من استولى على مياه ينابيع البردوني - بقلم فؤاد سمعان فريجي
شارك هذا الخبر
Thursday, June 26, 2025
الفوضى لم تكن في السياسة والاقتصاد والامن والهدر والسمسرات والصفقات في عز الفوضى التي انهكت البلد ووصلنا إلى ما نحن عليه بل ايضاً طالت الواقع البيئي الذي طاف به كيل المصالح الشخصية وتخريب الطبيعة على حساب بناء إمبراطوريات مالية ، يأتي ذلك في خرق فاضح للشروط القانونية التي تقضي بعدم المساس بأملاك الطبيعة التي كتبها التاريخ ورسمتها الجغرافيا في لوحات أبهرت العالم ، وغباء البعض شوه هذا الجمال الباهر .
معضلة جفاف نهر البردوني لها من العمر اكثر من ٤٠ عاماً ،والأمور تزداد تعقيداً وتقاذف للعلة ، وهذا النهر الذي سحر رواد المعرفة والعلم والشعر والطب والطرب ، نهر البردوني اذهل رؤساء زاروا المدينة فأخذ عقلهم لتغدو زحله مدينة المدائن !!
دراسات ولجان وبعثات وندوات كلها لم تفضي إلى نتيجة ، و لان ادخل في سرديات التضليل المتداولة حول جفاف النهر وفقدان مياه الينابيع التي تصب فيه ، بعدما تحول إلى ممراً للأوبئة والتصحر وها هو يقبع في العناية الفائقة !
لأن الدخول في هذه ( المعمعة ) لا تجدي نفعاً ومضيعة للوقت ، الموضوع هو من يتحمل مسؤولية الاستيلاء بالكامل على مياه النهر ليلقى هذا المصير !
يجب اجراء تحقيق فوري وشفاف من الإدارات والوزرات المتعاقبة ، حول من يقع عليه هذا الجرم الذي شوه وصادر واستولى على طبيعة هي برسم التاريخ والناس والبيئة .
وأعتقد بأن هذا التحقيق يصل إلى النتيجة المطلوبة في سرعة قياسية ، لأننا في عهد يعمل على محاربة الفساد والمفسدين .
لقد قمنا بثورة سلمية وتحركنا كمجتمع مدني ( شباب زحله ) للحفاظ على ما تبقى من هيبة للنهر في العام ٢٠١٤ ونجحنا في رفع التعدي على الأملاك العامة وتم ازالة قساطل الصرف الصحي بالكامل بمساعدة الرئيس السابق للبلدية أسعد زغيب ،
ويومها تم تكليف شركة BUTECH وباشرة بتنفيذ وصلة شبكة الصرف الصحي ( ال ٦٠٠ متر المشهورة ) التي تربط مجارير بلدتي حزرتا وقاع الريم ( وكان لهما دوراً فاعلاً ) بالشبكة الرئيسية لزحلة من قبل مجلس الإنماء والإعمار ورفع مياه الصرف الصحي نهائياً عن نهر البردوني .
كنت اود مناشدة نواب المدينة والمساعدة في تحرك ميداني ورفع الصوت لملاقاة حلا ، علماً انهم يعلمون جيداً معاناة النهر ، لكن صمتهم أفضى إلى الابتعاد عن ( التوتر العالي ) الذي يُكهرب المصالح الانتخابية وخسارة جزء من أصوات المنتفعين .
الموضوع من سطره الأخير : عشوائية الأبار الارتوازية وغيرها من المنافع في عز الفوضى هو جزءاً كبيراً مما نعاني منه اليوم ، ويجب التحرك الفوري من الجهات المعنية والبيئية لأعادة الحياة إلى معلم من معالم لبنان الطبيعية الذي ينازع بين الحياة والموت .