"الحزب" بمواجهة "ديبلوماسية الإنذارات": لا تسليم للسلاح بلا انسحاب!

  • شارك هذا الخبر
Friday, July 4, 2025

تتضارب القراءات حول ماهية المعروض على لبنان في ما يتصل بمقترح المبعوث الأميركي توم باراك. فبعض الأجواء الديبلوماسية والدولية تشير إلى أنه على اللبنانيين أن يقبلوا بما هو معروض عليهم، أو أنه سيتم التخلي عن الاهتمام بهم، ما سيجعل إسرائيل تصعد من عملياتها العسكرية. ما يوحى به أن المنطقة، ولا سيما في المشرق العربي، قد سلكت طريقاً لا رجعة عنه، وهو الوصول إلى انهاء عصر "المقاومات" والاتجاه إلى تفاهمات واتفاقات مع إسرائيل. وهذا يقتضي الالتزام بكل الشروط المفروضة سياسياً، عسكرياً، أمنياً ومالياً. وكل من يتخلف، عليه أن يتحمل المسؤولية.



في مواجهة هذه السردية تبرز وجهة نظر أخرى ترى أنه ليس كل ما يُعرض على لبنان هو أمر منزل، ولا بد أن يكون خاضعاً للنقاش وفق الأولويات اللبنانية وحساسياتها وظروفها. وهذا ما يحاول أن يعمل عليه حزب الله في نقاشه المفتوح مع الرئيس نبيه بري، للردّ على ورقة المقترحات الأميركية. يعتبر حزب الله أن لبنان قد وافق على اتفاق وقف إطلاق النار في شهر تشرين الفائت، ويومها، أقرت الحكومة اللبنانية هذا الاتفاق، كما أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد انتخب. وأجريت اتصالات لبنانية معه للحصول على موافقته. ويومها أيضاً، نسق آموس هوكشتاين مبعوث الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، خطواته مع ترامب وحصل على موافقته. ما يعني بالنسبة إلى الحزب، عدم وجود أي مبرر له علاقة بالتضارب في الرؤى بين الإدارتين الأميركيين، وطالما أن إسرائيل لم تلتزم بالاتفاق، وأميركا لم تضغط من أجل وقف الاعتداءات والخروقات والدفع للانسحاب وإطلاق سراح الأسرى وإطلاق مسار إعادة الإعمار.

يعتبر حزب الله أن لا أحد من الدول الراعية للاتفاق عمل على توفير أي ضمانات بالتزام إسرائيل ببنوده. ويعبّر الحزب عن عدم ثقته بإمكانية توفير ضمانات بالتزام إسرائيل بالاتفاق. ويعتبر أنه لا حاجة للدخول في اتفاق جديد، طالما أن تل أبيب لم تلتزم بالاتفاق الأساسي. لذلك يبدو الحزب في وضعية تشدد حيال الالتزام بجدول زمني لسحب سلاحه، وهو يعتبر أن هذا الأمر يجب أن يكون متروكاً للبنانيين، وليس نتاجاً لضغوط خارجية، حسب ما تفيد مصادر قريبة من الحزب، التي تؤكد استعداده للبحث في كل النقاط والملفات العالقة. ولكن شرط أن تحصل بعد الانسحاب الإسرائيلي.



مرر حزب الله مواقفه على طريقته، سواء بشكل علني على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، أو على ألسنة مسؤولين آخرين، أو بشكل غير علني ومن خلال التواصل مع الرئيس نبيه بري. فيما تواصلت الاجتماعات والاتصالات طوال يوم الخميس للوصول إلى إنهاء الجواب الذي سيتم تقديمه. وبحسب مصادر متابعة، فإن الردّ ينص على التزام لبنان بما ورد في البيان الوزاري وخطاب القسم لجهة التمسك بحصرية السلاح بيد الدولة، على أن يتحقق ذلك بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، والشروع في معادلة الخطوة مقابل خطوة، للوصول إلى إطلاق سراح الأسرى، ووقف الاعتداءات، وانتهاءً بترسيم الحدود. وتؤكد المعلومات أن الردّ اللبناني لا يتضمن تحديد مهلة زمنية أو جدول محدد لسحب السلاح. كما أن الرد يشدد على أهمية التلازم أو التزامن بين سحب السلاح والانسحاب.

على هامش هذا الجواب، فإن لبنان ينتظر زيارة المبعوث الأميركي توم باراك، ويترقب لما سيكون عليه رد الفعل الأميركي لما توصل إليه اللبنانيون. في موازاة هذا الترقب والانتظار، وصل الموفد السعودي إلى لبنان يزيد بن فرحان للقاء المسؤولين، وسط معلومات تفيد بأن هناك تكاملاً في الرؤى بين السعوديين والأميركيين حول أهمية إنجاز مسألة حصر السلاح بيد الدولة وبسط سلطتها على كامل أراضيها، بالإضافة إلى الضغط في موضوع إنجاز الإصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة، وانه لم يعد من مجال للتسويف في ذلك. واستباقاً لزيارة باراك الإثنين، والذي تتحدث المعلومات عن لقاء سيعقده مع بن فرحان، بعدما كان قد التقاه قبل أيام في الرياض، عُقد اجتماع لممثلين عن الدول الخمس المعنية بلبنان في السفارة الأميركية في عوكر، وبمشاركة بن فرحان. وقد قدمت السفيرة الأميركية ليزا جونسون عرضاً للسفراء للمقترحات الأميركية وأهمية التزام لبنان بها.

عملياً، توحي الأجواء المنقولة أن لبنان يحبس أنفاسه بانتظار زيارة باراك ومآلاتها، واحتمالات لجوء الإسرائيليين إلى تصعيد وتكثيف عملياتهم العسكرية في إطار زيادة الضغط على لبنان.

المصدر: المدن