خاص - "الحزب" يخذل حليفيه..من يُهدد الدور المسيحي بالانتخابات الرئاسية؟ - بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Sunday, August 14, 2022



خاص - الكلمة أونلاين
بولا أسطيح

متأخرا وصل رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الى الديمان لدعم البطريركية المارونية في ملف المطران موسى الحاج. هو وان كان خرج بموقف داعم بعد أيام على الحادثة لعلمه أن الأكثرية المسيحية لن تغفر أي انقسام في التعامل مع موضوع بهذه الحساسية، ارتأى ألا يكون وفد "التيار" واحدا من الوفود التي تسارع للوقوف الى جانب البطريرك الماروني بشارة الراعي. كيف لا والعلاقة بين الرجلين ظلت دائما في "طلعات ونزلات" ولطالما كانت لـ"النزلات" الحصة الأكبر. قرر رئيس "التيار" أن يلتقي الراعي بعد هدوء الهدوء العاصفة واستيعابها. اعتلى منبر الديمان ليوجه الرسائل في كل حدب وصوب. قارب ملف المطران بدهاء، فلم يتبن موقف البطريركية كاملا لكنه أوصل بالوقت عينه رسالة حاسمة لحليفه حزب الله بأن بكركي تبقى فوق الجميع وفوق الاستغلال والاستعمال وفوق سقف الأذى والإهانة، واصل هجومه على رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي متهما اياه بأنه أصلا لا يريد تشكيل حكومة قبل أن يُسهب بالحديث عن الرئاسة. مواقف باسيل "الرئاسية" بات واضحا انها لا تندرج الا باطار رفع السقف والتصعيد. فهو الذي بات مدركا ومقتنعا بانعدام حظوظه بخلافة العماد ميشال عون، يحور ويدور ليُحدد مواصفات للرئيس المقبل لا تنطبق الا عليه. والا كيف نفسر اصراره على ان يكون للرئيس تمثيل يتجسّد بكتلة نيابية وازنة ووزارية تدعمه..فمن يمتلك من المرشحين الرئاسيين كتل من هذا النوع الا باسيل؟ فحتى لو وسعنا "البيكار" لانضم رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، صاحب الكتلة النيابية الوازنة وحيدا الى لائحة مرشحي باسيل. يوحي آداء رئيس "الوطني الحر" بأن الانتخابات الرئاسية لن تكون مسهلة والارجح أنها لن تجري في موعدها الدستوري تماما كما الانتخابات الماضية، لكن الجديد الواجب التوقف عنده هو موقف حزب الله الذي بات واضحا انه لا يرضي حليفيه الطامحين للرئاسة، اي باسيل ورئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية. اذ تؤكد المعلومات أن الحزب حسم أمره، الا اذا كان هناك مستجدات على صعيد اقليمي ودولي تستدعي تشدده مجددا. خلاف ذلك، يتعاطى الحزب بواقعية مع المعطيات الداخلية، وهو بات أقرب من أي وقت مضى لتبني مرشح توافقي غير استفزازي، وهو ما لمسه رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط بعد لقائه وفد الحزب مؤخرا. لذلك لن يُقدم الحزب لا اليوم ولا في المدى المنظور على اعلان تبني ترشيح أي مرشح، لا من فريقه السياسي او اي من غيره، وسيترك الامور تأخذ مجراها، ففي حال تم التفاهم على مجموعة أسماء وسطية، سيوصل لمن يعنيهم الامر لائحة بالاسماء التي يمكن ان يسير بها وبتلك التي يضع عليها فيتو، لتبقى المشاورات داخلية وبعيدا عن الاضواء حتى التوصل لاسم يمكن ضمان فوزه. وتشير مصادر مطلعة على الملف الى ان آداء الحزب هذا بات يزعج حليفيه، باسيل وفرنجية، اللذين فهما استراتيجية حارة حريك في مقاربة الملف، وبأنها أصلا لن تسير بأي منهما لذلك لم تبذل الكثير من الجهود لحثهما على التوافق على اسم مرشح واحد من بينهما.

بخلاف باسيل وفرنجية، يبدو رئيس حزب "القوات" سمير جعجع أكثر واقعية في مقاربة الملف، فهو يدرك أن الكتل النيابية الفضفاضة ليست قادرة وحدها على تعبيد طريق بعبدا، لذلك بدأ باكرا عملية البحث عن رئيس قادر على تأمين الأكثرية النيابية اللازمة لخلافة العماد عون. استراتيجية معراب هذه قد تؤدي في نهاية المطاف لتلاقي المسار الذي تسلكه رئاسيا مع مسار حزب الله في رحلة البحث عن رئيس غير استفزازي. في هذا السياق، تقول المصادر:"استراتيجية فرنجية وباسيل في مقاربة "الرئاسة" تهدد بنسف الدور المسيحي في استحقاق يتوجب ان يكون المسيحيون من يحسمون التوجه العام فيه، لانها تفتح الباب امام باقي الفرقاء لقيادة النقاشات والمشاورات لحسم اسم الرئيس العتيد. صحيح ان اي اسم يتوجب ان يحظى بغطاء مسيحي، لكن تجربة تكليف نجيب ميقاتي لا تزال شاخصة، وبات الغطاء المذهبي أسهل ما يمكن تأمينه، لذلك يتوجب على المسيحيين المسارعة لاستلام دفة المركب الرئاسي، ولن يكون ذلك الا بالتخلي عن الانانيات ونظريات، كنظرية "الرئيس القوي" التي أثبتت فشلها المدوي".