فورين بوليسي- إيران قد تصبح أكثر تشدداً مع خليفة خامنئي

  • شارك هذا الخبر
Friday, March 22, 2024

في وقت سابق من هذا الشهر، أجرت إيران انتخابات لمجلسي النواب والخبراء في ظل مقاطعة الكثير من الإيرانيين، مما جعل هذه الانتخابات الأقل مشاركة منذ قيام الثورة الإسلامية.

لكن ذلك لا يعني، وفق الأكاديمي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات رويل مارك غيريخت والباحث في مجلس العلاقات الخارجية راي تقيه، أن على الغرب تجاهل هذه الانتخابات وبخاصة انتخابات مجلس الخبراء الذي سيعين المرشد الأعلى المقبل لإيران.
وكتب غيريخت وتقية مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" أن التكوين الضيق أيديولوجياً لهذا المجلس يعني أن المرشد الأعلى الحالي، آية الله علي خامنئي البالغ من العمر 84 عاماً، قرر الاستعداد لخلافته من خلال ضمان عدم خروج خياره عن المسار بسبب معارضة من داخل النخبة الحاكمة.

وهو بهذا ضمَنَ أيضاً أن صراعات إيران بالوكالة وطموحاتها النووية، على افتراض أن النظام لن يحصل على القنبلة النووية قبل وفاته، ستستمر في تعكير صفو الشرق الأوسط.

والمرة الأخيرة والوحيدة التي اختارت فيها إيران مرشداً أعلى جديداً كانت سنة 1989، عندما توفي مؤسس النظام آية الله روح الله الخميني.

وفي ذلك الوقت، كان النظام لا يزال يتمتع بمقدار من الدعم الشعبي، وكانت النخبة السياسية الإيرانية متحدة.

وربما فاجأ اختيار خامنئي خليفة للخميني كثيرين، بالنظر إلى المؤهلات الدينية الباهتة لخامنئي، لكن سرعان ما احتشدت النخبة السياسية خلفه.

ماذا عن الواضع الراهن؟
وتغيب اليوم كل العناصر التي أدت إلى نجاح عملية الخلافة سنة 1989، فالروابط بين الدولة والمجتمع منقطعة. وحسب أبحاث يرعاها النظام، يريد أكثر من 70% من السكان فصل الدين عن الدولة.

وينتشر السخط على نطاق واسع، لأسباب ليس أقلها أن 60% من الإيرانيين يعيشون الآن في فقر نسبي، ولم تكن الانقسامات الطبقية أكثر وضوحاً مما هي عليه اليوم.


وأضاف الكاتبان أنه لأكثر من 20 عاماً، عمل خامنئي بلا هوادة على غربلة النخبة السياسية، وتحويل العديد من أعضاء المؤسسة السابقين إلى منشقين ومعارضين ساخطين.

وفي الجولة الحالية من الانتخابات، قام النظام بإقصاء العشرات من الموالين للنظام الذين لم يجتازوا مع ذلك المعايير المطلوبة.

ويدرك أعضاء النخبة المحرومون من حقوقهم أن ليس لديهم مستقبل مشرق في حقبة ما بعد خامنئي.


أظهرت موجات متعددة من التظاهرات في جميع أنحاء البلاد منذ 2009 أن قطاعات كبيرة من الشعب الإيراني غاضبة ومتمردة.

والاقتصاد الإيراني الفاسد بشكل منهجي والذي تقوضه العقوبات يبقي النظام في حال من عدم التوازن.

وقد أثارت المظالم الاقتصادية الناجمة عن انتشار الفقر والتضخم احتجاجات سياسية مميتة بشكل متكرر.

بعكس الخميني
وعلى النقيض من قدرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تعبئة القومية الروسية لحرب أوكرانيا، لم يحرك مسعى النظام الإيراني إلى الهيمنة على الشرق الأوسط القومية الفارسية لمصلحة القيادة.

ومن المؤكد أن التشنجات التي أحدثها خامنئي في المنطقة ستبقى بعد وفاته، فقد نجح نهجه حيال الشرق الأوسط في إكساب إيران مقداراً كبيراً من النفوذ بدون إفلاس البلاد. من خلال وضع خامنئي إيران بقوة في شراكات مربحة مع روسيا والصين.

إن محاولة النظام الديني الناجحة على نطاق واسع للسيطرة على شمال الشرق الأوسط لم تكلف سوى عدد قليل نسبياً من الضحايا الإيرانيين المباشرين، كما أن دمج الحوثيين في اليمن بالحرب ضد إسرائيل والولايات المتحدة أعطى إيران عائداً هائلاً على الاستثمار في الجنوب.

بين القوة والضعف
بالنسبة إلى المستقبل، أنشأ خامنئي نظاماً أصبح الآن أقرب إلى عملية توصيل وتشغيل، بحيث لا يتعين على خليفته أن يكون بارعاً إلى هذا الحد حتى يتمكن من جني نتائج مماثلة.

وبعد اغتيال إدارة ترامب للعقل المدبر للحرس الثوري قاسم سليماني، لم يتخلف خليفته الأقل إثارة للإعجاب إسماعيل قاآني عن سلفه في استخدام الوكلاء لمهاجمة أعداء النظام.

وذات يوم، كان البرنامج النووي الإيراني يعتمد على المهندسين المهمين الذين أصبحوا بعد ذلك أهدافاً للاغتيالات الإسرائيلية، الآن، يبدو أن البرنامج يعمل بقيادة ذاتية.

الخليفة قد يكون أكثر تشدداً
لقد تحدى خامنئي مراراً وتكراراً التوقعات، من ضمنها توقعات وزارات الخارجية الغربية وأجهزة المخابرات والمحللين، بأنه ونظامه سيطوران طريقة أكثر سلمية للتعايش مع جيران إيران الإقليميين ومع الولايات المتحدة.
بدلاً من ذلك، أصبح النظام أكثر تشدداً، لأسباب ليس أقلها نزعة خامنئي إلى ترقية الرجال الذين شاركوا في بعض تصرفات إيران الأكثر قتامة.

وبالنظر إلى الطريقة التي يدير بها خامنئي الخلافة، من الممكن أن يصبح النظام أكثر تشدداً في ظل المرشد الأعلى المقبل.

وبعد خامنئي، ستظل مواجهة إيران مهمة شاقة، إذ وضع خامنئي إيران والشرق الأوسط والولايات المتحدة في دينامية تصعيدية ستدوم بعده لسنوات عدة.


24.AE