أنهيرد- هل تستطيع ألمانيا بناء أقوى جيش في أوروبا؟
شارك هذا الخبر
Sunday, May 18, 2025
في خطاب تنصيبه، وضع المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس خارطة طريق لسياسة خارجية ودفاعية مختلفة جذرياً لألمانيا، إذ يريد بناء "أقوى جيش في أوروبا".
لكن الهدوء الذي اتسمت به كلماته أخفى التحديات السياسية التي سيتعين عليه مواجهتها، كما كتبت الخبيرة في الشؤون الألمانية كاتيا هوير في موقع "أنهيرد" البريطاني.
من التردد إلى الحزم بالرغم من أن خطاب ميرتس جاء بنبرة اعتبرها زعيم حزب الخضر "مملة بشكل محبب"، كانت رسالته جريئة، إذ أعلن المستشار أن "القوة تردع العدوان، لكن الضعف يستدرج العدوان". وأضاف: "إن تعزيز القوات المسلحة الألمانية هو الأولوية القصوى لسياساتنا".
وأشار إلى أن "الحكومة الاتحادية ستوفر من الآن فصاعداً جميع الأموال التي يحتاج إليها الجيش الألماني ليصبح أقوى جيش تقليدي في أوروبا".
وتختلف هذه الكلمات تماماً عن كلمات سلفه المتردد أولاف شولتس الذي سعى إلى جعل ما سماه "الحذر" سمته المميزة.
وعلى النقيض، يريد ميرتس ألمانيا أكثر حزماً في أوروبا وداخل حلف الناتو، وخصوصاً بهدف ردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن المزيد من العدوان. وقال ميرتس في خطابه: "إن أولئك الذين يعتقدون جدياً أن روسيا ستكون راضية بالنصر في أوكرانيا أو بضم أجزاء من البلاد مخطئون".
حرب عالمية ثالثة أثارت كلماته على الفور انتقادات شديدة، إذ قالت أليس فايدل، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، إن المستشار يخاطر بـ "حرب عالمية ثالثة" عبر حديثه عن "النصر لأوكرانيا".
وجادلت بأن على "المصالح الأمنية لروسيا أن تؤخذ في الاعتبار" لأسباب منها تشغيل الغاز الروسي للصناعة الألمانية.
ويُعد حزب البديل من أجل ألمانيا الآن أكبر حزب معارض، حيث يتنافس بشدة في استطلاعات الرأي مع حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ بزعامة ميرتس.
بحسب الكاتبة، يحظى نهج فايدل التصالحي بشعبية لدى ناخبي حزب البديل البالغ عددهم 10 ملايين، فهو يستغل مخاوف قطاعات واسعة من السكان.
وفي استطلاعات رأي أخيرة، أعرب ما يصل إلى ثلثي الناس عن قلقهم من تورط ألمانيا بشكل مباشر في حرب مع روسيا.
نقطة ضعف ألمانيا في المقابل، يتخذ حزب دي لينكه (اليسار) الألماني الذي حقق أداء جيداً في انتخابات فبراير (شباط) (9% من الصوات)، موقفاً معارضاً لـ "إعادة التسلح والحرب" أيضاً.
مما يعني أن على ميرتس إقناع نسبة كبيرة من الناخبين وممثليهم في البرلمان بمساره السياسي الجديد.
وسيواجه مشكلة فورية تتمثل في حقيقة أن السياسة الخارجية الألمانية مرتبطة باستراتيجية الطاقة، إذ تتزايد الدعوات من الصناعة الألمانية لاستعادة الغاز الروسي في أسرع وقت ممكن.
ميزة مهمة أوضحت الكاتبة أن ميرتس يتمتع بميزة مهمة، إذ سيحصل على دعم حكومته.
وكسر ميرتس التقليد الألماني القديم المتمثل في منح منصب وزير الخارجية للشريك الأصغر في الائتلاف. بدلاً من ذلك، اختار حليفه يوهان فادفول لهذا المنصب مما يضمن سيطرة المستشارية المباشرة على السياسة الخارجية.
ويدعم فادفول مطلب ترامب بأن تنفق دول الناتو 5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، أي ما يعادل إنفاقاً عسكرياً مقداره 225 مليار يورو سنوياً.
ومن المرجح أن يسمح شركاؤه في الائتلاف من الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط) بذلك لأنهم وافقوا على حزمة اقتراض ضخمة تُعفي أي إنفاق دفاعي يتجاوز 1% من الناتج المحلي الإجمالي من القواعد المالية الصارمة للبلاد.
ونظرياً، يعني هذا أن ميرتس قد مُنح شيكاً مفتوحاً للإنفاق العسكري.
ومن المرجح أيضاً أن يكون وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، من الحزب الديمقراطي الاجتماعي، مؤيداً لهذا التوجه. فقد أطلق مؤخراً برنامجاً جديداً للتجنيد التطوعي للقوات المسلحة، مهدداً بالعودة إلى نظام التجنيد الإجباري إذا لم يتم الوصول إلى الأعداد المطلوبة.
ويبلغ عدد القوات العاملة في الجيش الألماني حالياً 181500 جندي، وهو عدد أقل بكثير من هدفه البالغ 203000 جندي. ومثل ميرتس، يعتقد بيستوريوس أن "الأمن في أوروبا هو، في المقام الأول، مسؤولية الأوروبيين أنفسهم".