ذا هيل- لحظة محورية لغزة والدبلوماسية الدولية

  • شارك هذا الخبر
Friday, April 19, 2024

لفتت المديرة المساعدة الأولى لبرنامج حل النزاعات في مركز كارتر كارول دانيال كسباري إلى أن إسرائيل تواجه ضغوطاً أمريكية متزايدة لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة عقب القتل المأسوي لسبعة من عمال الإغاثة في المطبخ المركزي العالمي والخسائر المروعة للحرب التي أودت حتى الآن بحياة أكثر من 30 ألف فلسطيني وحياة أكثر من 1160 إسرائيلياً.

ويأتي هذا الضغط وسط تحول دقيق لكن مهم في سياسة الولايات المتحدة حدث قبل خمسة أيام فقط من الحادث المأسوي، مما قد يفتح آفاقاً جديدة للسلام والاستقرار في المنطقة.
رمز ناشئ للأمل
كتبت كسباري في صحيفة "ذا هيل" أنه في 25 مارس (آذار)، وبعد مرور ستة أشهر على بداية الحرب، تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 2728 الذي يقضي "بوقف فوري لإطلاق النار" خلال شهر رمضان. كما طالب القرار بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.
مع تأييد 14 عضواً للقرار واختيار الولايات المتحدة الامتناع عن التصويت بشكل ملحوظ، كان إقرار القرار ملفتاً للنظر في البيئة الدبلوماسية الحالية، وهو رمز ناشئ للأمل والتحول في غزة والأراضي الفلسطينية، لكن فقط إذا كان يشير إلى جهد جديد لاحترام حقوق الإنسان والتنفيذ الكامل للقانون الدولي كجزء من خريطة طريق أوسع للسلام.

فرصة ووضع قاتم
ومنذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، تبنى مجلس الأمن ثلاثة قرارات، آخرها هو الأول الذي يطالب بوقف إطلاق النار. استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد محاولات ثلاث سابقة طالبت بوقف لإطلاق النار.

ويعد قرار الولايات المتحدة بالامتناع عن التصويت تحولاً محورياً محتملاً في العلاقات الدولية وقد يشير إلى فرصة جديدة لمعالجة الأزمة الإنسانية التي دمرت غزة.


وقبل 18 ديسمبر (كانون الأول) 2023، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد 45 من أصل 89 قراراً أممياً يستهدف إسرائيل، والعديد منها يتناول احتلال الأراضي الفلسطينية أو معاملة الفلسطينيين.

ويؤكد هذا النمط دعم الولايات المتحدة التقليدي لإسرائيل/ وبالرغم من أن القيمة الرمزية للقرار بالنسبة إلى الفلسطينيين في غزة عميقة، يظل الواقع على الأرض قاتماً. تستمر الضربات الإسرائيلية ويستمر تجاهل الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية بدون قيود. إن القرار 2728 هو دعوة طال انتظارها لاتخاذ إجراءات عاجلة.

ما يعقّد القضية أكثر
وأضافت الكاتبة أن على مجلس الأمن، وبصفته حجر الركيزة لحفظ السلام العالمي، الوقوف في طليعة وسطاء السلام في المناطق المتورطة بالنزاعات. يشكل النزاع الذي طال أمده بين غزة وإسرائيل، والغارق في التعقيدات التاريخية والمخاطر الجيوسياسية، واحداً من أكبر التحديات الهائلة التي يواجهها المجلس. لتحقيق النجاح، يجب على أعضاء المجلس أن يكونوا متحدين في العمل من أجل السلام.


لكن كثيراً ما تتعرقل جهوده بسبب السياسة الواقعية التي ينتهجها أعضاؤه الخمسة الدائمون، وأبرزهم الولايات المتحدة التي يعكس استخدامها لحق النقض وقراراتها بالامتناع عن التصويت في كثير من الأحيان مصالح استراتيجية لا تفانيها في حفظ السلام وحقوق الإنسان.
وما يزيد تعقيد القضية هو تكهن مسؤولين أمريكيين بأن القرار غير ملزم قانوناً. إن مثل هذا البيان لا يلقي ظلالاً من الشك على صدقية مجلس الأمن والشرعية الشاملة للأمم المتحدة وحسب، بل يترك أيضاً محنة الملايين من المدنيين معلقة في الميزان.

بين القرارات والإجراءات الموازية
ويسلط القرار 2728 الضوء على النقاش الدائر حول الطبيعة الملزمة لقرارات مجلس الأمن بموجب القانون الدولي. من الناحية النظرية، تتمتع مثل هذه القرارات بالسلطة القانونية لكنها تواجه في الممارسة العديد من العقبات. على سبيل المثال، تنتهك إسرائيل حالياً قراراً صدر سنة 2016 يدعو إلى وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية، ولم يتم فعل أي شيء جوهري لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها لذلك القرار.
ويقوم بعض أعضاء مجلس الأمن الذين يتمتعون بحق النقض، بما فيهم الولايات المتحدة، بعرقلة محاولات فرض هذا التفويض بشكل روتيني. تؤدي الإجراءات السياسية الموازية إلى تقويض الأمن الجماعي الذي تتوخاه الأمم المتحدة. فبعد وقت قصير من امتناعها عن التصويت، نقلت إدارة بايدن ترسانة كبيرة من الأسلحة إلى إسرائيل، بما فيها قنابل ومقاتلات بمليارات الدولارات.

وحدث ذلك بالرغم من المخاوف المتزايدة داخل واشنطن من حملة عسكرية محتملة في جنوب غزة تهدد مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين.
محاسبة إسرائيل واحترام المبادئ الدولية
بحسب كسباري، يجب أن تقود محاسبة إسرائيل والالتزام بالمبادئ الدولية المناقشات حول الوضع بين إسرائيل وغزة، مع التركيز على حق الفلسطينيين في الوجود وتقرير المصير على النحو الذي يعترف به القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. مع ذلك، إن هذا الحق التأسيسي مفقود في المناقشات الحالية ومحادثات السلام السابقة.
إن استمرار إنكار حقوق الفلسطينيين والذي تفاقم بسبب التوسعات الاستيطانية والأعمال العسكرية والحصار على غزة لا يسلط الضوء على دائرة العنف وحسب، بل يؤكد أيضاً عجز المجتمع الدولي في إنفاذ هذه المعايير. بصفتها الحليف الرئيسي لإسرائيل واللاعب الرئيسي على مستوى العالم، لدى الولايات المتحدة القدرة على التأثير بشكل كبير على مسار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
لتحقيق السلام، يُعد التحول في سياسة الولايات المتحدة أمراً بالغ الأهمية، مع التركيز على العدالة وحقوق الإنسان والامتثال للمعايير الدولية. قد يشمل هذا التحول ربط المساعدات الأمريكية لإسرائيل بشروط التقدم نحو السلام، مثل وقف زيادة المستوطنات وإنهاء الحصار على غزة والسعي إلى حل الدولتين الذي يحترم سيادة وكرامة البلدين. علاوة على ذلك، تتمتع الولايات المتحدة بالقدرة على القيادة في مجلس الأمن من خلال الدعوة إلى قرارات تركز على المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، وتتجاوز المصالح السياسية.

العالم يراقب
لتحقيق السلام الدائم، يجب على المجتمع الدولي ألا يكتفي بتنفيذ وقف إطلاق النار ومعالجة الأزمة الإنسانية، بل يتعين عليه أيضاً العمل على التوصل إلى حل يحترم حقوق وتطلعات كل من الإسرائيليين والفلسطينيين.

واستلهاماً من تراث الرئيس جيمي كارتر في الدبلوماسية والمفاوضات، تتطلب هذه اللحظة خطوات جريئة وعملية المنحى.

وتشمل الأخيرة التركيز على الجهود الدبلوماسية التي تعطي الأولوية لحقوق الإنسان وإنشاء آليات للمحاسبة، وإن إشراك اللاعبين الإقليميين والدوليين في حوار بناء ودعم الجهود الرامية إلى إعادة البناء والمصالحة يمكن أن يمثل بداية فصل جديد في عملية السلام، ويتجاوز هذا النهج وقف إطلاق النار ويعالج الأسباب الجذرية للصراع ويمهد الطريق لسلام شامل يحترم كرامة جميع الأطراف.

تنبّه كسباري أخيراً إلى أن العالم يراقب، وسيسجل التاريخ الإجراءات التي اتخذت في هذه اللحظة المحورية. لقد حان الوقت لاتخاذ إجراءات حاسمة ومتعاطفة نحو سلام عادل ودائم.


24.AE