خاص- من ستارلينك إلى حرب الانترنت غير الشرعي.. إصلاحات الحاج تفجّر غضب المتضررين.. كارين القسيس

  • شارك هذا الخبر
Thursday, June 12, 2025

خاص- الكلمة أونلاين

كارين القسيس

في ظل أزمات متراكمة تضرب مؤسسات الدولة، وتآكل الثقة بين المواطن والنظام الإداري، تبرز الحاجة الملحّة إلى نماذج قياديّة تتجاوز منطق الشعارات، وتترجم الإصلاح إلى خطوات عملية. وبينما بات مشهد العرقلة السياسيّة مألوفاً، وتحوّلت بعض القوى التي رفعت لواء التغيير إلى جزء من معادلة التعطيل، تظهر محاولات فردية لإحداث خرق في جدار الجمود.

من بين هذه المحاولات، يبرز وزير الاتصالات المهندس شارل الحاج، الذي اختار خوض مواجهة مباشرة مع مكامن الخلل في قطاع الاتصالات، متسلّحاً بإرادة إصلاحيّة وخطة عمل واضحة. فتحركاته الإصلاحية، التي لاقت صدى لدى شرائح واسعة من الرأي العام، قوبلت في المقابل بحملات شرسة تستهدف عرقلة مسيرته والتشويش على جهوده، والتي تجدّد التصعيد ضدها، عقب ترؤسه اجتماعاً خُصّص لمكافحة الإنترنت غير الشرعي، ما فتح جبهة جديدة من الهجمات المنظّمة عليه.


منذ تولّيه الحقيبة الوزارية، أطلق الحاج سلسلة خطوات إصلاحية جريئة، كان أولها تخلّيه الطوعي عن جميع المناصب التي شغلها سابقاً، منعاً لأي تضارب محتمل في المصالح. تلا ذلك سلسلة إجراءات تهدف إلى تعزيز الشفافية داخل الوزارة، بدءاً من مراجعة العقود والمناقصات، وصولًا إلى فتح ملفات الهدر والفساد.

مواجهات عدّة تحوّلت إلى حملات إعلامية ممنهجة ضد الوزير، هدفها تعطيل مشروعه الإصلاحي وضرب مصداقيته، لا سيما بعد كشفه لتجاوزات كبيرة ومحاولاته إخضاع الهيئة للرقابة المالية والإدارية. وتكثفت هذه الهجمات مع دخول مشروع "ستارلينك" حيّز النقاش، إذ أظهر الحاج نية واضحة لإحداث اختراق نوعي في ملف الإنترنت، من خلال التفاوض المباشر مع هذه الشركة العالمية، ما أثار مخاوف الشركات المحتكرة والمستفيدة من الوضع القائم.

ويؤكد الخبير في الأمن السيبراني والتحوّل الرقمي، رولان أبي نجم، في حديثٍ لـ"الكلمة أونلاين"، أنّ الذرائع التي تسوقها الشركات الرافضة للمشروع بحجة الخصوصية، لا تعدو كونها ستاراً يخفي الخوف من خسارة السوق، تماماً كما قاوم أصحاب المولدات إدخال الكهرباء المستدامة. فأي تغيير حقيقي يهدّد أرباح المنتفعين، ويُعرّي واقع الإنترنت السيّئ في لبنان، حيث تُعدّ الخدمة من الأسوأ عالميًّا مقارنة بالكلفة والجودة.

ويُشير إلى أنّ الأثر الإيجابي المتوقّع من هذا التوجّه لا يقتصر على الجانب التقني فقط، بل يمتدّ إلى الاقتصاد والاستثمار، إذ من شأن الاتفاق مع "ستارلينك" أن يرفع حصة الدولة من العائدات من 4-5% إلى نحو 25%، إضافة إلى فتح المجال أمام استثمارات أجنبية، وخلق آلاف فرص العمل، واستعادة الثقة بالسوق اللبناني.

إلى جانب مشروع "ستارلينك"، حرص الوزير الحاج على الدفع باتجاه إنشاء هيئة ناظمة مستقلة لقطاع الاتصالات، في خطوة تهدف إلى ضبط السوق، وتكريس المنافسة العادلة، وفكّ قبضة المصالح المتشابكة التي كبّلت هذا القطاع الحيوي لسنوات. فالتحرير المنهجي للقطاع يشكل ضرورة إصلاحية تواكب التحولات الرقمية، وتضع حدًا للفساد المزمن.

ورغم الضغط المتواصل، لم يتراجع الوزير عن مساره. بل واصل تحركاته الإصلاحية، وآخرها الاجتماع الذي عقده لمكافحة الإنترنت غير الشرعي، والذي أثار بدوره موجة هجمات جديدة ضده، تعكس حجم المصالح المتضررة من أي إصلاح حقيقي. هذه الحملات المتكرّرة ليست سوى دليل إضافي على أن ما يجري اليوم في وزارة الاتصالات هو أكثر من مجرد خلاف إداري، إنّها معركة مفتوحة بين مشروع إصلاحي شفاف، ومنظومة تحاول بكل ما أوتيت من نفوذ أن تبقي الواقع على حاله، ولو على حساب حقوق المواطنين ومستقبل القطاع.

وبحسب معلومات حصل عليها موقعنا، تُحرم خزينة الدولة شهرياً من عائدات تقدَّر بما بين مليون ومليوني ونصف دولار، بسبب تفشي ظاهرة الإنترنت غير الشرعي.