شارل الياس شرتوني - الحكومة الانتقالية ومستقبل الجمهورية

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 25, 2022

إن حيثيات التكليف والتشكيل الحكومي الراهن إن دلت على شيء فهو على هزالة الأداء المؤسسي، وصورية الضوابط الدستورية، وغياب القيم السياسية والمدنية المشتركة، التي ينبغي ان تظلل العمل العام في الانظمة الديموقراطية، في وقت تتابع فيه الانهيارات في كل القطاعات، وتتدهور الشروط الحياتية بشكل مأساوي. الانتخابات النيابية لم تفض الى انتظامات سياسية وإصلاحية حاسمة تنقلنا من حالة الركود القاتلة التي نعيشها، الى مرحلة إصلاحية تدرجية تعيد إلينا المبادرة. التكليف الحكومي هو تكليف فارغ المحتوى لا يحمل في طياته أية ديناميكية اصلاحية، وحيثياته تدور حول المحاصصات بين الاوليغارشيات المسيطرة. السؤال المطروح في حال تشكل حكومة جديدة أم عدم تشكلها، هل نحن أمام مرحلة جديدة تنطلق مع إنتخابات رئاسة الجمهورية، أم أمام استحالات سوف تحيل الجمهورية الى تناقضاتها المميتة، والبلاد الى أحوال الاهتراء المديدة وتداعياتها المدمرة. إن الانتخابات الرئاسية سوف تكون مفصلية لجهة إنهاء التركة الثقيلة التي تمثلت برئاسات الطائف المتوالية، وخاصة عهد ميشال عون الذي تم فيه التسليم الإرادي بمداخلات سياسة النفوذ الايرانية انطلاقا من حسابات خاصة. رئاسات الجمهورية المتوالية منذ بدايات الطائف لم تكن سوى غطاءات لسياسات النفوذ الداخلية (سنية،شيعية ، درزية)، وقاطراتها السورية والايرانية ومضاداتها السعودية والتركية والقطرية، حسب المراحل.
إن اعادة الانتخابات الرئاسية الى الحيز السيادي أمر أساسي إذا ما أردنا وضع حد لسياسة النفوذ الايرانية المتمثلة بحزب الله، وما ستفضي إليه من إستقرار الدوامات النزاعية والأزمات المالية والاقتصادية والحياتية المدمرة. هذا هو خيارنا الوحيد في المرحلة المقبلة، إذا ما أردنا الدخول في ديناميكية تغييرية فعلية دون إبطاء لم نعد نحتمله. إن صرف الوقت على مماحكات المافيات الحاكمة، وقرارات المصرف المركزي حول كيفيات سحب الودائع، وسياسة تصفية ديون المصارف، والتلاعب بسعر الدولار بين مافيات الثنائي الشيعي وشركائهم العابري الطوائف، والاستنكاف لمدة ٣ سنوات عن سياسات الاصلاح الهيكلي المالية والمصرفية والقانونية، والتحقيق الجنائي المالي، وإعادة أموال المودعين الى أصحابها، وتثبيت الاستقرار السياسي والامني كمنطلق لعودة الاستثمارات الى البلاد، لم تعد بمقبولة تحت أي عذر.
الانتخابات الرئاسية هي باب التغيير، أو المدخل لاعلان لبنان دولة فاشلة بكل المؤشرات والمطالبة بتحكيم دولي من أجل بت مصيرها ككيان وطني وصيغة سياسية.إن لعبة التموضع على تخوم النزاعات الشيعية-السنية، والسياسة التوسعية للنظام الايراني إقليميًا ،هي شرط لاغ لأية سياسة استقرار وإصلاح ولا إمكانية للتأقلم مع موجباتها، لا على مستوى التسليم بواقع الاستثناء السيادي الذي يتحصن به حزب الله (شعب، جيش، مقاومة) بالتواطؤ مع بقية الاوليغارشية الحاكمة على أساس المقايضات والمحاصصات، أو من خلال تحويل لبنان إلى ترسانة صاروخية تستعملها سياسة النفوذ الايرانية على قاعدة النزاعات البديلة. هذه هي بعض معالم المرحلة البديلة، وكل ما عدا ذلك كلام مضلل ولا فائدة منه.