم على صفيح ساخن يتطلب مقاربة سياسية مختلفة في لبنان. فحسب د. خطار أبو دياب، تتغول إسرائيل أكثر فأكثر، وسوريا غير مستقرة، وبالتالي هناك فرصة لإنقاذ لبنان بعد انتخاب رئيس وتشكيل حكومة، وذلك من خلال عدم تضييع الوقت والقيام بكل الإصلاحات. هذا الأمر لا يأتي بالقوة، وإنما بالقناعة بأن هناك دولة تبسط سيادتها. وهذا ما صرح به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للرئيس جوزيف عون بأن قبل بسط الدولة سيادتها وتنفيذ الإصلاحات لن يكون هناك مؤتمرات لدعم لبنان ولا مساعدة له. وهذا يعني بوضوح أن الخطر الأمني موجود بقوة ويجب تفعيل اللجان الأمنية لقطع الطريق على المزاعم الإسرائيلية، ومصارحة الشعب اللبناني حول ما يحصل. ويخشى أبو دياب من رد حزب الله، حيث إن الرد سيكون كارثيًا على الجنوب وكل لبنان. وفي حال لم يرد، فهذا الأمر سيزيد الإحباط لدى بيئته. ولكن مع ذلك، يمتلك لبنان حلولاً دبلوماسية يمكن للدولة اللبنانية أن تستعملها قبل فوات الأوان دون انتظار الضوء الأخضر الخارجي، وإلا فإن الوضع مرشح للمزيد من الانهيار والهزات الأمنية.