خاص - الشركات اللبنانية "تستثمر" أزمة "كورونا" للعمل عن بُعد؟ ناديا الحلاق

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, April 15, 2020

خاص — ناديا الحلاق

الكلمة اونلاين

لم يتوقع اللبنانيون أنهم سيقومون بمهامهم الوظيفية وهم في منازلهم، ففي ظل انتشار الفيروس التاجي كورونا واستمرار تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي والدعوة إلى الحجر المنزلي وتقييد حركة التنقل وحظر التجول، أصبح العمل عن بُعد في لبنان الخيار الوحيد والمتبع للوقاية من فيروس كورونا المستجد "كوفيد١٩" والحفاظ على سلامة المجتمع وصحته، ما حتم على بعض الشركات والمؤسسات اللبنانية إعادة النظر في تعزيز ثقافة العمل عن بعد ووضع خطط عملية ومستقبلية لاتباع هذا الأسلوب ما بعد انتهاء كابوس كورونا خصوصاً وأن اصحاب الأعمال لن يكون باستطاعتهم تحمل أعباء الإنفاق.
حتى الآن يبدو الحديث عن بناء ثقافة عمل للشركات التي تعتمد أسلوب العمل عن بعد أمراً غير مألوف في بيئة العمل اللبنانية ولكنه قيد الدراسة، لأن أرباب الاعمال يعتقدون أنه لا بد من تواجد الموظفين في مكانٍ واحد ليقدموا أفضل ما لديهم.
لا يعتبر العمل عن بعد ظاهرة جديدة على مستوى العالم، فرضه انتشار وباء كورونا، حيث تنتشر ممارسات العمل عن بعد في العديد من قطاعات الأعمال، مثل أعمال تقنيات المعلومات والتسويق وتطوير التطبيقات، وأنواع محددة من مبيعات التجزئة، بهدف زيادة الإنتاجية والتعاون الافتراضي، وتقليل تكاليف استئجار المكاتب والسفر، وتقليل تكاليف تنقلات الموظفين، وتخفيض استهلاك الكهرباء في المكاتب.
أما التوسع في التوجه نحو العمل عن بعد في لبنان قد يكون فيطرح اسئلة عدة مرتبطة بجوهر العمل وطبيعته، ومدى انتاجية الموظف وكيف ستقاس، وبمناصب الموظفين والمهام التي يتولونها خصوصاً وأن نظام العمل في لبنان سلطوي، وكيف سيتفاعل الموظفون مع بعضهم البعض، وهل تتغير طبيعة العلاقة بين الموظفين وأصحاب الأعمال ، وكيف ستغدو قيمة العمل في أذهان الناس إن أصبح قسم كبير منه رقمياً.

كيف تنجح الشركات اللبنانية في أسلوب العمل عن بعد؟

تعتبر خيارات العمل المرن والعمل عن بُعد هي أكبر “محرك للتغيير الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي في مجال التوظيف، وتشكل هذه الظاهرة في لبنان تحديًا كبيراً للشركات وبامكانها النجاح في هذا الأسلوب الجديد في حال قامت بإعداد دليل واضح للعمل عن بعد وتعزيز هذه الثقافة بين موظفيها.
و يجب أن تكون الشركات مستعدة لعقد الاجتماعات عبر الهاتف أو تطبيقات الفيديو، وأن تكون على دراية تامة باستخدام تطبيقات متخصصة للتشاركية والعمل عن بعد بسهولة.
كما يمكن الاستعانة ببعض فرق العمل، مثل التسويق والدعم الفني، المعتادة على العمل عن بعد، والتي باستطاعة أفرادها نقل تجاربهم لزملائهم الآخرين في الشركة نفسها.
ويفرض أسلوب العمل عن بعد ضرورة بناء جسور الثقة بين أصحاب الأعمال والموظفين، في العادة يخشى أصحاب الشركات من غياب عنصر الثقة في فرق العمل الموزعة عن بعد، لذلك على قادة تلك الفرق بناء الثقة بينهم وبين أفراد الفريق حيث تصبح هذه الثقة قيمة تقوم عليها الشركة.
هذا الأسلوب من العمل، حتى وإن جاء تحت ذريعة تكييف ظروف العمل وفق المتطلبات الصحية الحالية، إلا أنه قد يُحدث تغيرات إيجابية في كيفية إدارة الشركات لأعمالها على المدى البعيد.
وبما أنه من الصعب أن يستمر او يعود لبنان إلى مرحلة ما قبل كورونا لناحية الإنفاق خصوصاً وأنه ينفق سنوياً حوالى 55 مليار دولار وهو أمر مستحيل في ظل تعطيل النظام المصرفي وقطاع الخدمات والسياحة وإقفال الشركات وتسريح الموظفين ما يجعل عقود العمل الثابتة غير مناسبة للشركات، أصبح بإمكان الشركات اللبنانية استغلال فترة ازمة "كورونا" لتبني أسلوب عمل أكثر تطورًا يعطيها ميزة تنافسية، لما يمنحه نظام العمل عن بعد من ميزات للشركات، مثل: تقليل النفقات العامة والتكاليف، ومواكبة التوجهات التقنية الجديدة، وجذب الكفاءات وأصحاب المهارات بغض النظر عن النطاق الجغرافي، والحرية ومرونة العمل عن بعد، بما يؤثر في تحقيق معدلات إنتاجية أعلى، ويقلل من معدل ترك الموظفين.

اذا على الشركات اللبنانية ضرورة الاستفادة من الدروس التي تعلمتها، وأن تحلل مدى كفاءة تطبيق العمل عن بعد وفائدته للموظفين، مع النظر في إمكانية أتمتة بعض الوظائف أو تحويلها رقميًا لتركز على الوظائف الإبداعية متعددة المهارات.

العمل عن بعد وأهميته على المجتمع اللبناني

يساعد أسلوب العمل عن بعد في زيادة إنتاجية الموظف، يرفع المعنويات ويحسن جودة العمل، يقلل من التكاليف ويساعد الشركات على الحفاظ على موظفيها المميزين.
كما ويعتبر العمل عن بعد فرصة للأشخاص لقضاء وقت أكبر مع العائلة، مع ضرورة الانتباه إلى تخصيص ساعات معينة للعمل، وضبط عملية إدارة الوقت، لضمان تحقيق أعلى معدلات الإنجاز في العمل.

ويساعد أسلوب العمل عن بعد في التخفيف من ازدحام السير والآثار البيئية الناتجة عن استخدام وسائل المواصلات، فضلًا عن منافع اجتماعية وثقافية نتيجة عمل الأفراد من مواقع متنوعة حول العالم، وتحسين الاستعداد لحالات الكوارث والطوارئ.