رأى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى أن ما حصل من أحداث دامية في سوريا كان مشروع فتنة، داعياً الدول العربية والإسلامية والعالمية المؤثرة الى تحمّل مسؤولياتها في ضبط الأمور ومنع تنفيذ المشاريع المشبوهة ولجم الخطاب التحريضي، ورافضا المخططات التي تدفع الى اعتبار الدروز ديناً مستقلا او قومية مستقلة.
كلام سماحة شيخ العقل جاء خلال لقاء مع عدد من السفراء العرب وتركيا في دار طائفة الموحدين الدروز في فردان – بيروت، بهدف شرح الموقف من الاحداث في سوريا ونقل هواجس الطائفة والتأكيد على ضرورة احتضان مطالبها ورعاية التفاهمات التي تم التوصل اليها لتدارك الامتداد الى لبنان.
وشارك في اللقاء سفراء عرب ومعتمدون في لبنان، عن المملكة العربية السعودية وليد بن عبد الله البخاري، تركيا مراد لو تيم، مصر علاء موسى، قطر الشيخ سعود بن عبد الرحمن بن فيصل ثاني آل ثاني، المملكة الهاشمية الاردنية وليد الحديد، فلسطين أشرف دبور، تونس بوراوي الامام، الجزائر كمال بو شامة، المملكة المغربية امحمد كرين وسلطنة عمان د. احمد بن محمد السعيدي، بحضور النواب: مروان حمادة، اكرم شهيب، هادي أبو الحسن، وائل أبو فاعور، فيصل الصايغ، النائب السابق ايمن شقير والوزير السابق عباس الحلبي، إضافة الى أعضاء مجلس إدارة المجلس المذهبي ومديري مشيخة العقل والمجلس ومستشارين. استهل الاجتماع بقراءة الفاتحة على أرواح جميع الشهداء الذين سقطوا في مناطق السويداء وجرمانا وأشرفية صحنايا على يد المجموعات الخارجة عن القانون.
وفي كلمته، قال شيخ العقل: "لقد وضعنا ثقتنا بالحكومة السورية منذ البداية، وما زلنا نأمل منها تحمُّلَ مسؤولياتها بوضع حدٍّ للتجاوزات والإساءات، وفي الوقت نفسه ناشدنا ونناشد أهلنا المسلمين الموحدين الدروز في سوريا، لعدم الانجرار إلى التنازع والفتنة، والاحتكام إلى لغة العقل والحكمة، ومدّ يد التعاون والتشارك مع إخوانهم ومواطنيهم السوريين، ومع الحكومة التي تخوض تجربة استعادة الدولة وبناء المؤسسات، فالجميع معنيُّون بالبناء وبخوض هذه التجربة التي نقلتهم من عهد الظلم والقهر والاستبداد الى عهد جديد نستبشر به خيرا. ونقول لأهلنا: فلنفسح المجال امام هذه الادارة الجديدة، كي تثبت جدارتها وتطمئن ناسها، وتزرع الثقة في مجتمعها أولا، وتعالج أمور الناس، الذين يحق لهم ان يطمئنوا أولا، فيمدوا يد العون والتعاون، لبناء سوريا الجديدة على أسس ديموقراطية من العدالة والمساواة".
وتابع :"إن الموحّدين الدروز عشيرة معروفية إسلامية عربية أصيلة، وأبناءها جديرون بإثبات وطنيتهم وعروبتهم ودينهم، بما لهم من تاريخٍ نضاليٍّ مشرِّف وبما هم عليه من مسلكٍ توحيديٍّ راقٍ، وتجذّرٍ بالأرض والوطن والتراث، وهم ليسوا ليرضوا بأيٍّ انحرافٍ عن الإسلام، الذي هو الدينُ عند الله، "إن الدين عند الله الإسلام"، ولا دين غير الإسلام، وان كان مذهبهم هو التوحيد، لكن عمقه وجذوره هو الإسلام، وإنهم يعتّزون بذلك ولا يقبلون بأيّ إساءةٍ إلى إخوانهم أهلِ السُّنَة وأبناء المذاهب الإسلامية الأخرى ولا إلى إخوتهم المؤمنين إلى أي عائلةٍ روحيةٍ انتمَوا".
واردف: "إننا ندعوكم أيها الاخوة وندعو الدول العربية والإسلامية والعالمية المؤثرة الى تحمّل مسؤولياتها في ضبط الأمور، وفي منع المخططات المشبوهة، ولجم الخطاب التحريضي، وبالفعل فقد عشنا في الأيام الماضية لحظات عصيبة نتيجة الاتصالات والمشاهد والتسجيلات التي سمعناها وأثارت المشاعر لدى أهلنا الموحدين، أكان في سوريا ام في لبنان وفلسطين المحتلة، اثارت المشاعر لكننا وبالرغم من ذلك كنا نعمل على تهدئة الشارع والخواطر وعلى تطمين الناس باننا لسنا متروكين لوحدنا انما العالم من حولنا واخوتنا العرب الى جانبنا وإخواننا المسلمون الى جانبنا ايضاً لكي ندرأ هذا الخطر وهذه الفتنة، التي كان يتوقع البعض ان تتمادى وتستمر، وتهجّر الناس من بيوتهم لا سمح الله، لكننا بالحكمة والوعي دائما نواجه الأمور، ونعتبر ان الحكمة والتعقل هما امضى سلاح واقوى درع في مواجهة أي تحدٍ".
سفير مصر
وبعد الاجتماع صرّح السفير المصري علاء موسى باسم السفراء، قائلا: "تلقينا دعوة كريمة من سماحة الشيخ سامي ابي المنى شيخ عقل الموحدين الدروز، وحضرت مجموعة من السفراء العرب والسفراء المعتمدين في لبنان، وكان محور الحديث هو التطورات الأخيرة وما تمر به طائفة الموحدين الدروز، وكانت رسالة من سماحة الشيخ، لضرورة التعقل والهدوء والبحث عن المشتركات لأنها كثيرة وضرورة البناء عليها، وضرورة التواصل والتنسيق مع السلطات، لحل هذه الأمور بشكل ودّي. لان الحوار والتنسيق هما السبيل الوحيد لوأد مثل هذه الأمور منذ البداية".
أضاف: "لقد تحدثنا كثيرا وتوافقنا، على ان الفترة الحالية حرجة، وثمة ثوابت توافقنا عليها أيضا، وهي وحدة التراب السوري ووحدة الدولة السورية، وبذل المزيد من الجهود، للتأكيد على ان الحوادث لا تتكرر في المستقبل والبديل عنها هو الحوار الدائم بين المكونات المختلفة، باعتبار الحوار كما ذكرنا هو السبيل الوحيد لحل مثل هذه الاختلافات، فكانت رسالة مهمة تبنيناها جميعا، وان شاء الله نجد لها السبيل للتطبيق في المستقبل".