حرب تغيير المعادلات في الشرق الأوسط بين إسرائيل وإيران
شارك هذا الخبر
Sunday, June 15, 2025
كان لا بد لإيران أن تنفذ رداً قوياً على الضربات الإسرائيلية التي طاولت قواعد عسكرية ومواقع نووية، وعلى عمليات الاغتيال التي استهدفت كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين. إنها المرّة الأولى التي تحصل فيها مواجهة مباشرة إلى هذا الحد بين إيران وإسرائيل، بينما السؤال الأساسي يبقى متصلاً بمدى هذه المواجهة وإمكانية تطورها إلى حرب، أم أنها ستستمر لأيام قليلة، وبعدها تتدخل الوساطات العربية والدولية في سبيل لجم تصاعد وتيرتها، والعودة إلى طاولة المفاوضات. الأكيد أن هذه المواجهة سترسم معالم منطقة الشرق الأوسط للسنوات المقبلة، إسرائيل تخوض حرب "الهيمنة" أما إيران فأصبحت تخوض حرب الوجود. يتوعد الإسرائيليون بالمزيد من الضربات ضد أهداف إيرانية، وقد أعلنوا عن ضرب أنظمة الصواريخ الدفاعية لفتح المجال الجوي أمام القوات الإسرائيلية لتنفيذ المزيد من العمليات. الهدف الإسرائيلي الأبعد هو ضرب المشروع النووي الإيراني، بالإضافة إلى هدف آخر يتعلق بإسقاط النظام أو تغييره وهذا كان واضحاً في رسائل نتنياهو للشعب الإيراني، وهو الذي لا يزال يراهن على تحركات إيرانية داخلية للإطاحة بالنظام أو لإدخاله في حالة انشغال كبير. إيران في المقابل، تخوض حرباً للحفاظ على النظام وعلى دورها وبقائها، وبعد تنفيذ عملية الردّ، صرّحت بأنها ستطلق في الضربات المقبلة ألفي صاروخ على إسرائيل، وقد تستهدف قواعد أميركية. كانت هذه إشارة واضحة إلى ضغط إيران على إسرائيل وأميركا لدفعهما إلى وقف الحرب.
لا مؤشرات لوقف الحرب لا مؤشرات في إسرائيل توحي بالاستعداد لوقف الحرب، بل هي فرصة لطالما انتظرها الإسرائيليون وخصوصاً نتنياهو، لتدمير البرنامج النووي الإيراني واستدراج الأميركيين إلى جانبهم في هذه المرحلة، هذه الفرصة التي يريد من خلالها نتنياهو إطالة أمد الحرب وتحقيق كل ما كان يسعى أو يطمح إليه لن تتكرر، كما تريد لها إسرائيل وأميركا أن تكون آخر الحروب على مستوى المنطقة وبعدها فرص مسار التطبيع أو السلام. من الواضح أن الإيراني اتخذ قراراً بتوجيه ضربات قوية لأنه يخوض معركة بقاء له ولكل ما راكمه طوال السنوات الماضية. بالتأكيد أن الإيرانيين أخذوا في عين الاعتبار مسار تدرج الحرب بين إسرائيل وحزب الله. والتي يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل. الأولى هي حرب أجهزة التنصت وذلك لعدم الانجرار إلى الحرب. المرحلة الثانية كانت بعد ضرب الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال صالح العاروري، وعندها انقسم الرأي في حزب الله حول كيفية الردّ من عدمه. أما المرحلة الثالثة فجاءت بعد اغتيال فؤاد شكر، والتي كانت إشارة إلى تدحرج الأوضاع سريعاً وصولاً إلى عملية البايجر واغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
إيران وحرب إعادة التوازن لم يكن حزب الله يريد الانخراط في حرب واسعة، وطوال الأشهر الفائتة، لم يشأ الإيرانيون الدخول في حرب، إلا أنهم وجدوا الحرب قد وصلت إلى طهران، فاتخذوا قراراً بخوض حرب الوجود للحفاظ على النظام والدولة وما تبقى من أدوار. لذلك وجهت طهران ضربات قاسية إلى إسرائيل وضربت مناطق مدنية أو سكنية ولم تكتف بضرب مناطق عسكرية بخلاف ما كان يحصل في السابق، وأدت ضرباتها إلى سقوط قتلى في إسرائيل، من الواضح أن الهدف من وراء ذلك هو إلحاق الأذى بإسرائيل والتأكيد أنها قادرة على تحقيق ذلك، كما أن طهران تسعى من وراء ذلك إلى إعادة بعض التوازن في حال قررت التوجه مجدداً إلى المفاوضات. في حال طالت الحرب وتوسعت، فان انعكاسها سيكون مباشراً على كل الدول المحيطة. تسعى إيران من خلالها إلى إعادة الاعتبار وبناء التوازن من جديد لها ولحلفائها. أما إسرائيل فتريد لهذه الحرب أن تنهي نفوذ إيران في المنطقة، وتحقق ما تسعى إلى تكريسه وخصوصاً في لبنان من خلال تكثيف الضغط على حزب الله لتسليم سلاحه ولتغيير الوقائع العسكرية والسياسية. حتى الساعة، يراقب حزب الله، ويعتبر أن إيران قادرة على الدفاع عن نفسها والضربات خير دليل على ذلك، ما يعني أن لا حاجة بالنسبة إليه للانخراط في هذه المواجهة، إلا في حال اشتد الصراع وتصاعدت وتيرته إلى حدّ أصبحت إيران بحاجة إلى تدخل الحلفاء، أو في حال قررت إسرائيل تنفيذ عمليات أو ضربات استباقية وهي التي تنشر المزيد من القوات على الحدود مع لبنان.