بحزم… بهدوء بلا أوهام- بقلم جو رحال

  • شارك هذا الخبر
Thursday, June 12, 2025

ثمّة فرز واضح يتكرّس يوماً بعد يوم على أرض الواقع اللبناني. فرز بين من يؤمن بالدولة مشروعاً وطنياً شاملاً، وبين من لا يرى في الاستحقاقات سوى وسيلة لحجز مقعد نيابي إضافي أو حقيبة وزارية في حكومة ما بعد الانتخابات… ولو جاء ذلك على حساب الوطن نفسه.

رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ينتمي إلى الفئة الأولى، فقراره واضح: بناء الدولة لا تهديمها. أما بعض القوى الحزبية والسياسية والطائفية، فشغله الشاغل تعظيم أحجامه، ولو كان الثمن انهيار الدولة والسلم الأهلي.

الرئيس يدرك أن حصرية السلاح بيد الشرعية ليست شعاراً بل شرط لقيام الدولة. فيما الآخرون إمّا يتمسّكون ببقاء السلاح، أو يراوغون سياسياً للاستثمار شعبياً في رفض تسليمه. الرئيس لا ينتظر توافقاً وهمياً، بل يمضي في تنفيذ قرار حازم، يستند إلى منطق الدولة، ويهدف إلى جرّ الجميع نحو الالتزام به، ولو استلزم الأمر بعض الوقت، ضمن مهلة مقبولة ومعقولة. المهم أن الوقت الفاصل لن يكون مساحة فوضى، بل سيكون محكوماً بإجراءات عملية لتعطيل استخدام السلاح، وتقييد قدرته على استهداف السلم الأهلي.

في المقابل، لا تزال أطرافٌ تفضّل الإيحاء ببقاء السلاح، أو التهويل بالتراجع عن نزعه، فقط للإبقاء على مفاتيح السيطرة على الشارع، وتحريك الغرائز المذهبية حين تدعو الحاجة.

الرئيس لا ينكر الواقع، بل يتعامل معه بعقلانية ومسؤولية لنقل لبنان من حالة اللادولة إلى مشروع الدولة. وهذا ما بدأ يتكرّس خلال أقل من أربعة أشهر على نيل حكومته الأولى الثقة.

في المقابل، البعض يعيش حالة إنكار مزدوجة: هناك من يتوهّم أنه انتصر على العدو، وعلى لبنان معه، ويُصرّ على فرض “شروط انتصاره” الموهوم. وهناك من يعتقد أن طائفة بكاملها اندثرت، ولم يعد فيها من يصلح أن يكون خبيراً أو مستشاراً في مجال اختصاصه… وكأن الهدف تكريس إلغاء الآخر.

في هذا المشهد المعقّد، تبرز خشية مشروعة: أن يُستثمر هذا الإنكار، وهذه الأوهام، من الخارج. فبنيامين نتنياهو، الغارق في مأزقه السياسي والعسكري، لن يتردد في استغلال كل ثغرة داخلية لبنانية لتوسيع دائرة الانفجار أو خلط الأوراق مجدداً.

لذا، نقول: حمى الله جوزاف عون من أوهام الإنكار من على يمينه ويساره، وحماه خصوصاً من جهوزية نتنياهو للاستثمار في تلك الأوهام.

ونصلي معه: “ولا تُدخلنا في تجربة، لكن نجِّنا من الشرير”…

وما أكثر الأشرار في بلادنا، من داخل الحدود وخارجها.


لبنان الكبير