محور الاحاديث السياسية هذه الايام، يدور حول عملية تسليم سلاح حزب الله للدولة اللبنانية، بموجب اتفاق وقف الاعمال العدائية وتنفيذ القرار١٧٠١، والشروط التي تضمنتها ورقة الموفد الاميريكي توم براك للدولة اللبنانية، مقابل انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من التلال الخمس الاستراتيجية في الجنوب ووقف الاعتداءات وعمليات القصف التي تستهدف مواقع وعناصر من الحزب على الاراضي اللبنانية.
بين أخذ وردّ، وتوقعات من هنا وهناك، تارة برفض الحزب تسليم سلاحه، لانه يعتبر ما تضمنته الورقة من بنود، يعني الاستسلام لاسرائيل، وتارة اخرى يطالب الحزب بضمانات سياسية، بخصوص الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب، ومستقبل الحزب بعد تسليم السلاح، والتزام الدولة باستيعاب عناصر ومقاتلي الحزب بالدولة، ووضع جدول زمني للمباشرة بعملية اعادة الاعمار، في حين يبقى الغموض بالموقف النهائي للحزب سائداً حتى الساعات الاخيرة قبل عودة الموفد الاميركي براك، بعد ايام معدودة، لتسلم رد الدولة على الورقة الاميركية.
وفي حين يعتبر بعض المراقبين ان تأخر حزب الله باعطاء جواب نهائي وقاطع للدولة حول تسليم سلاحه، مع اقتراب موعد عودة براك الى لبنان، مرده الى خلافات بين كبار المسؤولين في الحزب، وعدم الاتفاق على جواب موحد في ما بينهم، يذهب البعض الاخر للقول، ان قرار تسليم السلاح للدولة، هو قرار استراتيجي مهم، لا يمكن للمسؤولين في الحزب، وبمجملهم ليس من الصف الاول، تقرير مسألة بهذا الحجم، واتخاذ قرار نهائي بخصوصه في هذا الظرف الاقليمي الحساس، الذي شهد ذروة الصراع العسكري بين اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية مع ايران، ومازالت تداعياته مستمرة على المنطقة كلها.
وفي تقديرات هؤلاء المراقبين، ان قراراً على هذا المستوى، يبحث بين مستشارين عسكريين من الحرس الثوري الايراني في السفارة الايرانية ببيروت، يتولون مهمة اعادة النهوض بالحزب من جديد والتنسيق مع النظام الايراني بخصوص كل ما يتعلق بمهمات الحزب من ضمنه، موضوع تسليم السلاح الى الدولة، كونه سلاحا ايرانيا، ارسل الى الحزب بقرار سياسي ايراني، لمهمات محددة، تتعلق بمصالح ايران الاستراتيجية، وبالتالي فإن قرار تسليمه للدولة يخضع بالنهاية لقرار الحرس الثوري الايراني، وليس لأي مسؤول آخر بالحزب، ولاسيما بعد اغتيال الامين العام السابق لحزب الله حسن نصرالله العام في شهر ايلول من العام الماضي.
لذلك، تبقى كل التوقعات بخصوص جواب حزب الله حول تسليم سلاحه طوعاً للدولة، مرتبطة بالقرار الايراني في النهاية، وإن كان البعض يعتقد باعطاء جواب رافض، ولكن ضيق، وحتى انعدام الخيارات الاخرى المتاحة، يرجح اعطاء جواب مطاطي للحزب، يحتمل اكثر من تفسير، لتجنب ردات الفعل من الداخل والخارج معاً في الوقت الحاضر، بعد ان وجد نفسه مطوقاً من كل الاتجاهات، ويلجأ لاعطائه التفسير المناسب له وقت الحاجة، كما فعل باعطاء التفسيرات الملائمة لمصالحه.