الانتخابات البلديّة: الابتلاء في طرابلس والأمل في بيروت- بقلم رضوان السيد

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, May 13, 2025

لا يستطيع أشدّ الناس تفاؤلاً وإيجابيّةً الذهاب إلى أنّ أجواء الانتخابات البلدية صحّيّة أو تبعث على الأمل للجهة الوطنية والأخرى الطائفية! فالأحزاب السياسية والشخصيّات السياسية النافذة مصرّة بكلّ سبيل على الاستئثار بالتمثيل البلديّ في كلّ المناطق. والاستئثار حزبيّ وطائفيّ مهما كلّف ذلك من ضجيجٍ وانقسام. وقد رأينا إقبال الفائزين والفائزات في الجبل والشمال على الذهاب إلى مقارّ الأحزاب وقصور السياسيين لشكرهم على الترشيح وعلى الدعم والتأييد فيما الانتخابات لم تكتمل بعد!

كلّ الدعايات للانتخابات تصرّ على خدمة المواطنين ومصالحهم ومسائل التنمية الريفيّة، وعلى أنّ العائلات هي التي تتحكّم بالانتخابات. لكنْ سرعان ما يتبيّن أن لا عائلات ولا من يحزنون، بل إنّ العائلات، حفظ الله قراباتها وتضامنها الأُسريّ، تحوّلت إلى أحزاب أو فِرَق طائفية.

في المناطق والقرى المسيحية تحكّمت الأحزاب. وفي القرى والبلدات المختلطة ساد الانقسام الطائفي. وعندما تكون الكثرة في المدن والبلدات سنّيّة تُظهر الأصوات الإعلامية الخشية من أن لا يكون للأقليّات تمثيلٌ ملائم. أمّا حيث تكون الكثرة شيعية يظلُّ الثنائيّ الشيعيّ هو المسيطر، ولا تغيير على الرغم من الحرب والكسرة، أو ربّما بسبب الحرب والكسرة!

أمّا الظاهرة أو الظواهر الأُخرى فمنها أنّ “الجعجعيّين” وإن ظلُّوا متقدّمين كما في الانتخابات السابقة، لكنّ “التيار الوطني الحر” وطوني سليمان فرنجية والآخرين لم تتراجع حظوظهم كثيراً كما كان متوقَّعاً.

تدنّي نسبة الاقتراع

إنّ الظاهرة الأبرز أنّ نِسَب الاقتراع، باستثناءات ضئيلة، كانت متوسّطة أو متدنّية. أمّا في مدينة طرابلس فقد كانت متدنّيةً جدّاً (24%).

يقال في التحليلات إنّ سبب التدنّي هو غياب زعامة سياسية عابرة للأحياء الانتخابية بالمدينة، وجمعيّات مدنية قويّة، والتشرذم السياسي الذي لا ينتهي، والذي وصل إلى حدّ تحالف الإسلاميين مع المال الإغترابي المشكوم في شرعيته الأسترالية. أمّا الخشية الأخرى في المناطق السنّية التي ربّما تظلّ في المناطق الأخرى في بيروت والجنوب والبقاع، فهي أن تظلّ نسبة الاقتراع متدنّية، وأن يظهر بعض المستفيدين من الحرب على غزّة، ومن يُسمَّون بالتغييريّين الذين أفادوا في الانتخابات السابقة من تدنّي نسبة التصويت من جانب الجمهور.

الانتخابات

مهما كانت الأسباب والظروف ينبغي أن تكون بارزةً نسبةُ التصويت في بيروت. فالإدارة البلدية في بيروت ما كانت لامعة، والمدينة أُهملت منذ فترة، وقد ظلمتها القوانين والتنظيمات، لكنّ المظلمة لا يستطيع رفعها غير أبنائها. نحن مبتلون منذ مدّة في طرابلس، بل ومبتلون في سائر المناطق. لكنّ الابتلاء في بيروت العظيمة ما عاد يمكن احتماله، وهو تهديدٌ مصيريٌّ لجماعتنا ولحاضرنا ومستقبلنا.

ليس الأمر إهمالاً أو غفلة، بل يصل إلى درجة التعمّد، فهذه الجماعة الكبيرة التي أسهمت في إقامة وازدهار هذا الكيان، وهي صانعة عاصمته الحديثة، ستتحمّل مسؤوليّةً كبيرةً عن نفسها ومصائرها، بل عن وطنها، وحتّى عن الجوار السوري الذي نأمل أن تؤول أموره وشؤونه إلى الأفضل بعد زوال النظام السابق الذي انضربت به دمشق الشّام، وانضربت به بيروت وطرابلس.

يقال إنّ سبب هذه الخيبة الظاهرة في الانتخابات البلدية والزهد فيها هو غياب الانتخابات لتسع سنوات. لكنّ هذا التعليل غير كافٍ أو مقنع. إنّه عهدٌ جديدٌ ولا بدّ أن يرافق صعوده الجمهور الذي توارى وتضاءل للأسباب المعروفة، لكنّه لا يجوز أن يستمّر. نحن ننتظر بيروت وننتظر صيدا والبقاع بعد أن خيّبتنا طرابلس.


أساس ميديا