رغم العقوبات... روسيا توسّع صادرات الغاز الطبيعي المُسال
شارك هذا الخبر
Tuesday, July 1, 2025
تسعى روسيا مجدداً إلى توسيع صادراتها من الغاز الطبيعي المسال، بعدما عطلت العقوبات الأميركية جهودها في هذا المجال خلال العام الماضي.
ورست ناقلة غاز مسال للمرة الأولى منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2024 في منشأة "آركتيك LNG 2" لتصدير الغاز في المنطقة القطبية، بحسب بيانات تتبع السفن التي جمعتها وكالة "بلومبيرغ" وصور الأقمار الاصطناعية.
وكانت هذه المنشأة تعد إحدى الركائز الأساسية في خطط موسكو لزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال بثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، لكنها بقيت خاملة أشهراً عدة نتيجة صعوبة إيجاد مشترين مستعدين لتجاوز القيود الغربية.
وباتت روسيا تمتلك المقومات اللازمة لتعزيز صادراتها من الغاز المسال، في وقت توسع فيه أسطولها "الموازي" من السفن، فمنذ هجومها على أوكرانيا عام 2022، تراجعت صادرات الغاز الروسي عبر الأنابيب إلى أوروبا بصورة كبيرة، مما جعل شحن الوقود عبر ناقلات الغاز المسال البحرية مصدراً جذاباً للإيرادات يدعم خزانة الدولة.
وبحسب بيانات تتبع السفن التي جمعتها "بلومبيرغ"، حشد ما لا يقل عن 13 سفينة – بما في ذلك ناقلات قادرة على الإبحار في المياه المتجمدة – لخدمة مشروع "آركتيك LNG 2"، إذ غيرت بعض هذه السفن شركات إدارتها مرات عدة في محاولة لإخفاء هوية مالكيها الحقيقيين.
وتوجد أربع ناقلات من الفئة الجليدية قادرة على الإبحار في المياه المتجمدة المحيطة بمنشأة "آركتيك أل أن جي 2"، ثلاث منها متوقفة حالياً في بحر بارنتس، بينما الرابعة راسية حالياً في المنشأة. وهناك ثلاث ناقلات غاز طبيعي مسال تقليدية أخرى أيضاً في بحر بارنتس، في حين تخضع ناقلتان للصيانة في الصين، وتبدو ناقلة ثالثة في طريقها إلى هناك، إضافة إلى ذلك توجد ناقلة قرب منشأة تخزين عائمة في أقصى شرق روسيا، بينما ترسو ناقلتان أخريان من دون عمل في خليج فنلندا، وهما من السفن التي كانت تخدم منشأة روسية أخرى تعرف باسم "بورتوفايا"، والتي فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها في يناير (كانون الثاني) الماضي.
عمليات النقل عبر السفن التقليدية صعبة
وقال مؤسس "معهد القطب الشمالي"، مالت هومبيرت، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، في رسالة عبر البريد الإلكتروني لصحيفة "ذا جابانيز تايمز"، "تمتلك روسيا الآن عدداً أكبر من السفن مقارنة بصيف وخريف عام 2024"، مضيفاً "إذا تمكنت من إيجاد مشترين، فإن هذا الأسطول الصغير سيكون كافياً لتحميل الشحنات".
جرى تصدير ثماني شحنات من منشأة "آركتيك أل أن جي 2" بين أغسطس (آب) وأكتوبر (تشرين الأول) 2024، لكنها لم تصل إلى أية موانئ أجنبية، بل جرى تفريغ الغاز في وحدتين للتخزين داخلية، واحدة في بحر بارنتس والأخرى في أقصى شرق روسيا. وتوقف الإنتاج الواسع النطاق في أكتوبر بعد تراكم الجليد حول المنشأة، مما جعل عمليات النقل عبر السفن التقليدية صعبة.
ووفقاً لما أوردته وكالة "إنترفاكس" الأربعاء الماضي، نقلاً عن الرئيس التنفيذي لشركة "سوفكومفلوت"، إيغور تونكوفـيدوف، فإن أول ناقلة روسية الصنع من الفئة الجليدية المخصصة لنقل الغاز الطبيعي المسال تدخل الخدمة في النصف الثاني من هذا العام، إذا اجتازت ما تبقى من التجارب البحرية. وفي هذه المرحلة، ستتابع السوق من كثب ما إذا كانت "آركتيك أل أن جي 2" ستتمكن من إيجاد مشترين راغبين، فزيادة الصادرات من شأنها أن تشكل مكسباً للمستهلكين، كونها ستسهم في تخفيف الضغوط على أسعار الغاز العالمية.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن حريصة على فرض عقوبات على السفن والشركات المرتبطة بتصدير الوقود من "آركتيك أل أن جي 2" العام الماضي، لكن من غير الواضح ما إذا كانت إدارة الرئيس دونالد ترمب ستبقي على هذا النهج الصارم، أو ما إذا كانت ستفرض قيوداً على الموانئ التي تستقبل هذا الوقود، فقد كانت التهديدات الأميركية بالردع سبباً رئيساً في إحجام المشترين خلال العام الماضي.
وبحسب تجار مطلعين على الملف، فإن المسؤولين في مشروع "آركتيك أل أن جي 2" المشترك لم يتوقفوا عن محاولة تسويق الغاز، ونظموا زيارات إلى مشترين محتملين في الهند والصين خلال العام الماضي، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانوا قد نجحوا في إتمام أية صفقات.
الإبحار عبر المسار القطبي الأقصر
وقال كبير المحللين في "ريستاد إنرجي"، يان-إريك فاهنريش، في رسالة إلكترونية، "يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد مشترٍ وتوفير طاقة شحن مناسبة"، مضيفاً "بعدها سيبدأون في البحث عن المشترين في آسيا، وستقوم شركة نوفاتك بتقديم خصم".
ورفضت شركة "نوفاتك"، صاحبة الحصة الكبرى في المشروع، وكذلك الشركة المشغلة "آركتيك أل أن جي 2"، التعليق على أسئلة أرسلت عبر البريد الإلكتروني.
أما السفينة "إيريس"، الراسية حالياً في "آركتيك أل أن جي 2" فهي من فئة "Arc4" ذات الهيكل المعزز، مما يمكنها من الإبحار عبر المسار القطبي الأقصر إلى آسيا خلال أشهر الصيف، عندما تسمح الظروف بذلك. ومن المرجح أن تقوم هذه السفينة بالرحلة، نظراً إلى أن آسيا تضم مشترين قد يكونون أكثر استعداداً لتجاوز القيود الغربية.
وقال هومبيرت من معهد القطب الشمالي، "تبدو الصين المرشح الأرجح، لكن مع تراجع الطلب الصيني بصورة مستمرة خلال الأشهر الثمانية الماضية، فإن المهمة لن تكون سهلة". وأضاف "إن حقيقة بقاء أكثر من مليون متر مكعب من الغاز المسال الذي جرى تحميله العام الماضي من دون بيع وفي وحدات تخزين عائمة، لا تبشر بخير لمحاولات تسويق كميات إضافية هذا الصيف".
وقد يكون تحميل السفن من منشأة "آركتيك أل أن جي 2" ضرورياً أيضاً لتخفيف الضغط عن خزانات الغاز الممتلئة. وتظهر صور أقمار اصطناعية التقطت في الـ25 من يونيو (حزيران) الجاري، أن وحدتين إنتاجيتين في المنشأة تحرقان الغاز، مما يشير إلى احتمال أنهما في طور التشغيل أو تبريد المعدات. ومن دون صادرات منتظمة، ستمتلئ وحدات التخزين في المصنع سريعاً، وكانت مشكلة نقص المساحة التخزينية من الأسباب التي أدت إلى توقف الإنتاج الواسع النطاق في أكتوبر.
في الأثناء، يترقب التجار ما إذا كانت الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي سيشددان القيود على المنشأة مع استئناف الصادرات.
وقال الزميل البارز في مركز الطاقة العالمي التابع لمجلس الأطلسي والمساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي الذي أسهم في صياغة العقوبات على "آركتيك أل أن جي 2" خلال إدارة بايدن، جيفري بايات، "الوقت الآن مناسب لتكثيف الضغوط على العائدات الروسية من قطاع الطاقة... عبر قادة أوروبا عن تصميم جديد على إنهاء جميع واردات الغاز الروسي، مما يجعل من الضروري أن تواصل الولايات المتحدة ضغوطها على شركة نوفاتك".