خاص- "الثنائي الشيعي" الحاكم بأمره في البحر والرئاسة…- بولا اسطيح

  • شارك هذا الخبر
Friday, August 12, 2022


على عتبة الاستحقاق الرئاسي، وبدل ان تكون البطريركية المارونية مطبخ الحدث، نرى ان كل الانظار تتجه الى حارة حريك من بوابة عين التينة. فحزب الله الذي فرض رئيس الجمهورية الذي يريده في العام ٢٠١٦، يتجه على ما يبدو لتكرار التجربة وان بأسلوب جديد ونمط مختلف من ادارة اللعبة. واذا كان المسيحيون نجحوا بطريقة او بأخرى قبل ٦ سنوات بحصر الترشيحات الرئاسية برؤساء الاحزاب الاساسية واتخذوا بكركي مظلة لاتفاقهم، يبدو انهم اليوم غير قادرين حتى على ذلك. فانقساماتهم الحادة وفشل او افشال تجربة الرئيس القوي اضافة لاستباق موعد الانتخابات بالانقضاض على بكركي بمسعى لقص جناحيها وتقويض دورها من خلال افتعال اشكال مع المطران موسى الحاج، كلها عوامل تؤدي شئنا او أبينا لرمي الكرة الرئاسية مجددا في ملعب حزب الله، اللاعب الابرع في اللعبتين الداخلية والخارجية.

سواء نجح الحزب بفرض مرشحه خلال المهلة الدستورية اي قبل نهاية تشرين الأول المقبل، أو اضطر الى مجاراة اللاعبين الداخليين الآخرين بفراغ يستمر أشهرا، بات الجميع على يقين أن اي راغب بمقاربة جدية للملف الرئاسي يجب أن يطرق أبواب الضاحية، وهو ما يدركه رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط جيدا فكان أول الطارقين لدس النبض ومحاولة استنطاق حزب الله الذي لا يزال يلتزم الصمت الكلي بخصوص توجهاته الرئاسية وان كانت مصادره لا تنفي انها باتت الوجهة الاساسية لاي سائل عن مصير الاستحقاق والمسار الذي سوف يسلكه. فهو وان كان يترك هامشا لرئيس المجلس النيابي نبيه بري يتحرك فيه ب"الوقت الضائع"، الا انه لن يتوانى عن فرض الضاحية الوجهة الاساسية حين يأتي "وقت الجد".

وليست "الرئاسة" الا واحدا من الاستحقاقات والملفات التي يمسك بها الحزب و"الثنائي الشيعي". فبعد أيام من احياء الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت، لا تزال التحقيقات مجمدة منذ أشهر. هي الاخرى بات مصيرها مرتبطا كليا بارادة "الثنائي". وليس خروج أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله قبل ايام ليعلن بصريح العبارة ان لا حل للتعطيل الذي يجمد الملف الا بتنحي المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، الا دليلا جديدا على سطوة الحزب على القضاء، ما يهدد بحسب مصادر مطلعة على الملف بدخوله في دهاليز النسيان، خاصة في ظل غياب ارادة دولية بالضغط لتفعيل التحقيقات اذا لم نقل "تواطؤا" دوليا لطي الملف لاعتبارات كثيرة لعل ابرزها ان اكثر من لاعب محلي ودولي قد يكون متورطا ب"جريمة العصر".


ولعل أحدث الملفات التي فرض حزب الله نفسه فرضا عليها بعد حديثه مرارا عن أنه يقف خلف الدولة فيها، ملف ترسيم الحدود البحرية. بحيث بات هو من يقود المفاوضات الحقيقية والفعلية سواء عبر اطلالات امينه العام التي ترسم الخطوط الحمراء وتحدد استراتيجية التعاطي مع الملف، او من خلال تحركات اقرب للعسكرية تواكب حراك الوسيط الاميركي. وبغض النظر عما اذا كان الحزب ودوره وسلاحه يشكل عامل قوة للبنان في العملية التفاوضية ام لا، الا انه في الحالتين فقد أخذ الحزب مكان الدولة ومؤسساتها ومن يفترض انهم المفاوضين باسمها وعلى رأسهم رئيس الجمهورية، وباتت هي في موقع المتفرج التي تقف خلف الحزب، وما يرتأيه. علما ان مقربين منه يحاولون ومنذ ساعات اشاعة اجواء سلبية عن مصير المفاوضات والوساطة الاميركية، ما يعزز مجددا احتمالات المواجهة العسكرية خاصة بعد أحداث غزة، وان كانت احتمالاتها لا تزال أضعف من احتمال التفاهم في الربع ساعة الاخيرة والذي حدده الحزب في ايلول المقبل.

وحده الملف المالي والاقتصادي، لا يزال الحزب يجد نفسه غير قادر على التحكم به، وان كان ومن خلال وجوده الفاعل حكوميا شريكا اساسيا في كل الاجراءات "الترقيعية" المتخذة بانتظار اقرار خطة انقاذ بالتعاون والتنسيق المباشر مع البنك الدولي، وهو ما جمد بدوره مع دخول الحكومة مرحلة تصريف الاعمال والتخلي المسؤولين عن تشكيل حكومة جديدة عن مسؤولياتهم رابطين مصير بلد مشلع بمصير رئاسة قد لا تأتي قريبا.
بالمحصلة، أثبتت التجرية ان الانتخابات النيابية الاخيرة لم تحمل جديدا "مؤثرا" بما يتعلق بابقاء البلد خاضعا لارادة "الثنائي الشيعي" وبالاخص حزب الله. ففيما يستمر الدور السني بالتراجع منذ قرار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري تجميد عمله السياسي، وفي الوقت الذي يغيب الدور المسيحي الجاد، يبقى الزمن زمن الارادة السياسية الشيعية، ويبقى "الثنائي الشيعي" ومن يسيره الحاكم بأمره!