الغارديان- "نفاق" السياسة الغربية في نظرته للعالم

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, June 24, 2025

صحيفة الغارديان البريطانية نشرت مقالاً للكاتبة نسرين مالك، التي تشير إلى اتساع الفجوة بين خطاب السياسيين الغربيين الذي يرى أن حرب الولايات المتحدة وإسرائيل على إيران "أزمة يجب إدارتها"، وبين "اتساع الواقع الدموي".

فمنذ بدء الحرب على غزة، كان رد الفعل ضعيفاً من الأحزاب الليبرالية السائدة، و"مناقضاً تماماً لخطورة اللحظة"، بحسب الكاتبة التي تقول إن هؤلاء السياسيين "يخلطون الأوراق ويعيدون استخدام خطابهم القديم"، متهمة إياهم بالخضوع لإسرائيل والبيت الأبيض اللذين "فقدا صوابهما منذ زمن طويل".

وأشار المقال إلى دعوة رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إلى خفض التصعيد، بمعنى تجنب التدخل الأمريكي، في الوقت الذي يُعزز فيه وجود القوات البريطانية في الشرق الأوسط.

وأضاف المقال تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، التي أكدت على أهمية الدبلوماسية، لكنها أكدت في الوقت نفسه على أن إيران هي "المصدر الرئيسي" لعدم الاستقرار في المنطقة.

أما الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فقد انضم إلى "الجوقة الداعية إلى خفض التصعيد وضبط النفس بعبارات عامة غامضة" بعد أن كان يحذر من الفوضى الحتمية التي قد يسببها تغيير النظام في إيران وتكرار أخطاء الماضي.

وأعربت نسرين عن رأيها في الحرب في إيران التي وصفتها بأنها "سيئة للغاية"؛ موضحة أنها تنذر بسيناريوهات مُزعزعة للاستقرار؛ سواء مع تغيير النظام دون خطةٍ لليوم التالي، أو مع حشد قوات عسكرية غربية في المنطقة.

وحذرت من أن هذا الحشد الغربي قد يُصبح "أهدافاً وبؤر اشتعال"؛ أو يؤدي إلى حرب استنزافٍ مُطولةٍ في المنطقة "تُفتح جرحاً مُتقيحاً واسعاً من الغضب والعسكرة"، ناهيك عن تهديد حياة مئات الأبرياء، و"عدم قانونية" هذا الأمر برمته بسبب المخاطر المُحدقة.

ومع ذلك، فإن مُعظم القادة الغربيين لا يزالون يتعاملون مع الأحداث على أنها "مجرد فصلٍ آخر من فصول حقائق العالم المُؤسفة، التي ينبغي التعامل معها".

وانتقد المقال المؤسسة السياسية ممن وصفتهم نسرين بـ"أمناء الاستقرار الليبراليين الموثوق بهم ظاهرياً" الذين ترى أنه لا يتمتعون ببوصلة أخلاقية، ولا يهتمون بالمعايير التي يزعمون باستمرار دعمها.

وقالت إنهم كانوا شهوداً على انتهاك القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان مراراً وتكراراً في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والآن إيران، "وكان ردهم هو الابتعاد عن طريق إسرائيل في أحسن الأحوال، وتسليحها وتزويدها بغطاء دبلوماسي في أسوأ الأحوال".

واستنكر المقال انسياق الحكومات الأوروبية وراء موقف الإدارة الأمريكية منذ عهد جو بايدن فيما وصفته الكاتبة بـ"التشبث الجماعي بالوضع الراهن المتمثل في الدعم غير المشروط لإسرائيل".

وأضافت الكاتبة أن الحكومات الغربية حطمت بذلك الأعراف القانونية والأخلاقية التي منحتهم أي قدر من النزاهة أو السلطة، وأن اللحظة الراهنة كشفت عن "زمرة من الأنظمة غير مؤهلة أساساً للأزمات، لا تصلح إلا للإدارة؛ مجموعة من السياسيين ليس دورهم إعادة التفكير في طريقة سير الأمور أو تحديها، بل ببساطة توجيه الحركة الجيوسياسية".

إن تحقيق الاستقرار في نظر أولئك الساسة، بحسب مقال الغارديان، هو "تثبيت نظام عالمي قائم على افتراضات وتسلسلات هرمية فاشلة"، فبدلاً من سعيهم نحو عالم أفضل، بات دورهم "إضفاء غطاء من المصداقية على ضرورة أن نعيش في هذا العالم الأسوأ".

وساق المقال مثالين يوضحان تناقض السياسة الغربية؛ فإيران دولة، في نظر المؤسسة الليبرالية، لا تتمتع بسيادة كاملة أبداً لأنها انحرفت عن المصالح الغربية. وليس لها حق الرد عند تعرضها للهجوم، بل عليها التحلي بضبط النفس. أما إسرائيل، فهي دولة ذات سيادة عظمى، وليست مُذنبة أبداً.

ووصفت الكاتبة هذا الموقف بأنه "نفاق" مفضوح في نظرته للعالم، يستخف بالحياة البشرية ويُمثل "تآكلًا هائلًا" في تعقيد الخطاب السياسي، و"انحداراً جديداً" في ازدراء الجمهور.


BBC