خاص- من دمشق إلى طرابلس... "الإرهاب" يتمدّد وعلوش يدق ناقوس الخطر!- كارين القسيس
شارك هذا الخبر
Wednesday, June 25, 2025
خاص الكلمة اونلاين كارين القسيس
في مشهد دام يعكس تصاعد وتيرة الإرهاب واستباحة دور العبادة، وقعت مجزرة مروّعة يوم الأحد الماضي في دمشق، ذهب ضحيتها عدد كبير من المصلّين داخل كنيسة مار إلياس، وعلى الفور، كشفت السلطات السورية ملابسات الحادثة وسارعت إلى تتبّع خيوط الجريمة في محاولة لاحتواء تبعاتها، لكن ما بعد ذلك كان أخطر، إذ أطلقت جماعة "أنصار السُنّة" تهديدات مباشرة بتوسيع عملياتها لتطال الأراضي اللبنانية، وتحديداً مدينة طرابلس، في مؤشّرعلى نيّة واضحة لتوسيع رقعة الفوضى ونقل أدوات العنف إلى ساحات جديدة هشّة وقابلة للاختراق.
وفي تعليق على هذا التطوّر الخطير، يؤكّد النائب السابق الدكتور مصطفى علوش في حديث لـ"الكلمة أونلاين" أنّ مدينة طرابلس سبق أن خاضت تجربة مريرة مع الجماعات الإرهابية على مدى سنوات، حيثُ الجميع يدرك أنّ هذه المرحلة خلّفت دماراً واسعاً وخسائر جسيمة في المدينة، معتبراً أنّه، وعلى الرغم من أنّ الأكثريّة ترفض تكرار هذه التجربة، إلاّ أنّ هناك بعض الأطراف التي تبحث عن دور سياسي، أو تعاني من البطالة، أو تتأثر بمظاهر دينية مغلوطة، ما يجعلها عرضة للانجرار خلف هذه الجماعات.
ويُشدّد علوش على أنّ الخطر يكمن حتى في المجموعات الصغيرة، إذ إنّ فرداً واحداً، كما حدث في تفجير دمشق، يمكنه ارتكاب مجزرة إن كان تابعاً لتنظيم متطرّف، وهو ما يعكس حالة فراغ فكري وإنساني عميق، مشدداً على أنّ الدولة تتحمّل مسؤوليّة أساسيّة في هذا الإطار، إذ إنّ غيابها عن دورها في ضبط الأمن وتفعيل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما في طرابلس والشمال، يُتيح لتلك الجماعات فرصة التغلغل.
ويُضيف أنّ مجرّد انجرار فرد واحد كفيل بإحداث كارثة، ما يُحتّم على الدولة التحرّك الفوري والجاد لبناء الثقة، وتحقيق الأمان الاجتماعي، والحدّ من خطر هذه التنظيمات.
ويُشير إلى أنّ الوضع الأمني في الشمال قد شهد تحسّناً ملحوظاً مقارنةً بالفترات السابقة، إلاّ أنّ هذا التحسّن لا يزال هشاً وموسمياً، ما يسمح ببقاء الظروف التي تُغذّي وجود هذه الجماعات، معتبراً أنّ المعالجة لا يجب أن تقتصر على الجانب الأمني فقط، بل لا بدّ أن تشمل الإدارة الرشيدة، والرعاية الاجتماعية، والخدمات الصحية، بما يُسهم في تقليص الهامش الذي تتحرك فيه هذه الظواهر الغريبة والخطرة.
وفيما إن كانت يد الإرهاب التي فجّرت مسجدَي التقوى والسلام هي نفسها التي فجّرت كنيسة مار إلياس، يلفت علوش إلى أنّ السلطات السورية كشفت عن مجموعة مرتبطة بتنظيم "داعش" أو قريبة منه فكرياً، ولم يستبعد أن تكون بعض بقايا النظام السوري قد استغلّت عناصر سنية متشددة، مدفوعة باعتقاد زائف بأنّها تخدم قضيتها، في حين أنّها تسهم فعلياً في إلحاق الأذى بها.
ويختم علوش حديثه، مؤكداً أنّ قضية تفجيري مسجدَي السلام والتقوى نُفّذت من قبل أجهزة مخابرات سورية معروفة، من دون أن تتم محاسبة أو محاكمة حقيقية حتى الآن، بل جرى توجيه اتهامات من دون تحقيق قضائي شفاف، لافتاً إلى وجود عشرات المعتقلين تحت عنوان "الموقوفين الإسلاميين" لم تُبتّ قضاياهم، ما يفتح الباب أمام العديد من الأسئلة.
ويرى أنّ معظم الحركات المتطرّفة تُستغل في إطار ألعاب استخباراتية لبعث رسائل معيّنة، ولا يزال من غير الممكن حتى اللحظة تحديد الجهة الفعلية التي تُحرّك هذه المجموعات.
في المحصّلة، يبدو أنّ شبح الإرهاب لا يزال يتغذّى على هشاشة الدولة وغياب العدالة وركام الأزمات، فالخطر الأكبر ليس فقط في مَن يرتدي الحزام الناسف، بل في مَن يصمت عن الحقيقة، ويتقن دفن الجرائم تحت الطاولات، وبالتالي، لقد باتت المجازر مجرّد عناوين عابرة، فيما الجناة يتنقّلون بين العواصم، والضحايا يُدفنون مرّتين، مرّة تحت الركام، ومرّة في ذاكرة منسيّة لا تستفيق إلّا على كارثة جديدة.